-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الحراقة وشراء الموت!

جمال لعلامي
  • 1286
  • 3
الحراقة وشراء الموت!
أرشيف

نعم، “الحرقة” تحوّلت إلى ظاهرة، ومأساة، ومعاناة، وتراجيديا، خاصة بعد ركوب رضّع ونساء قوارب الموت، ضمن تجارة تهريب المهاجرين السرّيين من طرف عصابات تقبض الملايين عن كلّ “راس”، رغم أن الكثير من هؤلاء الضحايا يقبعون في سجون الدول المستقبلة، ممّن يعتقدون أنها جنة تجري من تحت أقدامها غير الأمّهات!
حتى وإن كانت المعلومات خطيرة وغير “رسمية”، فإن سجن نحو 17 ألف “حرّاق” جزائري بسجون الخارج، وتورّط شبكات منظمة في سرقة أعضاء بعضهم، ولجوء البعض منهم إلى حقن أنفسهم، أو تعرّضهم إلى الحقن بالسيدا، فهذا مؤشر يوقظ الموتى، ويتطلب رجفة جماعية ورعشة الضمائر الحيّة، حتى تتوقف هذه المأساة الجديدة، التي مازالت الحكومة والجمعيات والمجتمع المدني وحتى العائلات في وقفها أو حتى فهمها!
ليس غريبا لو قال قائل إن “الحراقة” في بعض الوزارات، و”الحراقة” في البرلمان، و”الحراقة” في المجالس “المخلية”، و”الحرّاقة” وسط الجمعيات، و”الحراقة” في صفوف المختصين، هي التي تتسبّب في تفاقم الظاهرة وتطوّرها للأسف من السيئ إلى الأسوأ، بظهور ملامح جديدة لم تكن موجودة عند بداية هذه “الحرقة” التي تكاد أن تصير “عدوى” قاتلة!
النواب مثلا، ما هو دورهم في مجابهة “الحراقة” وتداعياتها؟ وما هو دور الوزراء كذلك في التصدّي للأسباب المنتجة لهذه الظاهرة الغريبة عن أصول وفصول المجتمع الجزائري؟ وما هي وظيفة المساجد من غير “التجريم والتحريم”؟ وأيّ دور يُمكن للإعلام تأديته من غير التهويل والإثارة ونقل صور الجثث وشهادات الموت؟
عندما يصل الاستفزاز بباحثة إيطالية في شؤون الهجرة، إلى الإدعاء زورا وبهتانا بأن الشباب الجزائري يرغب في “تقليد الأوروبيين والعيش مثلهم”(..)، ولهذا فهم يلجأون إلى “الحرقة”، فهنا ينبغي التوقف قليلا، ليس للردّ على هذه المزايدة المغرورة، ولكن لرسم علامات استفهام وتعجّب، أمام مراكز العار التي يفتحها هؤلاء لتعليم “الحراقة” فنون العيش الأوروبي!
الأكيد، أن هناك شبكات مستفيدة من “قوارب الموت”، ومنتفعة من دولارات “الحراّقة” الذين يُبحرون أملا في عيشة كريمة، وإذا بهم يتفاجؤون باقتيادهم إلى مخافر الشرطة والسجون ببلدان ليست جنـّة مثلما اعتقدوا أو تحايل عليهم تجار الأوهام، وهذا لا يعني طبعا، أن ليس هناك مشاكل اجتماعية وعائلية ونفسية، إضافة إلى اليأس و”الحقرة”، وراء التفكير في “الهربة” بحرا!
الظاهرة لا تُحلّ بالتحليل والنقاش البزنطي والفلسفة والتسييس، وإنـّما بتوريط الجميع في البحث عن الحلول والبدائل، لإقناع “مشاريع الحراقة” بالتراجع، عن الأقلّ حفاظا على حياتهم، فالأرق ولا الغرق!
نـُشر في 3 فيفري 2018

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • elarabi ahmed

    بسبب جشع بعض منا يتوق ابتكار الحلول ليبدأ التشفى وتغير البوصلة

  • محمد العربي

    يلومون الشباب على الحرقة و لو انهم........هيأوا وسطا اكثر عدالة و أنصف
    لما فرّ الشبان هروبا لو وجدوا مساواة.........قائمة و شهودا عليها وقفوا

  • محفوظ

    ....نعم صحيح شراء الموت....بعد إلغاء العقل...وإحضار الطمع واللهفة...وغياب منطق الدولة....وحضور مافية المال التي أفسدت على عقول الناس وعلى دنيانهم بالغوس في الإستكراش.....