-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الترميم أصعب من البناء

الترميم أصعب من البناء
ح.م

يقرّ المهندسون المعماريون بأن ترميم بناية مشوَّهة أو مخرَّبة، أصعب وأكثر تعقيدا من بنائها، لأجل ذلك تكلّف عمليات ترميم المباني العتيقة والتحف المعمارية القديمة، الكثير من الجهد والمال والوقت، وقد تنتهي إلى الفشل الذريع.

ما يحدث حاليا في الجزائر من محاولات لبعث الحياة الاقتصادية والاجتماعية في محاولة استعجالية لإصلاح ما أفسده دهرٌ من الفساد، أشبه بعمليات الترميم المعقدة التي لا أحد بإمكانه التكهُّن بنتائجها، وقد تأخذ وقتا طويلا على حساب أعصاب المواطنين، الذين يبحثون عن النتائج الآنية.

انتقاد المنظومة التربوية التي خاطتها وزيرة التعليم السابقة، نورية بن غبريط، على مقاس الجسد والكيان الباريسي، أو المنظومة الجامعية التي كان حامل حقيبتها الوزارية لا يعترف بجائزة نوبل في العلوم، لا يكفي، والاهتمام بالأمور الشكلية أو بسيطة الحل من وضع الفرنسية في مرتبةٍ دون الإنجليزية، أو إعادة البسملة إلى الكتب المدرسية، لا يعني شيئا أمام ضرورة رفع مستوى المدرسة الجزائرية المنهارة، وإعادة التربية إلى ما كانت عليه على الأقلّ في فجر الاستقلال، وجعل الجامعة الجزائرية قاطرة علم أو مُرافقا لأي نمو اقتصادي أو اجتماعي.

لا نفهم لماذا يهلّل أساتذة لوزير التربية الحالي، عندما أعاد البسملة إلى المقررات التعليمية، ولا يعِدونه مثلا بالمساعدة لأجل قبر الدروس الخصوصية التي أساءت إلى التربية والتعليم في الجزائر؟ ولا نفهم لماذا يركز آخرون على تمكين اللغة الإنجليزية، ومنحها درجة أعلى من اللغة الفرنسية في الجامعات، ولا أحد يتحدث عن المستوى الرديء الذي صارت تُقدَّم به المقررات الطبية والهندسية والاقتصادية والإنسانية للجامعيين في بلادنا، إلى أن صارت جامعاتنا على كثرتها مضرب مثل في التخلف؟

الجزائر في حاجة إلى هزة حقيقية في جميع المجالات، يتعاون فيها الشعب مع السلطة، بالتضحيات والجهد والصبر. وستتحوّل التعيينات والقرارات والاجتماعات إلى مجرد “رغي” فارغ، أو إعادة نفس الأخطاء إذا لم يكن البناء صلبا من البداية ومخططا من أهل الكفاءة، وحتى النيّات الصادقة لا تضمن أجر النجاح، بالرغم من كونها تضمن أجر الاجتهاد.

لقد طال التخريب والتشويه بنيان الجزائر المعنوي والمادي المرصوص عدة عقود، ومن الارتجالية أن نراهن على ترميم سريع، قد يطيل زمن الأزمة، ويجب الذهاب مباشرة إلى مكمن الخلل، ووضع برنامج علمي كامل، أشبه بمشروع أمة، لأجل عملية ترميم تعطي ثمارها على مراحل أو ربما عقود.

في توصيات الاجتماع الوزاري الأخير، الكثير من الكلام الجميل والوعود الوردية في مجالات اجتماعية واقتصادية، ولكنها تبقى حبرا على ورق، لأن المواطن سمع ما هو “أعطر” و”أطيب” في عقودٍ سابقة، ودفع ثمنَه تخلفا مريعا، لأجل ذلك يجب كشف كل الحقيقة للمواطنين وإعلامهم بأن المهمة صعبة جدا، وعلى الجميع تحمُّل مسؤولياته حتى نحقق قفزة، قد تكون لبنة، لبناء جمهورية جديدة ولو بعد حين.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
4
  • جزائري حر

    واش بنيتو حتى ترممو

  • Observer

    Macha Allah

  • منير

    بعد خمس سنوات وبعد انتهاء عهدة تبون ، ستتهجمون على وزير التربية الحالي وتقولون انه دمر التعليم وتعيدون نفس الاسطوانة المشروخة، لانكم تهتمون بالشكل ومخدرون اديولوجيا، حتى انتقاداتكم ليست مبنية على المعرفة وليست لكم الحلول ايضا لانكم لت تقراون اصلا، ، بل تهاجمون كل شخص لاترونه يمثلكم ولو كان على حق

  • ياسين

    كلام في الصميم..............لكن هل يعي" فخامة الشعب " صعوبة المهمة...؟؟؟ أم أنه يريد خاتم سليمان و يتحقق كل شيء في رمشة عين؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