-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

“الجابوني” وانتفاضة “الورقلي”!

محمد حمادي
  • 2922
  • 14
“الجابوني” وانتفاضة “الورقلي”!

ما إن تناهى إلى مسامع سكان ورقلة إقامة حفل غنائي بمدينتهم تحت شعار “لنفرح جزائريا”، حتى ركب رواد مواقع التواصل الاجتماعي على اختلاف مستوياتهم التعليمية وأرصدتهم الثقافية ومشاربهم الفكرية الموجة، ليثيروا قضية جوهرية للنقاش، اسمها ضبط أجندة تسيير الشأن العام عبر ترتيب الأوليات، مشفوعة بسؤال نابع من حياة الغبن التي يكابدونها يوميا: ما الجدوى من صرف الملايير على حفلات غنائية ونحن نعاني على كافة الأصعدة؟
سكان ورقلة الذين نزلوا إلى الشارع زرافات ووحدانا، رافضين إقامة الحفل الغنائي، ليس معناها أنهم متأخرون اجتماعيا أو ليس لديهم ذوقا أو هم ضد الفن، بل من انتفضوا ضد هذا الوضع البائس على قدر كبير من الوعي، بدليل أنهم لم يجنحوا إلى مظاهر العنف والتخريب، بل قدموا صورة راقية عن الجزائري الذي يوصل همومه وآهاته للسلطات بطريقة حضارية؛ فأدوا صلاة العشاء جماعة على مرأى ومسمع رجال الشرطة، في ساحة مقابلة لمسرح الهواء الطلق الذي كان مقررا أن يحتضن الحفل.
الشارع الورقلي لم ينتفض ضد الحفل ولا ضد شخص “كادير الجابوني” الذي كان من بين المدعوين للغناء، بل عبّر عن وجهة نظره بطريقة حضارية، معلنا رفضه لتنظيم هكذا حفلات كونها ليست أولوية لدى ساكنة الولاية، بل هناك أمور أخرى غاية في الأهمية يجب أن تصرف عليها السلطات الأموال لتحسن الإطار المعيشي للسكان.
لكن لماذا نميّع في كل مرة المطالب المشروعة ونلصق بأصحابها تهما لا أساس لها من الصحة؟ كيف يفرح المواطن الورقلي المغلوب على أمره والماء ينقطع عن الحنفيات لأسابيع، وقنوات الصرف تتدفق منها مياه القذارة لتُصدّر روائح كريهة تزكم الأنوف؟ كيف يكون سعيدا والكهرباء تنقطع مرارا وتكرارا لتعمّق معاناته في ظل جحيم الحرّ الذي يحبس الأنفاس ويهلك الأبدان؟ كيف يكون للحياة معنى وسكان هذه المناطق محرومون من أبسط فضاءات التسلية والترفيه، حتى أصبح إنجاز مسبح أو ملعب جواري للأطفال حلما بعيدا المنال؟
كيف يتمتع سكان ورقلة باغاني “أنت سبابي” و”ماما مية”..والبوحمرون ما زال يفتك بالبراءة في البلديات النائية؟
من حق القائمين على شؤون الثقافة والفن أن ينظموا حفلات غنائية للترويح عن الأنفس المضرجة بالهموم، لكن سكان ورقلة لم يكونوا ضد الفكرة بل طالبوا فقط بترتيب الأولويات في أجندة تسيير الشأن العام، مقترحين خفض فاتورة الكهرباء وتشييد مستشفيات محترمة تقدم خدمات طبية راقية لمرضى المنطقة.
وحتى “كادير الجابوني” الذي كان مبرمجا ليغني في هذه التظاهرة الفنية، خرج ليؤكد أمام الجزائريين أنه لم يكن مستهدفا من قبل الورقليين، متفهما ردّة فعلهم هذه.
باختصار، فإنّ سياسة التسيير العرجاء ساهمت في إحباط معنويات المواطن، الذي تحوّل إلى كتلة ملتهبة تنبعث منها حمم الغضب لتقذف كل من صادفته في طريقها، على وقع حالة من التذمر والاستياء التي تملكت العقول وغزت الأنفس، مؤرّخة لفصل من فصول اليأس والقنوط الذي لم تكتمل حلقته الأخيرة بعد؛ فأصبح المسؤولون المحليون في واد والمواطنون في واد آخر، وكأن الجميع من كوكب آخر لا يتقاسمون الرقعة الجغرافية ذاتها، فقتلوا الفرح في الأفئدة ووأدوا كل موعد للغبطة في المهد قبل أن يخرج إلى العلن.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
14
  • حيران

    هل أبناء المسؤولين تحصلوا على جوائز نوبل ....؟؟؟ ما كلاوش القرنينة و السلق و طعام الخروب

