-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الحراك التكنولوجي والحراك الشعبي!

الشروق أونلاين
  • 336
  • 0
الحراك التكنولوجي والحراك الشعبي!

عندما نتصفح أرشيف أي ثورة حديثة في العالم، نتقاطع مع وسائل الاتصال التي كانت تواكب هذه الثورات، من صحف ووسائل تواصل سلكية، فندرك أن أي ثورة في أي مجال كان، لأجل أن تحقق أهدافها، لا بد من أن توفّر لنفسها غطاء إعلاميا راقيا، يتماشى مع ما بلغته التكنولوجيا في تلك الفترة.

وواضح أن الحراك الشعبي الذي بلغ جمعته العاشرة، قد استفاد من تكنولوجيات الإعلام والاتصال الحديثة، في المحافظة على سلميته، وفي تحقيق أهدافه التي هيّأ لها تكنولوجيًّا، واحتفل بها تكنولوجيًّا أيضا.

لقد صار لكل مواطن منذ بداية الحراك الشعبي، جريدته وقناته على صفحته الخاصة، فهو يصوّر ويُخرج ويعلّق ويحلّل، ويفتح قلبه للمنتقدين والمهنئين، ويطوّر من أفكاره ويحاول تفادي الخطإ، لأنه يقدّم نفسه أمام الملإ، وإذا كانت الآراء قد اختلفت، وهذا من طبيعة البشر، فإنها جميعها اتفقت على أن تحافظ على سلميتها وهدوئها، فإذا كان الشعب قد انتصر في الشارع، فهو إلى حد الآن منتصر على مواقع التواصل الاجتماعي، بشكل مُبهر، فتضاعفت الصداقات بين الجزائريين والجزائريات وانتقلت إلى القارات الخمس، وارتقت في نقاشاتها ومقترحاتها.

الكثير خافوا على الحراك الشعبي من “غول” الفايس بوك وظنوا أنه سيُفسد فرحتهم في لمح التغريدات، ولكن مع مرور “الجمعات” اختفى المُفتّنون وانضم الكثير منهم إلى الحراك التكنولوجي، كما اختفوا من الشارع في المسيرات، وانضم الكثير منهم إلى الحراك الشعبي، فتلاشى الخوف وكبُر الأمل، وصار سلاحا ذا حدّ واحد.

ما يدعو إلى الفرح فعلا، أن “الأيادي الوسخة” التي كانت دائما تلطّخ كل بياض، وتُعوّج كل سديد، اختفت من العالم التكنولوجي، وحتى عندما حاولت نقل صور وأخبار من زيف، وُوجهت بطوفان من الحقيقة المدعّمة بالصورة والصوت من شعب مواقع التواصل الاجتماعي، الذي حمى الحراك تكنولوجيا، وصدّره في أبهى صورة، وهي الصورة الحقيقية، إلى العالم بأسره، وسمع الناس لمن لم يكن يُسمع له صوت، وصارت المعلومة الخاطئة تُدفن قبل أن تنبت أو تُزهر، من رواد التواصل الاجتماعي أنفسهم.

يذكر الجزائريون بفخر، استعمال الشيخ عبد الحميد بن باديس للصحافة المكتوبة وتأسيسه للمنتقد والشهاب، من أجل إسماع صوت الجزائر والتواصل مع أهلها في كل مكان، وكيف كان الشيخ يؤرّخ لفتوحاته “الإصلاحية”، ويخطّ افتتاحيات تكشف الألم وتبعث الأمل، ويذكرون بفخر، الإذاعة السرّية التي رأت النور من رحم الثورة الجزائرية، ويذكرون رجالاتها من أمثال عبد الحفيظ بوصوف وعيسى مسعودي، وكيف كانت صوت الشعب إلى جانب رصاص الثوار يجتمع من حولها الجزائريون في الأرياف والمدن. وقد يذكرون بفخر كيف مكّنت وسائل التواصل الاجتماعي، من تمرير رسالة الحراك الشعبي بطرق راقية وحضارية، ووحدّت بينهم كما لم يتوحّدوا من قبل، فكان حراكا تكنولوجيا ناجحا أرّخ لكل “الجمعات”، وسيكون شاهدا، لمن يريد أن يكتب تاريخ الجزائر الحديث.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!