-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الجزائر على الطريق الصحيح..

الجزائر على الطريق الصحيح..
ح.م

عندما احتدم النقاش أيام المرحوم عبد الحميد مهري حول الذهاب أو عدم الذهاب للحوار مع المجلس الأعلى للدولة آنذاك، وقد كان من المعارضين له، تدخل ليوضح أمرا جوهريا للحضور بالقول المنقول عنه، إن المشكلة ليست في الذهاب أو عدم الذهاب للحوار، إنما في ما سنقول أو ما لا نقول في هذا الحوار…

هذا الموقف الصادر عن هذا الرجل السياسي من الطراز الأول يُلهمنا الجواب عن السؤال المطروح اليوم بإلحاح علينا جميعا: ما الموقف الذي ينبغي أن يكون لنا مع لجنة الحوار الحالية؟ وما الذي على المجتمع المدني والطبقة السياسية وكافة الفئات الاجتماعية القيام به اتجاهها؟

متابعتي الأولية لردود الفعل الصادرة تجاه هذه اللجنة سمحت لي بملاحظة أننا في الغالب ما نهتم بالشكل وننسى المضمون. نُركز على الأشخاص وننسى الدور والأهداف والغايات. بدل أن نطرح الأسئلة الصحيحة عن الذي يُمكن تحقيقه مع هذه اللجنة، نُسارع إلى تقديم الإجابات وإلى إصدار الأحكام على أعضائها… إننا نُركّز على أعضائها لا على موضوعها، في حين أن الأفضل هو العكس! الأفضل لأي طرف ليس رفض الحوار لأنه ضد شخص أو أشخاص في هذه اللجنة، إنما التوجه إليها كائنا مَن كان فيها، والتعبير عن سبب قبوله أو رفضه أو تحفظه على موضوعها أو مخرجاتها؟ لا شيء يمنع أي مشارك في الحوار عن إعلام الرأي العام بما لم يعجبه أو ما لم يتفق عليه مع الذين دعوه للحوار؟ ولا شيء يمنع أيضا من قبول مخرجات هذا الحوار إذا كانت إيجابية وتخدم الصالح العام والوطن..
يبدو لي أن علينا اليوم أن لا نُضيِّع هذه الفرصة السانحة التي بإمكانها أن تضع الجزائر على الطريق الصحيح، وبدل توجيه سهام الاتهام لهذه اللجنة ينبغي تحية أعضائها أولا على قبولهم تحمل مسؤولية إدارتها رغم معرفتهم المسبقة بما سينتظرهم من ردود فعل سلبية تسارع إلى توجيه كل أشكال اللوم والاتهام لهم انطلاقا من الشكل قبل المضمون.. وثانيا لأنهم وضعوا شروطا 07 مسبقة قبل الشروع في عملهم وعلى رأسها تغيير الحكومة الحالية.
لذلك، أقول إن الوقوف إلى جانب الوطن في هذه المرحلة الصعبة التي يمر بها، يقتضي تضحيات وتنازلات لا شك فيه من قبل كل فرد مِنّا. وأدنى تنازل اليوم، أن نقبل الحوار مع بعضنا البعض، وأثناء الحوار نواجه الحجة بالحجة والرأي بالرأي إلى أن نصل إلى نتيجة توافقية… وإذا فشلنا نُكرر الحوار في جولة ثانية وثالثة إلى أن نهتدي إلى الحل الأمثل.

هو ذا الطريق الصحيح والأسلم والأقل خطورة الذي ينبغي أن نسلكه، وعلينا أن نُحاسب أنفسنا على قدرة الطرح الذي نحمله، وعلى قدرة الإقناع التي نملك، لا على قدرة البحث في أرشيف الناس لعلنا نجد عيبا من العيوب لديهم نضخِّمه ونُشهِّر به… وما أسهل إيجاد العيوب في كافة البشر والتشهير بهم!

لذا يبدو لي، أنه علينا، بغض النظر عن تحفظنا على هذا الشخص أو ذاك، على تطلعنا في أن يكون في هذه اللجنة هذا أو ذاك، أن نُركِّز على موضوع الحوار، وما الذي ينبغي أن نُقدِّمه؟ وما الذي سنخرج به في آخر المطاف؟ وكيف نُجسِّده؟

هي ذي الأسئلة الصحيحة التي تعيد الأمل للناس، وتمنع عن بلدنا السير نحو انزلاقات خطيرة وتؤكد لنا أننا بالفعل قد وضعنا أقدامنا في الطريق الصحيح.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
7
  • شخص

    العنوان جميل و محفز لكن الواقع شيء آخر (للأسف)

  • Azer

    في رايي ان هذه اللجنة لم تتطرق الى المسائل الجوهرية فبعض النقاط 6 يمكن غض الطرف عنها الى حين .
    لكن اختيار الرئيس حدوده ، خطوطه العريضة ، صقف التغير ونوعه .، مشكل تغيير الدستور عوامل تقودنا الى البحث في خلفيلات كل عضو من اعضاء هذه اللجنة . لا ننسى غياب الثقة ، حتى يضيع منا كل شيئ .

