-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

التطوير عبر التثوير

عمار يزلي
  • 393
  • 2
التطوير عبر التثوير
ح.م

الرهان الحكومي على التسريع بوتيرة التنمية المتباطئة من جراء الجائحة، يرتبط عضويا بالرغبة في الاستقلالية عن متلازمة: الخارج والمحروقات، وهو ما يتطلب الدفع بكل القوى المحلية الفكرية والمادية والمالية والخبرات والتسيير والحوكمة، ولكن أكثر: الرغبة والعمل على تحقيق مشروع التنمية المستقل والمستقبلي بعيدا عن سياسات السابق التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه.

وعليه، بات في حكم الوجوب اليوم العودة إلى بعض السياسات المنتهجة في بداية السبعينيات مع تجديد نمط وطريق التسيير وآلياتها، في ضوء المتغيرات الجديدة.

أول فكرة إستراتيجية تعمل الحكومة اليوم على تجسيدها بدون التصريح بها علنا هي العودة إلى سياسية “التصنيع الصناعي الزراعي”، عبر نظرة “ديبرنيس” التنموية وفكرة “الصناعات المُصنِّعة” كونها عصب الاستقلال عن الخارج والتبعية للغرب. هناك أربعة قطاعات ينبغي أن ترتبط ببعض ضمن هذا المشروع الطموح: الصناعات التحويلية المنجمية، التحوُّل الطاقوي، النقل البري عبر خطوط السكك الحديدية، الصناعات الميكانيكية، بما فيها صناعات السيارات النفعية والسياحية. يضاف إلى هذه القطاعات، تطوير قطاع الذكاء الاصطناعي في كل المجالات عبر الرقمنة وتغيير قواعد التسيير والتحكُّم والمراقبة. هذه القطاعات، إذا خطط لها للإقلاع، ستجرُّ معها حتما طلبا متزايدا في شركات المناولة الخاصة والعامة في كل المجالات لمرافقة تطوير هذه القطاعات بما فيها قطاع السياحة والصناعات التحويلية الخفيفة التي ستتماشى مع التنمية الفلاحية ومستوياتها وجغرافية انتشارها: شمالا وجنوبا وسهوبا.

ولأن قطاع النقل بالسكك الحديدية يوفر مناصب عمل بالآلاف، ويمكِّن من ربط الشمال بجنوبه على أكثر من محور: شرق وغرب ووسط، فإن هذا الخرق، بإمكانه خلال فترة ليست بالطويلة من إحداث اختراق في القارة الإفريقية عبر هذه الخطوط الحديدية التي ستُموَّل ذاتيا من خلال الصناعات المعدنية التحويلية الثقيلة، خاصة بعد تطوير الصناعات المنجمية متعددة المعادن والمصادر. دخول مؤسسة الجيش الوطني في مرافقة وتسيير بعض القطاعات الثقيلة كالنقل والتصنيع الميكانيكي وأيضا في النقل البري وحتى البحري، سيمكِّن من إعطاء قوة دفع كبيرة في التسيير العقلاني للموارد والتسريع في وتيرة الإنجاز والإنتاج على حد سواء، لما هو معروفٌ عن المؤسسة من انضباط وقدرة التحكم والتسيير العقلاني والآمن للمقدرات الوطنية.

يبدو أن هذا ما تحاول الدولة أن تقوم به تدريجيا وفي المنظور القصير القريب، وهذا من شأنه أن يقلل من الاعتماد على الاستيراد في أغلب المواد، ويبلور الفكر الذاتي الإنتاجي المحلي وتثمين قدراتنا التنموية وكفاءاتنا الداخلية العلمية والخبراتية، مما يزيد في قدراتنا على التحكم في كل مفاصل اقتصادنا وصناعة قرارنا السيادي، بعيدا عن كل أشكال التبعية والضغوط والهيمنة والإملاءات. كما أن ذلك سيقلل من صرف عائداتنا النفطية والاعتماد عليها في دفع مستحقات استهلاك نحن في غنى عنها، سنوفرها في تطوير مجالات أخرى إن نحن وجَّهنا هذه الموارد المالية لإقلاع تنموي وطني شامل.

خلق سكك نقل بالسكك الحديدية مع تطوير الشبكة الحالية وربطها بالطاقة الكهربائية، وأيضا تطوير وفتح خطوط برية وجوية، من شأنه أن يسهِّل الاستثمارات في الجنوب والسهوب والانتشار العمراني والتدفق على المناطق الأقل كثافة سكانية والأقل تنمية ومن التخفيف عن ضغوط التكتل في التل وتجنب كل المشاكل الاجتماعية الناجمة عن الكثافة غير المتجانسة للسكان من أصل 2.4 مليون كلم مربع، أكثر من 85% من أصل 45 مليونا من ساكنتها يتكدسون في 10% من مساحاتها القارية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • كمال

    لا بد من توفر النيات الحسنة اولا
    لا بد من وزراء وحكام طاهرين انقياء ليسوا تابعين لاي جهة خارجية سواء فرنسا او امريكا او غيرها
    علينا مراجعة انفسنا ومعالجة الذهنيات البالية والقديمة والتخلص من الانتهازيين والدجالين وغيرهم

  • لزهر

    نحن كثيرون في المدن
    و الغذاء يبعد عنا ألاف الكيلومترات في الصحراء
    النقل الفوضوي و العشوائي و الأحتكار للسلع من طرف الخواص هو السبب في غلاء هذه السلع

    غياب شبه كلي للحكومة
    التي لم تتبع سياسة محترفة للنقل و المراقبة و التنسيق بين المنتجين.
    أي توزيع السلع بأنتظام شرق غرب و سط .
    لا توجد متابعة و إحصاء.