-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الحياة الكريمة قبل الحفلات الغنائية

حسين لقرع
  • 1022
  • 11
الحياة الكريمة قبل الحفلات الغنائية

بعد كلٍّ من ورقلة وسيدي بلعباس وتبسة ووادي سوف… أقدم مواطنون على منع حفلين غنائيين في كل من الأغواط ودائرة أولاد سيي سليمان بباتنة في الأيام الأخيرة، لتأخذ بذلك ظاهرة منع الحفلات بُعدا وطنيا غير منتظر وتنتشر من ولايةٍ إلى أخرى انتشار النار في الهشيم.
الملاحظة الأساسية التي ينبغي التنبيهُ إليها في هذا السياق، هي طغيانُ النقاش الإيديولوجي المفتعَل حول أسباب هذه الأحداث و”خلفياتها”، ما أبعد النقاش عن الموضوعية المطلوبة وحرفه عن سياقه الاجتماعي المطلبي المشروع، فضلا عن تحويل الأنظار عن ظاهرةٍ خطيرة بدأت تتنامى في جنوبنا الكبير وينبغي أن تنتبه إليها السلطات وتُحسن معالجتها قبل فوات الأوان.
في مدن الشمال كما في الجنوب، رفع المحتجُّون مطالبَ واحدة، وشعاراتٍ تنموية بحتة تتمحور إجمالاً حول أزمات السكن والبطالة ومياه الشرب وحالة الطرقات وقلة المشافي والانقطاعات الكهربائية المتواصلة… وغيرها من المشكلات التنموية المتشابهة في مختلف أنحاء الوطن، وأكدوا أنّ إنفاق الأموال العمومية على معالجة هذه الاختلالات التنموية أولى من إنفاقها على الفنانين، لكن الملاحظ أن المحتجين في ورقلة والوادي والأغواط تحدّثوا عن ظاهرةٍ أخرى وهي التهميش التنموي الذي يعاني منه الجنوب من عقود، وبات يُشعِرهم بالكثير من الغُبن و”الحقرة”.
لقد أضحى سكانُ الجنوب في السنوات الأخيرة يتحدّثون بمرارةٍ واستياء كبيرين عن ضعف التنمية في المنطقة، وتركيز السلطات على الشمال، وإهمالها للصحراء، برغم كل تنبيهاتهم وصرخاتهم ومطالبهم التي يرفعونها كل مرة للسلطات المحلية والعليا، وحتى احتجاجاتهم ومظاهراتهم التي تزايدت في الأعوام الأخيرة.. ويؤكّد سكان المنطقة أن ضعف التنمية بها أضحى مشكلا مزمنا والتنمية هناك تسير بسرعة السلحفاة، حتى ورقلة التي تعيش كل الجزائر منذ 56 سنة كاملة بخيرات آبارها النفطية يشكو سكانُها ضعفَ بنيتِها التحتية ووتيرةِ التنمية بها مقارنة بولاياتٍ عديدة “فقيرة” في الشمال، ولذلك ركّز سكانُها الذين كانوا أوّلَ من احتجّ على إقامة سهرةٍ غنائية على أن المنطقة بحاجةٍ ماسّة إلى التنمية وليس إلى الحفلات، والأمر نفسه تكرّر يوم الخميس مع سكان الأغواط الذين تجمّعوا أمام دار الثقافة لمنع حفلٍ غنائي هناك، وأعابوا على السلطات عدم تجهيز المستشفى الجامعي وفتحه للمرضى برغم اكتمال الأشغال به منذ سنة، وتحدّثوا عن “التهميش المفروض على أبناء المنطقة” وطالبوا بـ”التنمية الحقيقية والعدالة الاجتماعية تجاه أبناء الجنوب”.
هذا الكلام الذي يترجم الإحساس بالغُبن التنموي والتهميش ينبغي أن تتحسّس السلطاتُ مدى خطورته وتقرأه قراءة صحيحة وتعمل على معالجة المشكلة جذريا قبل أن تتفاقم وتستفحل أكثر، وهذا عوض أن تتفاعل مع تحريض العلمانيين المتطرِّفين الذين يصطادون في المياه العكرة ويتحدّثون عن خطرٍ “أصولي” وهمي، لتهدّد المحتجِّين.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
11
  • KERSANI

    نعم. السكن و العمل و الدراسة اولوية . عندما الجزائر تحل مشكلة هذا الثلاثة تصبح احسن بلد في العالم. عندها رجال و نساء قادرين.

  • حيران

    و لوكان غير فن...بل عفن...لا يتحدث الا عن الحب و المرأة و كحل العينين و فيدا لوكا....تشجيعا للأنحلال الخلقي...هم المسلم ليس حب مرأة يعاكسها و يندارلها فيديو كليب و التباهي بالأملاك و الشواطئ التي لا يسمع بيها الزوالي في الجنوب الذي أن أتى سائحا يقتل.... ...و تلك هي الطامة عليهم.....الفن أن تتكلم عن قنابل نووية فجرتها فرنسا في الجنوب و أن تطلب منها الأعتذار بألبوم ليس كفيدا لوكا لأحدهم...من الفنانين....الفن رسالة...أنشودة موطني للصحفية المتألقة ليلى بوزيدي تنبض بالوطنية ....هذا هو الفن....أحيانا الكلمة أعبر من القنابل النويية أن أحسن أستعمالها للم الجمع و بعث الوطنية

  • جلال

    بغض النظر عن إعطاء هذه الإحتجاجات الصبغة التي يراها كل صاحب إيديولوجية معينة فإن معظم الدول لا تقيم هكذا حفلات على حساب الخزينة العمومية وهى في الغالب متروكة للأشخاص (متعاملون خواص) أو نفس أصحاب الفن ليسترزقوا من ورائها فالدولة أو وزارة الثقافة ليس من مهامها إقامة حفلات كهذه وصرف أموال في غير محلها لزيادة ثراء أناس لا مردودية لهم عوض صرفها في الصالح العام

