-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
سلسلة الانتحارات بالخمار تتواصل.. آخرها في سطيف..

الخمار من لباس العفاف إلى حبل الموت!

فاروق كداش
  • 2464
  • 0
الخمار من لباس العفاف إلى حبل الموت!
أرشيف

بعد أن حبست حالات الأنتحار الشابات في بداية العام أنفاسنا هاهي هذه الظاهرة تعود من جديد هذه المرة شهدتها مدينة سطيف في بلدية بيضاء برج في ثاني أيام عيد الفطر… حيث انتحر شاب يبلغ من العمر ثلاثة وعشرون سنة شنقا بمنزله في قرية الزراية وبعد ساعات فقط انتحرت شابة في العشرين من عمرها شنقا باستعمال خمارها بنفس الطريقة التي اتبعتها عشر فتيات في بداية العام على الأقل في شرق الجزائر وقد تأرجحت أسباب هذه الحالات المتسلسلة من الإنتحارات مابين أسباب عائلية ونفسية وألعاب فيديو…كل الضحايا كن من الشابات العازبات في مقتبل العمر…والسؤال المطروح لماذا عادت هذه الظاهرة من جديدة وما هي خلفياتها.

نتذكر كلنا أو تقريبا وفاة شابة متحصلة على شهادة بكالوريا حديثا والتي انتحرت بخمارها في ساعاة متأخرة في أم البواقي، وقد يتذكر سكان بير العاتر انتحار إحد» شابات المنطقة باستعمال وشاح حجابها وتوالت الأحداث المأساوية في الطارف وعين الملوك بميلة…وقد أجمعت عائلات هاته الضحايا على أنهن لم يكن يعانين من مشاكل نفسية قد تجعلهن يدخلن في دوامة الإكتئاب.

مذكرات مراهقة منتحرة

في 2018 أقدمت فتاة في الثالثة والعشرين على الأنتحار داخل غرفتها باستعمال خمارها في منزلها بحي لاسيتي أوزاس بمدينة عنابة، تقول مصادر مطلعة على القضية أن السبب يعود إلى ضغوط ومشاكل عائلية.

في 2017 حدثت حالة مشابهة فقد وضعت شابة من بلدية اولاد جلال ببسكرة حدا لحياتها باستعمال خمارها مثل الأخريات.

في 2016 نظرت هيئة المحكمة بمجلس قضاء العاصمة في قضية انتحار طفلة قاصر لم تتجاوز 12 سنة شنقا بواسطة خمار قامت بلفه حول عنقها قبل أن تعلق نفسها في مشجب الملابس المثبت في باب غرفتها بمنزلها العائلي الكائن مقره بحي العافية.

في 2015 عاشت بلدية أم الطوب جنوبي ولاية سكيكدة حالة من الرعب بعد إقدام إحدى طالبات في ثانوية متعددة الإختصاصات على شنق نفسها بالخمار على عمود إسمنتي.

تلميذ ينتحر بخمار أمه

لفظ تلميذ يقطن ببلدية مرسط ولاية تبسة أنفاسه الأخيرة، في سبتمبر 2018، بعد أن أقدم على الإنتحار شنقا بخمار والدته في منزل العائلة بعد أن دخل في نقاش حاد مع والده لرفضه الذهاب لمتوسطته التي تبعد عن مقر سكناه بنحو 5 كيلومترات لأسباب تبقى مجهولة، و في لحظة غضب دخل الطفل غرفة بالمنزل و لفّ عنقه بخمار والدته بعد أن ثبته في أعلى الغرفة…ذهب وترك أما تتقطع أحشاؤها حزنا على فلذة كبدها وأبا لم يعي بعد ما حدث.

