-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
يطلّقون الدراسة مبكرا ويفضلون التجارة ومحلات البيتزا والحلاقة والألمنيوم

التسرب المدرسي يلاحق أطفالا في المتوسط وشعارهم “اللي قراو واش دارو”

صالح سعودي
  • 1108
  • 3
التسرب المدرسي يلاحق أطفالا في المتوسط وشعارهم “اللي قراو واش دارو”
الأرشيف

أخذ التسرب المدرسي أشكالا مثيرة للقلق في المنظومة التربوية، بدليل أن عددا معتبرا من التلاميذ طلّقوا القلم والكرّاس في وقت مبكر، مفضلين خيار التوجه إلى النشاط العملي وهم في ربيع الطفولة، حيث وقفت عليه “الشروق” على عينات فضلت الانسحاب من الدراسة مع نهاية الثلاثي الأول وهي لا تزال في الطور المتوسط، ما يثير الكثير من التساؤلات وعلامات الاستفهام حول أسباب وخلفيات انتشار هذه الظاهرة التي قدرتها بعض المصادر بحوالي 7 بالمئة في باتنة، ونسب أكثر أو أقل في ولايات أخرى.

أطلق متتبعون وعارفون بالمحيط التربوي صفارات الإنذار، في ظل انتشار ظاهرة التسرب المدرسي في وقت مبكر، خاصة وان ذلك يجعل أطفالا في مقتبل العمر أمام أخطار بالجملة، وفي مقدمة ذلك ثالوث المخدرات والاعتداءات والانحرافات بجميع أنواعها وأشكالها. ولم يقتصر التسرب المدرسي على تلاميذ الطور الثانوي، بل عرف انتشارا واضحا في الطور المتوسط أيضا، ولم يتوان بعض التلاميذ في هجرة الدراسة وهم لا يزالون في السنة الأولى أو الثانية متوسط، والأكثر من هذا فإن العدوى لم تتوقف عند الذكور فقط بل تعدت إلى الإناث، ما جعل الكثير يربط ذلك بعدة أسباب، منها ضعف المستوى الدراسي لتلاميذ لم يتعد معدلهم 7، أو بسبب عوامل اجتماعية ومادية، وأخرى ناجمة عن ثنائية التأثر والتأثير، في ظل تفضيل بعض التلاميذ خيار اقتحام عالم الشغل وهم لا يزالون في مقتبل العمر، حيث أن بعضهم طلق الدراسة دون 13 أو 14 سنة، حتى أن بعض هذه الحالات حدثت وسط تشجيع بعض الأولياء أو عدم إبداء مواقف جادة من أولياء آخرين في سبيل حث أبنائهم على مواصلة الدراسة.

أطفال يفضلون التجارة والنجارة والألمنيوم بدلا من الدراسة

وانطلاقا من عدة حالات وقفت عليها “الشروق”، فقد كشفت بعض المصادر بأن ظاهرة التسرب المدرسي في الطور المتوسط بباتنة قد سجل حضوره بشكل يتطلب إعادة النظر في الأمر، خاصة وأن هناك تلاميذ هاجروا حجرات الدراسة دون أن تصل أعمارهم 14 سنة، ففي مؤسسة واحدة بمدينة باتنة فضل العام الماضي تلميذان في السنة الثانية متوسط خيار الانسحاب من الدراسة، وهذا بحجة أن معدلهما لا يحفزهما على المواصلة، بعدما حصل الأول على معدل 7 فقط، والثاني على معدل 10، ما جعلهم يقتنعون بضرورة تغيير الوجهة نحو سوق العمل، حيث اختار الأول (س.ف الاشتغال في مستودعات الألمنيوم، فيما فضل آخر (م.ب) وهو يتيم العمل في محلات البيتزا، وهذا بحجة أن معدله الذي لا يتجاوز 8، إضافة إلى وضعه الاجتماعي الذي يفرض حسبه البحث عن مصروف مادي يسوي به متطلباته. من جانب آخر، عرف نهاية الثلاثي الأول لهذا الموسم عدة حالات تصب في هذا الجانب، من ذلك أن طفلة في السنة الثانية متوسط اختارت المكوث في البيت، بحجة أن معدلها لا يتجاوز 9، وهذا في حالة مشابهة وقفت عليها الشروق مطلع الموسم الماضي، كما فضّل شتاء هذا العام تلميذ في السنة الثالثة متوسط (وهو وحيد والديه) اللجوء إلى النشاط التجاري بدلا من مواصلة الدراسة، وهذا بتشجيع من والده، على خلاف والدته التي تمنت لو واصل الدراسة، باعتبار انه ابنها الوحيد، وفي السنة الثانية متوسط، وقفت “الشروق” على حالتين فضلتا التوقف عن الدراسة، أحدهما اختار التجارة بتشجيع من مقربيه، وآخر يتيم من جهة ناهيك عن تجني مستواه الدراسي

