-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

التطبيع الناعم!

قادة بن عمار
  • 1999
  • 2
التطبيع الناعم!

 الضجّة الكبيرة التي أثارها ظهور ممثل مصري مع فنان صهيوني قبل أيام ليست ضجة عادية تماما، بل هي خطوة في مسار التطبيع الذي يراد له أن يتحول في الآونة الأخيرة إلى خبر عادي في نشرات التلفزيون، وإلى مجرّد فعل طبيعي في يومياتنا.

نقول هذا الكلام بعدما شاهدنا تبني بعض دول التطبيع للممثل المصري محمد رمضان والذي يعدّ في بلده رمزا للشباب، أو هكذا يقدم إعلاميا على الأقل، فهو قد انطلق من الصفر، منتقلا بإرادته من عالم الفقر إلى عالم النجومية، لكن من الواضح تماما أنه يجري حاليا استغلالُ صورته، واستعمال شعبيته وتأثيره على الشارع المصري من أجل تمرير قرار التطبيع بشكل ناعم، الأمر الذي يبرر ترتيب لقائه بفنان صهيوني والتقاط صورة معه ثم إثارة الجدل عبر الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي بين موافق ورافض، لجسّ النبض أولا، ولمعرفة ردود الفعل لدى عامة الناس ثانيا، موازاة مع تحويل القضية برمتها من مرفوضة تماما أو من حيث المبدأ، إلى قضية عادية جدا ومطروحة للنقاش.

يدرك فريق التطبيع في العالم العربي أن لقاء أيّ فنان أو رياضي مشهور بممثل عن الكيان الصهيوني يعدّ أخطر تعبيرا وأبلغ دلالة من جلوس أيّ مسؤول عربي إلى جانب رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، فمقابلة هذا الأخير باتت أمرا عاديا جدا، لا بل إن التطبيع الرسمي برمته لم يتغير شكلا ومضمونا، ماعدا الانتقال من السرية إلى العلنية، لكن تمريره عبر صورة ممثل مصري مشهور، وقد يتلوها غدا استضافة فنان صهيوني للغناء في عاصمة عربية، يعدّ أمرا مغايرا، ومحاولة جادة للتطبيع الثقافي والشعبي والرمزي.

ماذا فعل الإسرائيليون باتفاقهم مع السادات ثم مع الملك حسين وحتى مع العرب مؤخرا؟ لا شيء، بل إن تلك الاتفاقيات لم تغيّر قيد أنملة في مشاعر الغضب والانتقام والعداء للصهيونية، مما يجعل التطبيع الحقيقي يتم على مستوى آخر هذه المرة، مستوى يريد من خلاله البعض تحويل كلمة “إسرائيل” إلى كلمة عادية في إعلامنا، أو أن يدفعوا بالصهاينة ليصبحوا ضيوفا دائمين على برامجنا وأخبارنا.

حتى الآن، لم يستطع أيّ فنان أو رياضي عربي المغامرة بنفسه والجلوس مع الصهاينة، وإن فعل، تم نبذُه ودفع الثمن غاليا، ناهيك عن تصنيفه ضمن شواذ القاعدة، أمرٌ ما يزال يحزّ في نفوس المطبِّعين والمهرولين، بشكل لن يرتاحوا معه حتى يغيِّروه أو يجعلوه قابلا للاختلاف وليس مبدءا ثابتا.

لهذا نقول، إن التقاط ممثل مصري، مهما كان تافها أو مهما، لصورة مع أحد مغني الكيان الصهيوني ليس صدفة أو مجرد أمر عادي، بل يجب الانتباه إلى مثل هذه الخطوات جيدا، تماما مثلما يجب الانتباه إلى أي خطوة يقوم بها البعض نحو التطبيع الثقافي والرياضي مع العمل على تحويلها إن حصلت، إلى شتيمة تلاحق صاحبها، أو تهمة يحاكَم عليها ولو شعبيا وأخلاقيا، وأن تبقى عارا لا يمحوه زمانٌ ولا مكان.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • نمام

    ماذا يساوي هذا مما يفعله امير الامارات و الملك السعودي الذي سيصبح خادم الحرمين و الاقصى الذي سيصلى فيه بخاخام صهيوني ونتمنى امام سعودي في تبادل بدعواتهم على المقاومة وغزة انهم يدمرون المناعة السياسية ونلتفت البرادعي وعمرو موسى و دحلان ورؤساء دول وامين الجامعة العربية الممثل المصري لا حزب له و لا جيش ولكن مسخر في كرنفال التطبيع تحمل لواءه هذه الوجوه التي نتعامى و نتغافل عنها لذا لا نكيل بمكيالين طبعا ندين التطبيع بصرف النظر عن المرتكب و المكان ولذا علينا ان نحافط على بعض الحصى لمن يستحقونه ايضا في قريب عاجل

  • رزاق

    وماذا ينتظر من كيانات صهيونية مستحدثة على ارضنا العربية