رجال ونساء على خمار المشنقة

الإنتحار شنقا بالخمار لم يمس الشابات فقط بل حتى السيدات كما هو الحال سيدة في الرابعة والخمسين إنتحرت داخل منزلها الواقع في بلدية سيدي مروان بولاية ميلة باستعمال خمارها، ولم تبق طريقة الانتحار هذه خكرا على العنصر النسوي، فقد أقدم رجل في التاسعة والأربعين على الإنتحار باستعمال خمار زوجته في شهر ماي المنفرط ببلدية الحداق التابعة لولاية سكيكدة.

هذه الأحداث رغم غرابتها تضع الزيت على النار بالنسبة للكيفية التي يتعامل فيها الأخصائيون في مواجهة حوادث الانتحار وحسب الأحصائيات فإن أكثر من 9 آلاف جزائري يحاولون الإنتحار وينجح تقريبا ألف من هؤلاء في تحقيق مسعاهم.

من خنق نفسا خنقها في النار

حسب بعض المعطيات الأمنية، فإن المشاكل العائلية والعاطفية والأزمات المالية و وضغوط الحياة اليومية في مقدمة دوافع الانتحار، في حين يرد بعض الأخصائيين النفسيين ذلك إلى أسباب واضطرابات نفسية، خاصة في حالات الشنق الذي تعتبر من أكثر الوسائل عنفا أما استعمال الخمار في عملية الإنتحار فلا يمكن تصنيفه على أن له دلالة دينية بل يراه البعض أنه وسيلة متاحة ومتوفرة وسهلة المنال.

في دراسة حديثة حول أسباب الإنتحار خلصت أن حوالي 35% من حالات الإنتحار ترجع إلى أمراض نفسية وعقلية؛ كالاكتئاب، والفصام، والإدمان، و65% يرجع إلى عوامل متعددة؛ مثل: التربية، وثقافة المجتمع، والمشاكل الأُسرية أو العاطفية، والفشل الدراسي، والآلام والأمراض الجسمية، أو تجنُّب العار، أو الإيمان بفكرة أو مبدأ مثل القيام بالانتحار.

أما رجال الدين فيرون أن من أهم أسباب الإنتحار ضَعف الوازع الديني عند الإنسان، وعدم إدراك خطورة هذا الفعل الشنيع والجريمة الكُبرى، والتي يترتب عليها حرمان النفس من حقها في الحياة، إضافةً إلى التعرض للوعيد الشديد والعقاب الأليم في الدار الآخرة، ولهذا جاء التحذير عن الانتحار بقول ربِّنا – جلَّت قدرته، وتقدَّست أسماؤه – حيث قال: ” وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا”النساء 29- 30، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: “الذي يخنق نفسه، يخنقها في النار، والذي يطعنها، يطعنها في النار”؛ رواه البخاري.

عيون لا تنام

في غياب أسباب نفسية محضة قد يوجه المحللون والمحققون أصابع الإتهام للألعاب الإلكترونية لكن في ظل غياب دراسة ميدانية لكل الحالات تبقى هذه الفرضيات مجرد كلام فقط، ورغم وجود خطر هذه الألعاب الخبيثة مثل الحوت الأزرق ومريم وغيرها فلا يوجد هناك حملة توعوية خاصة للأطفال والشباب لوضع حد لهذا الخطر المحدق بشبابنا، الأمر الذي يدعو لضرورة مراقبة الأبناء خاصة أثناء انفرادهم بهواتفهم الذكية، وليس شرطًا أن تكن المراقبة من خلال التجسس إنما يمكن بالسؤال الدائم والتقرب ومصاحبة الأبناء حتى لا يصبحوا عرضة لمثل هذه الحوادث.

في الأخير تعددت الأسباب والإنتحار واحدو فإلى متى نتجاهل ما يحدث بين جدران بيوتنا من معاناة الأبناء والبنات وإلى متى نبقى دون إستراتيجية رشيدة تدرس الظاهرة وتقدم الحلول الميدانية بعيدا عن البحوث العقيمة والمحاضرات الوهمية… وإلى أن يحدث هذا اغمضوا عينا وافتحوا أخرى على قرة أعينكم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!