-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الجمال والجريمة؟!

وليد بوعديلة
  • 223
  • 0
الجمال والجريمة؟!
ح.م

قد يكون هذا العنوان غريبا ويفتح باب التساؤل عند الكثير، فما علاقة الجمال بالجريمة؟ وهل يمكن لنا أن نتصور بحثا أو مقالا يدرس مختلف العلاقات التي يمكن أن تقع بين عالم مليء بالجمال وعطر الفن وروح الأمل وأريج الزهر في مقابل عالم مليء بلغة النار والدم والتخريب والشتم و….؟؟؟

وباختصار نريد أن نطرح لكل من يهمه الأمر فكرة بسيطة، وهي مساهمة حضور الجمال في توقيف حركية الجريمة ونشاطها، والعكس الصحيح، أي أن حضور القبح بكل تجلياته المعنوية والمادية، هو فتح لباب الجرائم المختلفة، وهنا يمكن أن نسهم في مساعدة الأجهزة الأمنية في الحد من انتشار الجريمة في شوارعنا ومدننا وفي كل مكان.

نعتقد أن المواطن الجزائري الذي يخرج من منزله صباحا، وتقابله أكوام النفايات ومختلف الروائح الكريهة، سيتشكل لديه التفكير التشاؤمي والنظرة العنيفة السلبية، وهي ستتجلى في ردود الفعل وفي المواقف والعلاقات.

ولنتصور طفلا صغيرا نشأ في حي أو مدينة غارقة في الزبالة وتفتقد الحس الجمالي، سيكون باختصار مشروع مجرم مستقبلي، ونحن نعلم -مثلا- أن الكثير من الصراعات والمعارك في الأحياء السكنية الجديدة تقع بين الشباب بسبب الصراع على احتلال ساحات أو حظائر فوضوية للسيارات، فلماذا لا تنسق البلديات مع الشرطة لوضع حظائر منظمة وراقية، يشرف عليها شباب بهندام خاص موحد، وبطريقة متحضرة ومتمدنة؟؟

هذا لا يعني ربطا ميكانيكيا بين القبح في مدننا وبين الإجرام، لكن الأكيد وجود الظاهرة وإسهامها في تنشئة جيل لا يعرف إلا التخريب والتكسير والغرق في أنواع الإجرام.

لنجرب مثلا، توزيع سكنات أو تدشين أحياء شعبية، ولنترك ملامح القبح والنفايات في أحد هذه الأحياء، ولنمزج كل ملامح الجمال والحدائق وأماكن لعلب الطفولة والمراكز الثقافية، ولنمنح الفرصة للفنانين التشكيليين لإبداع لوحاتهم على الجدران، ولنحضر كل أدوات الابداع والنظافة، مع توفير العناية الدائمة والرؤية المستقبلية في الادارة والتسيير، برؤية احترافية ومهنية، ثم لننتظر مدة عشر سنوات أو خمس عشرة سنة، ولننظر مصير الأحياء الشعبية، ونسبة الإجرام فيها.

علينا التحرك الوطني الجماعي، لحماية المجتمع من الجريمة، ولنخطط للمستقبل، والبداية مع الأطفال، بتهذيب جمالي للمحيط والاهتمام بالبيئية وتشجيع مسرح الطفل… وقد تكون أوراق العناية بالبيئة من أهم أوراق الحلول التي تقمع حراك الإجرام الهادر الصارخ، في مجتمع عرف حراكا سلميا حضاريا باهرا، فيه الكثير من الجمال والجلال.

لن تجدي الحلول الأمنية، في غياب ملامح الجمال في المدينة، وفي تراجع مناصب الشغل، وفي غياب التنمية الاقتصادية، فهي منظومة متكاملة، ولكل قطاع وزاري دور فيها.

وفي الختام، نقول بأن غياب الجمال لا يعني فساد الذوق وخراب المشاعر فقط، بل هو يعني فساد السلوك وعدوانية الموقف، فمن يحمي جزائرنا ومن يمنحها الجمال لتواجه الجريمة؟ ومن يعيد صوت مفدي زكريا المنشد “جزائر يا مطلع المعجزات ويا حجة الله في الكائنات ..جزائر يا بدعة الفاطر ويا روعة الصانع القادر” اللهم قد بلغت.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!