الخليج يشتعل
تشهد الممرات المائية الإستراتيجية التي تقع في إطار الجغرافية العربية خطر تدويلها بشكل نهائي، بل وتحويلها إلى ممرات امريكية صهيونية، الأمر الذي يفقد العرب اوراقا قوية حقيقية في ميزان القوة في مواجهة اعداء يتربصون بهم الدوائر.
فبعد ان اصبحت قناة السويس بموجب اتفاقيات كامبديفد ممرا مائيا يسمح للعدو الصهيوني العبور منه، وبعد ان تحولت صنافير وتيران إلى خارج حدود الملكية المصرية لتصبح المياه بينها وبين المياه الإقليمية المصرية مياها دولية يحق للبحرية الصهيوينة عبورها، ها هي بوابة المندب بفعل جنون الحوثيين وعبث الخليجيين تتحول إلى تداخلات دولية تفكك الهيمنة العربية عليها ولتجد اسرائيل وامريكا الفرصة سانحة لفرض نفوذهما وهيمنتها بعد ان فككا الصومال وجزآ السودان وعبثا باليمن وشتتا شمله.. وها هو مضيق هرمز ينتظر اللحظة الضرورية امام المخطط الأمريكي ليتم اقتطاعه فعليا من الخارطة العربية بحجة تأمين بواخر النفط لاسيما والتهديد الايراني بلغ ذروته اثر تصعيد الإجراءات الأمريكية العقابية بخصوص النفط الايراني.. الأمر الذي يعني احتمال نشوب صراع في مياه الخليج مما يستدعي تغيرا عميقا في وظيفة الخليج وممره المائي الخطير الذي يعتبر منفذا بحريا لعدة دول وإمارات تقع على الخليج.
والحديث عن الممرات المائية يستدعي الحديث عن ثروة العرب التي اصبحت تخزن على شكل ارقام في البنوك الأمريكية مهددة بالمصادرة والتجميد وقتما أراد المعلم الأمريكي.. وهي في احسن الأحوال تكون ثمنا للسلاح او المنتجات الأمريكية غير الضرورية، بل والأسوأ ان يتجه بعض العرب الرسميين بأموال الشعوب للضخ في البنوك الأمريكية تعزيزا للاقتصاد الأمريكي.. الامر الذي يعني بوضوح تبديد الثروة العربية وتجفيف مخازنها وتقوية الاقتصاد الامبريالي والذي يضخ بالمحصلة في تقوية عناصر العداء للأمة ومستقبلها.
يفقد العرب مواقعهم الاستراتيجية الجغرافية واحدا بعد واحد ويفقدون مواقعهم المقدسة الروحية واحدا بعد واحد، فها هو المسجد الأقصى والحرم الابراهيمي تحت هيمنة مباشرة من قبل قوات الاحتلال الصهيوني، والأماكن المقدسة الأخرى تمر بحالة تحول عجيبة عن وظيفتها النبيلة، الأمر الذي يعني ان عناصر وجود الأمة المعنوية والمادية اصبحت في دائرة الخطر الحقيقي.
ان الخليج على وشك الاشتعال، ومن يظن ان الحرب تكون نزهة فهو مجرد واهم، انها ستطال الجميع وتفتت الجميع وتلقي بأوزارها على الجميع.. والمنطقة سلتهتب وهي فرصة تاريخية لفرض خرائط سياسية جديدة في المنطقة سيساعد على حدوثها ما تنتجه سياسات القمع والعنجهية الممارسة من قبل الحكومات ضد الشعوب.
ولكن من يدري؟ فلعل توسيع امريكا لجبهات القتال والصراع يجرها إلى مستنقع النزف المتكرر الذي يدفع باقتصادها إلى التدهور وإلى مؤسساتها الأمنية والاجتماعية إلى الانحطاط كما هي السنة في نهايات كل الامبراطوريات.. وتلك الأيام نداولها بين الناس.