  • منور

    شوف يادكتور بومدين حكم الجزائر من 65 الى 76 بدون دستور ولاهم يحزنون ادن نظام الأفلان لهم من الخبرة والحنكة في استمرار الحكم بالطرق الغير الشرعية أولا .ثانيا لما أراد بومدين أن يخرج عن هده الطريقة بفتح نقاش واسع ومعمق وحر لبناء مجتمع وخرجوا لنا بالمثاق الوطني في 1976 كامل ناقص المهم تحت كوكبة من الجزائرين المخلصين أنداك فقتل بومدين وقتل ميثاق المجتمع والدي كان بالأحرى على من يأتي بعد بومدين أن يضيف ما كان ناقصا وليس اعدامه كليا والخروج بدستور جديد وأصبح دستور الجزائر مثل القميص يغير حسب من يحكم الجزائر الى اليوم ،مالأخير أقلك لا يرحى منهم شئا؟

  • حسام

    المثل الشعبي يقول "لخروف الجيد في الربق يبان" أروي لك قصة واقعية تحكى من طرف أهلنا في بني عباس لما لحقت فرنسا هناك سنة 1934 ،الحامية الفرنسية باتت وفي الصباح وجدوا جنديا مقتولا ،هدا الجندي أراد الأعتداء على احدى الخيم ليلا فقتل ورمي به في الرمال.جمع النقيب الفرنسي أهل الدوار وقال لهم:" اتوني بالقاتل والا دمرتكم عن آخركم"فاجتمع شيوخ الدوار وألسقوا القتل بمن يسمى "ماربو" هدا الأخير كان مقاتلا مع الأمير ولما أخدت فرنسا الأمير وأهله مشى هدا حتى وصل الى بني عباس واتخد من الاربومكانا لتعليم ابناء الدوار القرآن

  • عبد الله مكي

    بعض الناس يشبه هذه المرحلة بمرحلة صائفة 1962 ، وفعلا يمكن تشبيه هذه المرحلة بتلك لولا الخبرة التاريخية التي اكتسبناها من خلال ممارسة الحكم الغشتراكي لمدة ما يقراب الستين سنة وهي خبرة محترمة شهدنا من خلالها سقوط كل الانظمة الغشتراكية بما فيها روسيا الام الحقيقية للنظام الغشتراكي وربما كنا محظوظين لحد ما اننا مازلنا دولة فيما شهدنا تساقط دول اخرى وتمزقنا غربا غربا مثل ما حدث ليوغسلافيا سابقا والعراق وسوريا واليمن وروسيا وكثير من الدول..الآن نحن في مرحلة جديدة يجب التاكد اننا غير بعيدين عن مصير الدول التي تمزقت لا قدر الله..والحل يكمن في تفادي النظام الإشتراكي وهذا في تقديري ما كان ينوي النظام

  • محمد

    أثناء تلاوتي المقال أعادت بي ذاكرتي إلى وزير للتعليم العالي الذي جمع مساعديه بأمر من رئيسه لإنشاء خطة علمية تؤسس لمستقبل البحث العلمي في بلدنا.وما إن امتثل في تطبيق ما اتفق عليه حتى حضرت لجنة من الرئاسة ألزمته بالتوقيع مع الأعضاء الذين كانوا في انتظاره لما كان يجب التفكير فيه والتخطيط له.فلم يكن للوزير ما يستر ماء وجهه ممن سبق له توجيه التعليمات والتوصيات لهم للخروج بتقرير يزخر بما يبرز اجتهادهم.القضية إذن ليست في تكوين لجنة مكلفة بتحديد مستقبل البلاد وإنما في انعدام الثقة بيننا جميعا لأننا لا نصدق في كلامنا وأعمالنا.قبيل اجتماع مؤتمر الصومام أبعد زعماء عن حضور مجلس من كان يخطط لإقصاء مناضلين.

  • يونس

    بعد إتمامي قراءة الموضوع القيم، عادت بي الذاكرة إلى فقرة قرأتها لمالك بن نبي في كتابه ميلاد مجتمع؛ إذ يقول:"العلاقات الاجتماعية تكون فاسدة عندما تصاب الذوات بالتضخم فيصبح العمل الجماعي المشترك صعبا أو مستحيلا، إذ يدور النقاش حينئذ لا لإيجاد الحلول للمشكلات، بل للعثور على أدلة و براهين"، و يضيف: "ففي حالة الصحة يكون تناول المشكلات من أجل علاجها هي، أما في الحالة المرضية فإن تناولها يصبح فرصة لتورم (الذات) و انتفاشها، و حينئذ يكون حلها مستحيلا، لا لفقر في الأفكار أو في الأشياء، و لكن لأن شبكة العلاقات لم تعد أمورها تجري على طبيعتها" (م.ب، ميلاد مجتمع ص 43)