-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

التوافق على التوافق!

جمال لعلامي
  • 469
  • 0
التوافق على التوافق!
ح.م

عاد هذه الأيام، وسط الطبقة السياسية، أو جزء واسع منها، الحديث عن ما يسمى “مرشح التوافق”(..)، وبدون شكّ فإن الأسئلة التي يطرحها البسطاء بكلّ ذكاء: التوافق بين من ومن؟ ولماذا التوافق وليس الإجماع؟ وهل التوافق هو الحلّ فعلا؟ وهل هناك رجل توافق فعلا وقولا وعملا؟ وهل التوافق هو مخرج النجدة؟ وماذا يعني التوافق بالنسبة للمترشحين الراغبين الذين سحبوا استمارات التوقيعات؟ هل هو تنافس أم ضربة استباقية؟

الكثير من الإسلاميين والوطنيين والديمقراطيين فضلوا إمساك العصا من الوسط، محافظين على خط الرجعة، وحتى إن أعلن بعضهم عدم الترشح، لكنهم أكدوا أنهم لا يحرضون على المقاطعة والممانعة، وأنهم يفضلون المسار الانتخابي كحل ومخرج وحيدين للأزمة السياسية التي تعرفها البلاد منذ عدّة أشهر، وهو ما يفتح الأبواب أمام مختلف التكهنات والمفاجآت!

بغضّ النظر عن الأسماء والشخصيات والوجوه المطروحة وغير المطروحة، يصطف سياسيون ومخضرمون و”مهادنون” وراء “مبادرة التوافق”، دون أن يطرحوا اسما بعينه، ودون أن يروّجوا لشخصية معينة، ودون أن يرفعوا أسهم وجه من الوجوه التي يعتقدون ولو في السرّ والكتمان، بأنها قد “تصلح” للمرحلة الراهنة والقادمة من أجل تجاوز المأزق!

كلّ المؤشرات والمعطيات تشير بالبنان إلى اتساع دائرة “التيار التوافقي”، ومن بين ما يُحسب لهذا التيار المتنامي خلال الأيام الأخيرة، والذي يعرف نموّا سريعا، برأي مراقبين، هو أنه يدعم مواقف ومرافقة مؤسسات الدولة للمسار الانتخابي وعمليات التغيير المتوالية وكذا محاربة الفساد، ويكفر بما تسميه ثلة استعراضية بالمرحلة الانتقالية والمجلس التأسيسي!

من الطبيعي أن ينتصر التوافق، عندما يكون اتفاقا حول ضرورة إخراج البلد من أزمته، والتصدّي لمحاولات التدخل الأجنبي، ومواجهة بقايا العصابة، ويتمّ أيضا الاتفاق على الحلّ الدستوري والحوار ورفض الأفكار الدخيلة والهدامة والمغامرات الانتحارية التي يريدها هواة “الكوطة” والتعيين حلاّ أبديا و”فيتو” لا يسقط بالتقادم!

التوافق لا يعني شخصا بعينه، بقدر ما يعني التوافق حول الحلّ المقبول والمعقول، ويعني عزل الكمشة “الباغية” التي عملت طوال السنوات الماضية على فرض إرادتها الظالمة على الأغلبية، والتي حوّلتها للأسف من ساحقة إلى مسحوقة، وجعلت من الصندوق مجرّد ديكور في الانتخابات، وكفرت بالإرادة الشعبية والاختيار الحرّ، ما لم يكن لحسابها ولو بالتزوير!

لا يُمكن لأي طرف أن يقف ضدّ التوافق، إذا كان في خدمة البلاد، وتحت تصرّف العباد، حتى وإن كان مخرجا اضطراريا، لهؤلاء وأولئك، وفي حال حصل التوافق على التوافق، فإن المجموعة الصوتية التي تغرّد خارج سرب الانتخابات وسيادة “فخامة الشعب” وتعمل على ليّ ذراع الجميع، ستجد نفسها خارج التوافق والاتفاق وبلا رفاق ليقضي عليها الشقاق!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!