  • MUSTAPHA

    الجنوب يعاني الكثير من التهميش...حتى في كتابة التاريخ

  • azzedine

    انا اؤيد سكان ورقلة الشرفاء و اقول لهم حتى بعد توفير جميع المطالب المرفوعة فلا نحتاج حفلات لمطربي البارات هناك نطربين محترمين و يمكن سماعهم حتى وانت برفقة عائلتك اما هؤلاء فلا نريدهم في بلاد الشهداء

  • العباسي

    معضمهم صلى بدون وضوء و فيهم تارك الصلاة سيناريو مفبرك

  • وناس فرنسا

    قامت الدنيا ولم تقعد عندما شباب وسكان ورقلة يرفضون تنظيم حفل بهدؤ وبأسلوب وسلوك المتحضرين
    قالوا لسنا في حاجة للغناء والسهرات فالوقت غير مناسب ولا السهرات المبرمجة من أولوياتنا قالوا نريد ماء
    لا ينقطع من الحنفيات نريد عمل لشباب نريد التوزيع العادل لثروات البلاد نريد مسبح ولا ئي كبير مثل المسابح
    الموجودة في بلديات أخرى نريد ملعب معشوشب مستشفيات نريد بنية تحتية تليق بمستوى ورقلة أغنى ولاية في الوطن هذه مطالبهم وـعلنوها جهار ا أنهم ليسوا ضد الغناء ولا المغنيين الذي كانوا مبرمجين للغناء في تلك الليلة أما تخويفهم بالعشرية السوداء والحزب المحظور فهذا قرص مشلوخ وقصة لا تنطلي على أحد

  • Radia

    و الله فعلوا خيرا أخواننا في ورقلة، كما يقول المثل الشعبي إذا شبعت الكرش تقول لراس غني، و توفير سبل العيش الكريم من ماء، كهرباء، صحة، فضاءات للراحة و الإستجمام ، فضاءات للأطفال ... خير من هذه الحفلات التي لا تسمن و لا تغني من جوع للمواطن المغبون.

  • البشاريون أول من رفض الحفلات والبذخ

    الخبر فيه انتقاص لسكان بشار فهم أول من تظاهر ضد السهرات الغنائية التي أقيمت ببشار في عز الصيف والعطش هناك فهيتبديد للمال العام وأظهرتهم قناة دزاير نيوز وهم يطالبون بالعمل والعلاج والماء بدل البذخ وتبديد المال العام في الحفلات والمهرجانات التي لن ترفع مستوى المعيشة للوطن ولا سمعة الوطن لأننا في أزمة وكأن حال "الطلاب العريان" الذي يضرب به المثل في البحث عن الكماليات ونسيان الأساسيات ينطبق علينا ... المثل يقول (قالو واش خاصك يا العريان ... قالو خاتم يا مولاي).

  • العباسي

    Forza رقم 6 لا متشددين زولا هم يحزنون معروفين من يحركون شباب الجنوب الشرقي وصلت بهم ان حرضوهم ان يهددو بحرق شاحنات وخزانات للبنزين

  • Forza

    يجب الاحتياط من دعوات المتشددين الذين يحرمون كل شيئ. الانسان في حاجة ايضا للترفيه.

  • مواطن

    الى صاحب التعليق 1
    أرواح جرب الصيف في ورقلة و مبعد أهدر ...... و الله امثاك هم من جروا الجزائر للعشرية السوداء.

  • sofiene

    لماذا كثرة التفلسيف...؟؟؟؟ اخواننا الاحرار في ورقلة و في مناطق عديدة قبل ورقلة فعلوا ما يجب فعله و بطريقة جد حضارية ...كيف يعقل ان نقفز على متطلبات جد حيوية و مطالب جد ضرورية باقامة حفل غنائي ....!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!! تذكرت المثل الشعبي ..واش يخصك يا العريان ..قالوا تخصني خاتم !!؟؟ و الحديث قياس

  • العباسي

    مؤامره كبيره في الجنوب الشرقي للبلاد اين يكون نفط تكون الفوضى و الحراك والاحتجاجات ليست في الجزائر فقط ليبيا وحتى تونس ليسو بخير امالمخرب فلموساد يسرح ويمرح داخله لو لا تكون احتفالات وسهرات كدالك سينتفضون ويقولون ان الجنوب منسي

  • sam

    الطريقة الحضارية و المسؤولة هي مقابلة المير و الوالي و الاستفسار عن عدم ايجاد الحلول للمشاكل . و ليس استعمال الدين في وجه شريحة اخرى من المواطنين و ترهيبهم

  • Indina jhones

    عودة وشيكة للفيس و العشرية السوداء.
    قمة الانحطاط