شعارهم “اللي قراو واش دارو” والفقر ليس السبب الوحيد

وحسب حديثنا مع بعض المشتغلين في الحقل التربوي، فقد أجمعوا بان ظاهرة التسرب المدرسي تقف وراءها عدة عوامل متشابكة، حيث أن الأمر غير مقتصر على الفقر والاحتياج، كما أن الفقر والانفصال ليس السبب الوحيد، فقد ما هناك أسباب أخرى، وفي مقدمة ذلك فقدان الرغبة في الدراسة، وغياب الدافع والاستعداد في مواصلة المشوار، ما يجعل البعض يقرر الانسحاب دون مبرر، حتى أن الظاهرة مست تلاميذ يتمتعون بمستوى دراسي محترم، مثلما حدث للتلميذ (س.ج) الذي قرر مغادرة حجرات الدراسة رغم أن معدله 14، والأكثر من هذا فإنه عنصر مدلل في العائلة، وأكد البعض بان بعض التلاميذ يتأثرون بالمجتمع، خاصة حين يردد البعض عبارة “اللي قراو واش دارو”، ما يجعل الاهتمام منصب على كيفية ضمن منصب عمل للحصول على مال يسمح له بتلبية حاجياته، أو التفكير في تأمين مستقبله المعيشي، خاصة في ظل تشجيع البعض إلى اللجوء نحو التكوين المهني لاحتراف عدة مهن تدر المال، مثل صناعة الألمنيوم أو النجارة والحدادة ومحلات الحلاقة والبيتزا والحلويات والمرطبات وغيرها من الأنشطة، معتبرين أن مواصلة الدراسة تتسبب في تضييع السنين دون جدوى، مستدلين ببعض خريجي الجامعات الذين لا يزالون حسبهم يعانون من شبح البطالة، يحدث هذا في الوقت الذي تسعى المؤسسات التربوية إلى إقناع التلاميذ المنسحبين بالعودة لمواصلة الدراسة، إلا أن بعض الأولياء يرضخون لإرادة أبنائهم الذين يصرون على تطليق الدراسة في مقتبل العمر.

أكثر من 7 بالمئة تسرب في المتوسط ومساع لمكافحته رغم صعوبة المهمة

حين حاولنا الحصول على معطيات ملموسة حول هذه الظاهرة من الجهات الوصية، فقد لمسنا تحفظات ورفضا في منح الأرقام، لكن بعد عدة جهود أكدت لنا بعض المصادر أن ظاهرة التسرب المدرسي في الطور المتوسط قد بلغت في ولاية باتنة نسبة 7 بالمئة، وهي النسبة التي تزيد أو تنقص في الولايات الأخرى، في حين لا تتعدى نسبة الواحد بالمئة في الطور الابتدائي، بينما تحفظت مصادرنا عن ذكر النسب في الطور الثانوي. وتسعى الجهات المعنية إلى وضع عدة آليات لمكافحة التسرب المدرسي في ولاية باتنة، وذلك من خلال إتباع القوانين والتشريعات الواردة في هذا الباب، أهمها القانون التوجيهي للتربية المادة 12، الذي يقضي بضرورة تمدرس التلاميذ الذين لم يتجاوز عمرهم 16 سنة، وحسب مصادرنا فإن مديرية باتنة عملت على دمج جميع حالات التلاميذ المقدمة إليها الذين انقطعوا عن الدراسة قبل سن 16 سنة، مع مراسلة الجهات المعنية بضرورة تسجيل التلاميذ للدراسة، مثلما حصل مطلع هذا الموسم في مدرسة وادي الشعبة، حين تم إدماج بنتين في سن العاشرة، ولم تتمكنا من التسجيل في السنة الأولى ابتدائي، كما عملت مديرية التربية بباتنة حسب مصدرنا دائما على تفعيل الآليات التي أقرتها الوزارة الوصية لمكافحة التسرب المدرسي، من خلال معالجة أسبابه، وتعزيز الدعم والتضامن المدرسي، بناء على مجانية الكتاب ومشروع المحفظة المدرسية، وكذا توزيع منحة 3 آلاف دينار مع بداية كل دخول مدرسي لمساعدة العائلات المعوزة على اقتناء الأدوات المدرسية لأبنائها، إضافة إلى فتح باب الإعادة للتلاميذ وفقا للشروط المعمول بها، وتوفير مقاعد بيداغوجية للتلاميذ الراسبين في إطار إمكانات المؤسسات التربوية بالتنسيق مع مركز التوجيه والإرشاد، وكذا من خلال حملات التحسيس بالتوجيه نحو مراكز التكوين المهني، حيث الاتجاه نحوها لا يعتبر حسب الجهات الوصية تسربا بقدر ما هو تحول نحو التكوين قبل خوض غمار العمل.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • مواطن

    ادا ظنت ان الدراسة غالية وتستحق الجهد إذن حاول في الجهل. ، يوما سوف تندمون على قراركم عندما تمنح لكم الفرسة في الغربة ،

  • fouzia

    سلام خدمة في اليد ولا مليار شهادة نعلقوها في الحيط لكن على الاقل في الثانوي وليس المتوسط

  • جزائري

    لا قيمة مادية ولا حتى أخلاقية أو مجتمعية للشخصية المتعلمة في الجزائر. هذا ما يدركه بل يراه بأم عينه أي جزائري بما فيه التلاميذ الأطفال. هذه حقيقة وواقع اوجده السياسيون الحكام باعطاءهم الأولوية المادية والأخلاقية للتجار وحتى للصور والمفسدين. المحيط الجزائري محيط ملائم للفساد والسرقة والنهب أكثر مما هو ملائم للعلم والتعلم.