-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
المواد الغذائية الجزائرية تلقى رواجا في السوق التونسية

التونسيون يستغلون فارق العملة للاستفادة من المنتجات الموجودة في الجزائر

سمير مخربش
  • 5807
  • 0
التونسيون يستغلون فارق العملة للاستفادة من المنتجات الموجودة في الجزائر
ح.م

حول العديد من التونسيين الجزائر إلى صحن كبير، منه يأكلون وبه يسترزقون، فلم تعد تشغلهم إلا المنتجات الموجودة في الجزائر والتي اتسعت دائرتها إلى المواد المستوردة والمحلية سواء كانت لها علاقة بالالكترونيات والخردوات والملبس والمأكل والمشرب، وامتد الأمر حتى إلى البيض الجزائري الذي أصبح يسوق في تونس رفقة أي شيء قابل للاستهلاك مثل كعك وحلوى الأطفال.

التونسيون يسوقون منتجا سياحيا تونسيا، لكنهم يستهلكون جزائريا، هذه هي الحقيقة اليوم التي اتسعت لتشمل كل شيء يأتي من وراء الحدود الجزائرية فيستقبله المستهلك التونسي بالتهليل والترحاب، فحسب بعض التونسيين الذين التقيناهم بالعلمة فإن تونس لم تعد مثلما كانت عليه في السابق، ويقول أحدهم بعد الثورة “برشة” حاجات تغيرت وفي مقدمتها القدرة الشرائية للمواطن التونسي الذي لم يعد قادرا على شراء أبسط الأشياء بما فيها المواد ذات الاستهلاك الواسع.

هذه الوضعية دفعت بالتونسيين الى اقتناء كل ما هو قابل للاستهلاك من الجزائر إلى أن وصل الأمر إلى قيام التونسيين بإحدى أغرب عمليات الاستيراد والمتمثلة في إخراج البيض الجزائري في الدلاء لبيعه في تونس، حيث يقوم التونسيون الذين يزورون الجزائر باقتناء البيض الجزائري وتكسيره ليوضع في دلو قابل للغلق، ثم يشحن باتجاه تونس، أين يسوق بأسعار أرخص من البيض التونسي، هذه آخر صيحة للتونسيين الذين تهافتوا على كل ما هو موجود في الأسواق الجزائرية، وحتى الكعك المخصص للأطفال والذي يقدر سعره في الجزائر بـ10 دج وجد فيه التجار التونسيون ملاذهم فحولوه إلى بضاعة تصدر إلى تونس لتلقى استهلاكا واسعا فتباع القطعة الواحدة بـ300 مليم تونسية وهو سعر أقل بكثير من سعر الكعك التونسي الذي يتجاوز سعره 1 دينار تونسي ويصل أحيانا إلى 2 دينار. ونفس الشيء بالنسبة لعلب العصير المخصصة للأطفال والتي يقدر سعر الوحدة منها بـ10 دج جزائري فتجد رواجا في تونس بأقل من 1 دينار تونسي، وكذلك بالنسبة للعصائر والمشروبات الغازية التي تنتج في الجزائر بكميات هائلة ونوعيات مختلفة، هذه العصائر فتحت الشهية للتونسيين ليقوموا بتحويلها إلى تونس وتسويقها بأسعار أقل من العصائر والمشروبات التونسية.

الحقيقة المرّة

إذا كانت المشروبات الجزائرية معروفة على المستوى الوطني والتي تصنع في الجزائر العاصمة وفي بجاية وسطيف وغيرها من الولايات، فإن التونسيين لا يشترونها من المصنع بطريقة علنية، ما يعني أننا لسنا أمام عملية تصدير منظمة وما يترتب عنها من جباية وضرائب جمركية، بل كل العمليات تكون بطريقة فوضوية تحول من خلالها المنتجات الجزائرية عن طريق “الكابة” وترحل عبر الحافلات والسيارات السياحية، فتلك الرحلات التي تنطلق من تونس باتجاه الجزائر لزيارة سوق دبي بالعلمة وسوق عين امليلة وغيرها من الأسواق بهدف شراء الملابس والالكترونيات والأواني والأثاث لم تتوقف عند هذا الحد، بل اقتحمت عالم المواد الغذائية من الباب الواسع، فكل ما يؤكل في الجزائر له زبائنه تونس، لكن للأسف هذا لا يعني أن هناك تطورا في الاقتصاد الجزائري الذي يبدو ظاهريا أنه أصبح قويا بتصدير المنتجات إلى تونس، بل الحقيقة المرة أن كل ذلك لا علاقة له بانتعاش الحركة الاقتصادية، بل هو مرتبط بأمر واحد فقط وهو العملة التونسية التي لها قيمة أفضل من العملة الجزائرية، فالدينار التونسي يعادل 6 دنانير جزائرية وقد سجلت العملة التونسية منذ أيام فقط ارتفاعا ملحوظا وأصبح الدينار التونسي يعادل 6.5 دج ومرشح للعودة إلى سابق عهده لما كان يعادل 7 دنانير جزائرية. وهي الوضعية التي استغلها التونسيون فينزل الواحد منهم إلى الجزائر بمبلغ 1 مليون تونسي فيحوله إلى 6.5 مليون سنتيم جزائري وهي بالنسبة للتونسي كنز يسمح له باقتناء العديد من المنتجات التي لا يمكنه أن يحصل عليها في تونس بنفس القيمة.

الاقتصاد الجزائري.. الخاسر الأكبر

ومن يقوم حاليا بجولة في طبرقة أو القيروان أو باجة وكذا تونس العاصمة يمكنه أن يجد المنتج الجزائري يسوق في محلات لبيع المواد الغذائية وحتى في طاولات تعرض في الأسواق التونسية، ويجدها مواد مختلطة بين الكعك والمشروبات والحلوى وغيرها من المواد، لكن منها ما دخل إلى تونس بالطريقة الفوضوية المذكورة أي تجارة الشنطة، التي تتنقل على متن الحافلات والسيارات ومنها التي تدخل بكميات أكبر عن طريق التهريب، فتدخل تونس عبر الجبال والطرقات الريفية، وفي كلتا الحالتين الضربة موجهة إلى الاقتصاد الجزائري، لأن هذه المواد تخرج من الجزائر دون ضرائب ولا جباية، كما أن المُصنِّع الجزائري لهذه المواد لا يستفيد من هذا التصدير الفوضوي، بل لا يعلم أصلا بأن منتجاته تسوق خارج الوطن. والكارثة تكون أعظم لما يتعلق الأمر بالمنتجات المدعمة من طرف الدولة والتي لها صلة مباشرة بالمواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع. وحتى المستورد الجزائري الذي يتنقل إلى الصين ويقوم بإجراءات الاستيراد والتوطين ويدفع كل مستحقات الشحن والجمركة وينتظر بضاعته مدة ثلاثة أشهر لتقطع البحر وفي نهاية المطاف يجد نفسه أنه قام بكل هذه العمليات لصالح البائع التونسي الذي يسوق نفس المنتج دون عناء ولا تعقيدات ضريبية ولا جمركية.

وفي كل الأحوال، فإن استفادة التونسيين من المنتجات الجزائرية ليس بالأمر الجديد، فمنذ سنوات والتونسيون يقتنون دقلة نور الجزائرية ويقومون بتعليبها وتصديرها إلى آسيا وأوروبا على أساس أنها إنتاج تونسي، لتبقى الخسارة تلاحق المُصنِّع والمستورد في الجزائر ومعهما الخزينة العمومية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!