-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
شيّعه آلاف الجزائريين في أجواء مهيبة

الدكتور محمد بن بريكة يوارى الثرى إلى مثواه الأخير

الشروق أونلاين
  • 7124
  • 0
الدكتور محمد بن بريكة يوارى الثرى إلى مثواه الأخير
من جنازة الفقيد محمد بن بريكة رحمه الله

شيّع، الآلاف من الجزائريين، الجمعة، جنازة الفقيد العلّامة محمد بن بريكة عقب صلاة الجمعة، انطلاقا من الزاوية البلقايدية في تقصراين بالعاصمة، لينقل بعدها المرحوم إلى مثواه الأخير بالمقبرة المحاذية للزاوية، أين ووري الثرى في أجواء مهيبة، جلّلها الخشوع والحزن على فقدان علم من علماء الأمة.

وكان بن بريكة قد انتقل إلى جوار ربّه ظهر الخميس، عن عمر ناهز 61 سنة، بعد معاناة مع مرض عضال، قبل الدخول في غيبوبة الأربعاء الماضي.

ويعدّ البروفيسور محمد بن بريكة أصغر أستاذ في تاريخ الجامعة الجزائرية، إذ التحق بجامعة الجزائر بصورة دائمة وعمره 22 سنة.

ويرجع نسبه إلى قبيلة البوازيد، وهم أشراف حسنيون عمروا مدينة الدوسن، وهي ضاحية معروفة من ولاية بسكرة بالواحات الجزائرية.

نشأ في بيت علم، درج أفراده على حفظ القرآن والمتون وسلوك طريق التصوف كابرا عن كابر.

وعمل بن بريكة أستاذا محاضرا في التصوف والفلسفة الإسلامية بجامعة الجزائر، وهو حائز شهادة دكتوراه الدولة في التصوف الإسلامي، بتقدير مشرف جدا مع التهاني والتوصية بالطبع، وقبل ذلك على شهادة المنهجية في البحث وشهادة الماجستير في نفس المبحث أي التصوف.

وبذلك صار الدكتور بن بريكة، متخصصا في الدراسات الصوفية، بحثا وتأليفا، وله فيها موسوعتان وأكثر من 30 عنوانا، وهو عضو في مجلة البحوث والدراسات الصوفية، كما كان عضوا في الأكاديمية العالمية للتصوف، ومكنه علمه الراسخ في مجاله، من المشاركة في عديد المؤتمرات الوطنية والدولية حول التصوف والفكر وحوار الأديان.

وحصل الراحل، الذي اقترح في أكثر من مرة لتولي وزارة الشؤون الدينية والأوقاف فرفض، على جائزة رئيس الجمهورية للبحث العالمي سنة 2012، ودرع الجامعة العربية عام 2014، كما حظي بالتكريم والاستقبال من الرئيس التونسي سنة 2016، واختارته جامعة كولومبيا الأمريكية كرجل السنة في الجزائر في 2017، وتلقى عرضا للتدريس فيها منذ شهر مارس الفارط، لكنه ردّ عليها “أنا سعيد في الجزائر”.

وفي المسؤوليات الإداريّة، تولى الفقيد مهام عديدة، منها إدارة الدراسات ثم الدراسات العليا، ثم رئاسة المجلس العلمي، وعضوية اللجنة الوطنية لإصلاح برامج التعليم العالي، ونيابة رئاسة اللجنة الوطنية للعلوم الإنسانية والاجتماعية.

وقد تركّزت نشاطات الدكتور محمد بن بريكة البوزيدي الحسني بالداخل والخارج على التعريف بالتصوف وأعلامه، طبع موسوعة الحبيب للدراسات الصوفية، التي تعتبر عملا رائدا بكل المقاييس.

أبو جرة سلطاني: بوفاة بن بريكة سيكتشف خصوم الصوفيّة أنهم ظلموه حيا وميّتا

نعى وزير الدولة السابق، أبو جرة سلطاني، وفاة علاّمة التصوّف الدكتور محمد بن بريكة، قائلا “إنّ فقدت الجزائر بوفاة العالم المتواضع محمد بن بريكة، إحدى قامات الفكر الوسطي المنافح عن روح الشريعة وحقيقة الإسلام، بعلم غزير وبحكمة بالغة وموعظة حسنة وجدل متواضع بالحجة والبيان، وبروح عالية من الاقتداء والاهتداء”.

وقال رئيس المنتدى العالمي للوسطية، في رسالة تلقت “الشروق نسخة عنها، “برحيل البروفيسور محمد بن بريكة، سوف يكتشف خصوم التصوف وأعداء التربية الروحية أنهم ظلموا الرجل حيا وميتا، بما كانوا يهاجمونه به من تهم باطلة، حول التصوف، كونه أحد أعمدة الفكر الصوفي في العالم، بانتسابه للطريقة القادرية التي اختار أن يقطع، في حضرة شيوخها، المسافة الفاصلة بين دنيا الناس وحياة البرزخ، فعاش عفيفا ومات نظيفا”، على حدّ تعبيره.

وذكر سلطاني في شهادة تاريخيّة عن وقائع المناظرة العلمية التي جمعته وإياه في مقر الزاوية القادرية بولاية وادي سوف حول “الأوراد والمأثورات بين البدعة والسنة”، أمام جمهور كثيف، كيف بدأت متوترة وانتهت بإقرار شيخ الطريقة بأنه بريء من كل منْ يعتقد فيه بركات النفع والضر، وأنه يرجو أن يلقى ربه على سنة المصطفى (ص)، وكيف ختم الشيخ بن بريكة خلاصاته حول حقيقة التصوف وأوراد الذكر بين البدعة والسنة، بعد أن تبين له الحق”، وفق رواية أبو جرة.

عيسى يؤبّن بن بريكة

قال الوزير السابق للشؤون الدينية، محمد عيسى، في تأبين للعلامة محمد بن بريكة إنّه رافقه في مختلف الورشات الوطنية لإصلاح برامج التعليم العالي في العلوم الإسلامية، وقاسمه المسؤولية في كلية العلوم الإسلامية في سنوات التسعينات، فكان شاهدا على “مواقفه الرجولية للذود عن المرجعية الوسطية وتنمية خلق الاعتدال ضد كل أشكال التشدّد والشطط وألوان التحلل والميوعة”.

وأكد عيسى أنه “لما نزغت السياسة بينهما، واختلفت وجهات نظريهما حول بعض القضايا في تسيير الشأن الديني في الجزائر، بقي الاختلافُ بينهما شريفا، والأخلاقُ عاليةً، والاحترامُ مستمرا، والودُّ سليما”.
ع.ع

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!