-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

“التطبيع” الأمر الواقع في السودان!!

“التطبيع” الأمر الواقع في السودان!!
ح.م

الطريق أصبح واضحا في السودان، بعد التقسيم الذي أنهى عنوان أكبر دولة أفريقية مساحة، ولملمة أوزار “حرب أنانيا” التي انطلقت كأول عصيان مدني في جنوب السودان عام 1955 دون الوصول إلى ترتيبات إدارية رغم اكتشاف الأسباب الحقيقية للب صراع تجدد بوتائر أكثر عنفا، كان هدفها إقرار نظام فيدرالي يمنح الجنوب وضع إنشاء دولة فيدرالية أخذت فيما بعد وضعا انفصاليا.

كان السلام أبعد ما يكون في السودان، فالانهيار يدك اتفاق كل سلام كان يبرم، حتى أضحت “حرب أنانيا” وكأنها الأداة الدائمة في إدارة صراع أهلي لم يتمكن أحد من حسمه في عقود ماضية، كانت أكثر انتشارا وأكبر تدميرا وأقوى إصرارا على التقسيم، والنظام الرسمي العربي كان مجرد متفرج على حدث يتعاظم.

النفط الذي يسبح فيه جنوب السودان، هو سر الإصرار على حسم صراع أهلي سعت إدارة ألبيت الأبيض إلى تدويله.

“شيفرون” اكتشفت النفط في جنوب السودان عام 1978، ووضعت باكتشافها حدا للصراع التقليدي على الماء في جنبات الصحراء الكبرى ونصبت مواقع صراع آخر لم تعرفه ألمنطقة من قبل، ودفعت السلطات السودانية أنذاك إلى رسم الحدود الجغرافية لاستبعاد أماكن احتياطيات النفط من التشريعات في الجنوب بشكل فجر الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب التي استمرت 21 سنة، حتى تحرك النزاع بعد ذلك جنوبا نحو عمق السودان وتحديدا في أراضي المستنقعات التي تشكل منابع النيل وتقع بعيدا عن مناطق الصراع التاريخية على الماء.

شركة شيفرون هي من أكبر شركات البترول العالمية والعاملة في مراحل صناعته كافة، تمكنت من جمع ثروتها بمساندة الجنرال فرانكو خلال الحرب الإسبانية والحرب العالمية الثانية، وبعد أن اقتطعت أكبر حصة لها من منابع البترول السعودية أصبحت الشريك الأول للأحزاب السياسية في الولايات الأمريكية، وظلت من ذلك الوقت تسعى دائما كي تكون إنعكاسا للرؤية الأمريكية التي ترسمها إدارة البيت الأبيض، ولهذا رعت الدراسات الداعية إلى غزو العراق، قبل أن تسيطر على حقوله النفطية كما ترعى التوجهات السياسية لمعالجة الوضع السوداني السابح في بحيرات نفطية.

استمر الصراع في السودان حول المشاركة في السلطة، وتحديد الهوية القومية، وتوزيع الثروات واقتسام الموارد الطبيعية، منذ ظهور النفط الذي فجر أزمة التصفيات العرقية، والفوضى والفقر والخراب.

 فشل نظام الرئيس المخلوع عمر البشير في معالجة أزمة الصراعات الداخلية في السودان سياسيا، وإيجاد قاسم مشترك، بين مكونات مجتمع يتنوع بين العربية والأصولية الإسلامية والأعراق الإفريقية والمسيحية، حتى وجد نفسه مطلوبا للوقوف في قفص المحاكم الدولية، بتهمة فرض سياسة استيعاب قسرية لتحقيق تجانس مجتمعي مستحيل.

كاد الشعب السوداني أن يختنق، في ظل حصار دولي، وهو يحمل أعباء حروب أهلية استنزفت كل قدراته، ووضعته تحت سقف الفقر، أمام تجاهل النظام الرسمي العربي لما يعانيه السودان المدرج في قائمة الدول الداعمة للإرهاب، وغلق أبواب التواصل معه.

حصيلة مأساة كبرى جنى السودان مساوئها، دعته إلى اختيار مسار آخر بعيدا عن النظام الرسمي العربي الفاشل في تطبيق قواعد وميثاق العمل المشترك، ذاهبا دون رجعة نحو التطبيع مع “الكيان الإسرائيلي”، غير آبه بمبادرة السلام العربية في الشرق الأوسط، ضامنا دعم المجتمع الدولي، بعد ما يئس من دعم عربي مفقود.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • السعيد

    يا سيد كناني العربي الجميل ان كل دول مجلس التعاون الخليجي العربي -الذي تتراسه المملكة العربية السعودية بلاد الحرمين وارض التوحيد - طبعت منذ امد طويل مع الكيان الصهيوني الامارات العربية والبحرين وسلطنة عمان وقطر وكذلك الاردن ومصر والسودان ولبنان -نصف سكان لبنان يعنرفون باسرائيل -

    كما لا ننسي بهذا الصدد حزب النور السلفي المصري الذي يعنرف بدولة اسرائيل وبييهوديتها كذلك وهذا امر معلوم ومشهور
    في الاخير علينا نققرا الفاتحة علي موت العرب والاعراب والعربان -خيانتهم- وعلي فلسطين المسكينة التي فرط فيها العربان

  • دونا

    علي الجميع ان يركع لاسرائيل وامريكا والا الويل ثم الويل له
    وقد اعطانا مثالا حيا علي ذلك في الركوع والخنوع والاستسلام -العرب يسمون الذل والهوان والاستسلام سلاما - وخير دليل هي الدول العربية الخليجة الامارات العربية البحرين السعودية سلطنة عمان والاردن ومصر ولبنان المتصهينة
    لم يبقي الا ثلاث دول ترفض التطبيع الا وهي اللجزائر الصومال سوريا فقط