  • زرجون الكرم

    ماذا تعني لك العلمانية حتى تصف بها أشخاص معيننين في رأسك
    العلمانية : هو المبدأ القائم على فصلِ الحكومة ومؤسساتها والسّلطة السّياسيّة عن السّلطة الدّينيّة أو الشّخصيّات الدّينيّة ، يعني تقريبا كل دول العالم علمانية
    وأنت كـ كاتب تنتمي إلى دولة علمانية فاشلة
    وفشلها لا يكمن في العلمانية بل في من يحكمها

  • سامي

    لكن في الجزائر "الغناء و هز البطن قبل الحياة الكريمة و توفير الضروريات"؟؟؟ أي سياسة الألهاء عن فشل المسؤولين في أداء المهام التي أوكلت إليهم؟؟؟

  • العياشي

    المقاومة بالفن
    الثقافة ليست مجرد كلام او مهرجانات ارتجالية تقام للمناسبات بل هي ممارسة يومية بالفعل والقول وصناعة للوعي على أرض الواقع ، و بعيدا عن كل التقارير التي هي من اختصاص الذين يجلسون على قارعة الطريق او داخل الصالونات لينصبوا من أنفسهم قضاة ويا لهم من قضاة..فراغون..عقيمون مثبطون و محبطون..لكن القاقلة تسير ثم تسير وهي تقطع طريقها بكل ثقة واناة..
    لقد تمكنا نحن في مسرح بلدية الجزائر الوسطى ان نحعل من مغامرتنا الفنية حقيقة فنية وثقةفية راقية طيلة السنة قدمنا عروضا نسرحية لعشرات الفرق المسرحية من كل قطار البلاد جنوبا و شمالا شرقا ..وسطا وغربل..فرق حرة و تابعة لمسرح الدولة..

  • رد الحكومة

    الحكومة ترد على المحتجين :
    فيما تظل تلك الاحتجاجات، حركات معزولة في عدد من الولايات، دون أن تشهد أية انزلاقات أمنية أو أعمال عنف. أبدى وزير الداخلية والجماعات المحلية نور الدين بدوي موقف الحكومة من تلك الاحتجاجات، مؤكدا بان “الدولة لن تتسامح مع من يريد العبث باستقرارها وأمنها “، مضيفا بان “على أولئك الذين يريدون أن يقتاتوا من يوميات المواطن عشية كل استحقاق سياسي مغردين خارج السرب أن يعوا بأن المواطن الجزائري لا يختبر في حب وطنه ودعمه الكامل و اللامشروط لأمن واستقرار بلده والتفافه حول جيشه”.

  • صلاة الاحتجاج

    اعلاميون ومثقفون كثر أبدوا مخاوفهم من البعد الأصولي الإسلاماوي المعادي لكل ما هو ثقافي، حيث كتب هؤلاء محذرين من الطابع الديني لتلك الاحتجاجات (المتعلق بالصلاة في الشارع)، و الذي لا يستبعد أن يكون له علاقة بتنظيم و تدبير من جهات تريد ان تعبث بأمن الوطن و استقراره بإعادته الى سنوات التسعينيات.
    و دقوا ناقوس الخطر محذّر ين من البعد المتطرف لتلك الإحتجاجات التي تستهدف الثقافة في الصميم

  • عبد القادر جريو

    الفنان و المثقف هو في الأصل إبن الشعب و هو لم و لن يكون المسؤول عن هدر المال العام، و ما يشهده الشارع الجزائري اليوم من حركات احتجاجية تحت غطاء ديني، يشبه ما عاشته الجزائر سنوات العشرية السوداء، حين تم تصفية كل ما له علاقة بالفن و الثقافة من مؤسسات و هيئات و حتى شخصيات”.
    الدولة تقاعست عن الدفاع عن مهرجاناتها و برامجها الثقافية التي ترعاها ، ينبغي عليها بالضرب بيد من حديد كل من يحاول المساس بتلك التظاهرات المرسمة من قبل الدولة”.
    المحتجين اليوم ضد الثقافة والفن لا يجيدون تصويب هدفهم نحو المسؤولين عن مشاكلهم الاجتماعية.
    لماذا لم يثر الشعب ضد قضايا الفساد التي مست البلاد مؤخرا ؟

  • ...

    فالإسلاميون يكثرون بناء المساجد ، و يزرعون عملاءهم فيها لتحويل الناس إلى مقاتلين لدولة الإسلام ضد دولهم الوطنية ، ينبغي التحذير من خطورة الانتشار الرهيب للمساجد ، و كيف أن هذا مضر بمصلحة البلاد و أمنها ، فكم من فتن حدثت في المساجد و اعتداءات جسدية ضد الائمة الذين يخالفون المذهب الوهابي و السلفي

  • ......

    و يمكن ملاحظة هذا الأمر بسهولة حال أن ندقق في طريقة استخدام الإسلاميين للمساجد ، حيث بالنسبة لهم يعتبر المسجد النقطة المركزية لتجنيد الإرهابيين الأولى ، و هو المركز الأول للحشد و الدعم لمحاربة الآخرين كما حصل في الجزائر أو مصر في التسعينات ، حيث كانت المساجد ثكنات الإسلاميين التي منها يحاربون النظام الكافر و المجتمع الجاهلي على حد وصفهم ، فالمساجد ليست دور عبادة بل هي ثكنات ، و التكاثر الفطري للمساجد في بلاد الإسلام ليس تكاثر بريء ، بل يجب التحذير انه تحضير مستتر للجهاد ضد العالم