-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الحَراك والسيناريو الفنزويلي!

حسين لقرع
  • 777
  • 0
الحَراك والسيناريو الفنزويلي!
ح.م

بينما يُجرُّ عشراتُ المسؤولين إلى القضاء لمحاكمتهم بتهم فسادٍ ثقيلة أفلست البلد ودفعت ملايين الجزائريين إلى الخروج إلى الشارع، يظهر بين الفينة والأخرى “خبراء” و”محللون اقتصاديون” كما يوصَفون، للحديث عن التأثير السلبي للحَراك الشعبي في الاقتصاد الوطني، وتقهقره المستمرّ منذ 22 فبراير الماضي، وكأنّه كان اقتصادا مزدهرا وتنافسيا وجاء الحراكُ وقاده إلى الانهيار!

بعض هؤلاء “الخبراء” المزعومين يقدّمون أرقاما لا ندري مدى صحتها عن هذا التقهقر؛ إذ يقولون إنّ قطاع الخدمات والسياحة تراجع بـ80 بالمائة منذ بداية الحَراك، وقُدّرت خسائر ميترو الجزائر بـ108 مليار سنتيم في 5 جمعات فقط، وتراجعت نسبة النموّ إلى 1 بالمائة بعد الحراك، كما تحدّثوا عن تردّد الاستثمارات الأجنبية في دخول البلاد، وبالغ بعضُهم إلى حدّ التخويف من تكرار السيناريو الفنزويلي بالجزائر إذا لم تتوقّف المسيرات!

وحتى إذا افترضنا أنّ هذه الأرقام صحيحة، فإن تحميل الحَراك مسؤوليتها هو ظلمٌ فادح للشعب الذي خرج للمطالبة بحقه في التغيير والديمقراطية والشفافية في تسيير الشأن العام، فالجميع يعرف أن السياحة الجزائرية لم تكن شيئا مذكورا قبل بداية الحراك ولم تكن تستقطب ملايين السياح الذين يدرُّون على الخزينة ملايير الدولارات كل سنة كما يحدث في إسبانيا مثلا، وأن البيروقراطية وتعفّن مناخ الأعمال في الجزائر واستشراء الفساد والرشوة من أهمّ أسباب نفور المستثمرين الأجانب من استثمار ملاييرهم في الجزائر منذ سنوات طويلة، والتقارير الدولية تؤكد ذلك، والجميع يعرف أيضا أن السلطة هي التي تغلق ميترو الجزائر كل جمعة وتوقف حركة القطارات لمنع متظاهري الولايات المجاورة من دعم مسيرات العاصمة، وليس للأمر علاقة بتهديد المتظاهرين لسلامتها…

الذي دمّر الاقتصاد الوطني معروفٌ للجميع إلا لهؤلاء “الخبراء” و”المحللين” العباقرة، وهو النظامُ الريعي الفاسد الذي عجز عن إقامة اقتصادٍ مُنتج وتنافسي، وتصدير سلع أخرى خارج قطاع النفط طيلة 57 سنة من الحكم، وأكثر من ذلك غرق في الفساد حتى أذنيه ومارس الكثيرُ من رجاله نهبا منظما للمال العامّ أدى إلى ضياع أكثر من ألف مليار دولار في مشاريع أنجِزت بأضعاف تكلفتها الحقيقية ليذهب الفارقُ إلى جيوب الفاسدين، وفي آخر المطاف أصبحت البلاد مهدّدة بالإفلاس ولم يجد أويحيى غير طباعة 600 ألف مليار سنتيم لسدّ عجز الخزينة، مع الإشارة هنا إلى القروض الضخمة التي مُنحت لبعض رجال المال الفاسدين بالهاتف وأفرغت البنوك، ما يهدّد البلاد بمعدلات تضخّم خيالية في السنوات القليلة القادمة.. وبعد ذلك يُتّهم الشعبُ بالإضرار باقتصاد بلاده والسير بها إلى السيناريو الفنزويلي بمسيراته المُطالِبة بتغيير نظام الاستبداد والفساد وممارسة حقه في انتخاب حكّام نزهاء يحرصون على المال العامّ ومصلحة البلاد، بدل تحميل الفاسدين المسؤولية.. هل من المسؤولية في شيء منحُ 50 ألف هكتار من الأراضي لعلي حداد في بلدية بريزينة بالبيّض بعنوان استثمارٍ لم يرَ النور؟ ألم تكن هذه الأراضي ستضيع هدرا لو لم تسقط عصابة الاستبداد والفساد والعبث بمقدرات البلاد؟

الجزائريون قالوها مدوِّية في 22 فبراير: لقد سكتنا سنوات خوفا على بلادنا، ولكن حينما تأكّدنا اليوم أن سكوتنا هو الذي سيقودها إلى الهاوية خرجنا لإنقاذها، ولن نعود إلى بيوتنا قبل تحقيق التغيير.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!