-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

التشابك الكمي لفرز المخلصين

حبيب راشدين
  • 916
  • 1
التشابك الكمي لفرز المخلصين
أرشيف

ينبغي لخصوم جبهة التحرير الاعتراف لهذا الحزب العتيد بالتفوق على خصومه بخصلة ملء “الفراغ بالفراغات” وقد حسم أمناؤه العامون كابرا عن كابر جدلا ظل يؤرق علماء الفيزياء حول طبيعة الفراغ ما بعد أفق بلانك الكمي، لأن السيد ولد عباس أعاد الجميع إلى ما قبل زمن الـ”بينغ بانغ” (الفتق العظيم) في العهدة الأولى لتمحيص المخلصين لعهد “البيغ كرانش” أو (الرتق العظيم) المتوقع مع العهدة الخامسة.

وبسرعة الضوء، انتقل السيد ولد عباس من التفاخر بالسبق في تأييد العهدة الخامسة إلى انتزاع التميز لجبهة التحرير عن بقية الأحزاب التي شاركت في التحالف الرئاسي، باتهام خصميه وشريكيه: التجمع وحمس باقتراف خطيئة مساومة الرئيس حول مقدَّم الصداق قبيل العهدة الأولى.

ومع أن الحدث يعود إلى ما قبل بداية تاريخ عهد بوتفليقة، يوم لم يكن من وجود فعلي لا للجبهة ولا لبقية الكائنات المجهرية، كانت العشرية السوداء قد فككت خلاياها الجذعية، قبل أن تصير علقة ومضغة وعظاما تراهن على عهد بوتفليقة ليكسوها لحما وشحما، فإن ذاكرة الرحم المشترك ما تزال حية عند خلايا حمس والتجمع، وقد انتفضت لدفع التهمة، وكأنها تتبرأ من حق مكفول في جميع الديمقراطيات للأحزاب حين تراود عن نفسها لدعم مرشح.

وبقدر ما قد يؤخذ على ولد عباس الطعن في حق غريميه في التفاوض المسبق على ثمن الدعم، لا نفهم لماذا انتفض السيد مقري ليدافع عن شيخه المغفور له نحناح الذي لم يكن كما قال: “رجل مساومة” بل يكون “قد  تنازل عن حقه في رئاسة الجمهورية”، كما لا نفهم كيف اجتهد أساطين التجمع لصرف التهمة عن أويحيى وإلباسها لبن بعيبش الذي قال: إنه ساوم لصالح الحزب.

وسواء كان ولد عباس يعلم أم لا، بتشجيع وتفويض فوقي ملحّ، أو بمبادرة شخصية يوظف لها تقنية الحاطب بليل، فإنه يقدم اليوم خدمة جليلة للنظام بـ”ملء الفراغ بفراغات” ما دامت الكائنات المستقبلة لرسائله (أو كما يراها) هي محض كائنات افتراضية لها من الحضور ما كان للمخلوقات خلف أفق “زمن بلانك” حيث لم تكن المادة والطاقة والزمن “شَيْئًا مَّذْكُورًا”.

هذا الحال وحده يكفي للحكم على المشهد السياسي بالعدم، وقد صار محض صدى صوتيا متحجرا، هو أقرب إلى رميم الضوء الكوني المتحجِّر الشاهد على زمن الفتق العظيم الذي يعول عليه علماء الفلك لكتابة تاريخ عالم الشهادة، وقد علمنا من السيد ولد عباس أن مدار الأمر في بداية تاريخ عهد الرئيس (زمن الفتق) قد توقف عند مساومة سريعة بين كيانات كمية متشابكة، حول المنزلة بين المنزلتين بعد العبور، إذ يعلمنا قانون التشابك الكمي (intrication quantique) أن الوجود يحتمل منزلتين متشابكتين للكمونات، هي في عالم السياسة: إما النزول الآمن بحضرة السلطة وحقلها المؤمِّن للريع من الطاقة، أو السقوط الحر في حقل المعارضة العادم للوجود.

وكما هو معلوم عند علماء الفيزياء، فإن قانون الجاذبية لا يشتغل سوى بين مكونات العوالم الكبرى، ولا حضور له في زمن العوالم الكمية الدقيقة، ولذلك حق لكمونات للتجمع وحمس التفاوض على الحصة من الريع قبل العبور، وليس التعويل على قانون الجاذبية الذي لا يشتغل بعد أن يُقضى الأمر ويستلم صاحب العهدة عهدته.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • Bourfis Nour-eddine

    Un Article tres bien ecrit et refflechit entre autre ,rattache a des Notions de Physique ou vous nous incitez a faire reviver notre Matiere Grise .merci encore et restez nous fidel,,comme nous le restions.