-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

“الديكة”.. الوجه الآخر للاستعمار!

“الديكة”.. الوجه الآخر للاستعمار!

يصنع المنتخب الفرنسي لكرة القدم الحدث، هذه الأيام، في بطولة كأس العالم بروسيا، ليس بسبب النتائج الباهرة ولا التأهل للدور ربع النهائي من المنافسة، لأن الكثير من المنتخبات مرّت كذلك بسلام، لكن اللافت في تشكيلة “الديكة” هو خلوّها تقريبًا من اللاعبين ذوي الأصول الفرنسية، حيث طغت البشرة السمراء على تعداد المدرّب “ديدي ديشان”!
تلك الصورة الفارقة، لم تكن لتمرّ مرور الكرام على مشجعي الفرق الكروية، حتّى إنّ بعضهم أطلق على رفاق مبابي لقب “المنتخب الإفريقي”، وهو ما يُحيلنا حتمًا إلى ماضي فرنسا في القارّة المُنهَكة بغنائمها المسمومة، مُستحضرين تدخلاتها السافرة لتبقى مستعمراتها القديمة رهينة سياساتها الخارجية، حفاظا على مصالحها الاستراتيجية في المنطقة، غير آبهة بمصير الشعوب ومستقبلها!
هؤلاء المُبدعون فوق المستطيل الأخضر، الذين يصنعون اليوم فرحة الفرنسيين، مثلما أهداها من قبل الأسطورة “زيزو” اللقب العالمي الوحيد في رصيدها، ما هم في مرآة التاريخ القريب سوى أثر بيّن على جرائم الاحتلال في بلدان إفريقيا، فقد نهبت فرنسا خيراتها وسرقت ثرواتها ثمّ هجّرت سكانها قسرًا بفعل الظروف القاسية، بل المُعدمة في كثير من الأحيان، للحياة الإنسانية، وهي اليوم تستثمر في تلك الثروة البشريّة الهائلة عبر مجالات عديدة، ليست الرياضة بكل ألوانها إلاّ ميدانًا ثانويّا أمام حقول الاختراعات والاكتشافات الباهرة التي تبتكرها العقول الإفريقية في شتى العلوم والمعارف!
سيعترض البعض بالقول: إنّ فرنسا تصنع جميلاً حضاريّا باحتضانها تلك المواهب التي لو بقيت في مواطنها الأصلية لكان مصيرها الوأد في المهد، وما شقّت طريقها نحو المجد والنجوميّة والشهرة إلا في بيئة فرنسيّة ترعى الموهبة وتوفّر لها من شروط النجاح ما يجعلها تصل إلى القمّة!
لكن مثل هذا التسويغ هو في حقيقة الأمر مجرّد تبرير لفكر “كولونيالي” شنيع، لا يرى في الإنسان الآخر سوى آلة للإنتاج، حتى وإن تظاهر بتقديره لقدراته وعطائه، وأغدق عليه من المزايا الماديّة ما يُغريه بالبذل والبقاء في خدمة فرنسا، ولا أدلّ على ذلك من السلوكات العنصريّة القبيحة التي تبرز مع كل موقف غير مرغوب فيه، حيث يتذكّر الفرنسيون حينها أنّ مدلّل الجماهير من أصول مختلفة!
كل مستعمرات فرنسا في إفريقيا، من شمالها إلى جنوبها، لا تزال متخلّفة بعد نصف قرن على خروجها عسكريّا، والاحتلال الفرنسي بآثاره المدمّرة وألغامه الموقوتة من العلل الرئيسة لحال المنطقة، ومثل هذا الكلام ليس هروبا من تحمّل المسؤوليّة الوطنيّة للنخب في كافة المستويات والمجالات، بل هو ما يؤكده واقع العلاقات مع المستعمِر، حيث يظلّ لاعبًا محوريّا في ترتيب أوضاع المنطقة، بدعم الأنظمة العميلة وعزل الحكام المتمرّدين والتدخل في شؤون دولهم، كل ذلك ضمن حسابات مصلحيّة ضيقة، ولتذهب آمال الشعوب المقهورة وتطلعاتها في الحرية والعدالة والكرامة نحو السراب!
تلك هي حقيقة فرنسا، ماضيًا وحاضرًا، فكلّ ما شيدته فوق مستعمراتها سابقا تمّ بسواعد المُستضعفين، ومن ثروات أوطانهم، لكن لأغراض استعماريّة محضة، حتى لا ينخدع بعض المغرورين بإنجازاتها الزائفة، وما تقدّمه اليوم فوق أرضها من فرص لأبناء إفريقيا، ما هو إلّا شكل آخر للاستغلال الناعم، خدمة لمصالحها المقدّسة، أمّا مواطنهم الأصلية فليست في فكر قادة فرنسا سوى جنان ضائعة، وجب رهْنها إلى الأبد!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
18
  • عمار

    فرنسا أمة كروية عريقة و يكفي أنها من ساهمت في تطوير كرة القدم و هي صاحبة مبادرة المونديال ناهيك عن كونها مدرسة كروية محترمة جدا و هؤلاء اللاعبون الذين تتحدث عنهم فرنسيون ابا عن جد و لو ولدوا في بلدانهم الافريقية العاجزة لما أصبحوا نجوما في الكرة و يكفي ان تعلم ان الجزائر وصلت الى المونديال بفضل لاعبين جزائريين جاهزين أهدتهم مراكز التكوين الفرنسية.

  • alilat

    الفرق بينك و بين الفرنسيين هو انك تقوم في الصباح فتفتح الراديو المصنوع في الغرب ثم الثلاجة ثم الهاتف ثم ألة الغسيل ثم السيارة ثم ألة الحلاقة ثم ....حتى ثيابك وحليب أطفالك و ... الاستعمار جاء بقرار من الدول الاستعمارية و انتهى بقرار منها أيضا بعدما انتشرت قوانين حقوق الإنسان و منع بيع العبيد و التمييز العنصري. صحيح ان الثورات ساهمت في التحرر ولكن لولا تطور المفاهيم في الغرب نفسه لما نجحنا في الخروج من الاستعمار بدليل أن كبار محاربي الاستعمار هم من المفكرين الغربيين أنفسهم. فلا يكفي ان تجلس أمام جهاز الكمبيوتر المصنوع في الغرب و تكتب لتشتم الملة. أما فرنسا فلها محاسنها و مساوئها تماما كباقي الدو

  • عبدالقادر الجزائـــري

    ردا على تعليق Nabil
    ... نعم هي الحضارة العربية في الأندلس علمت العالم العلوم وأخرجته من الجهل إلى الظلمات ، وإلى اليوم أنت وأسيادك الفرنسيين المخنثين تستخدمون ماوصلوا إليه في الرياضيات والجبر والهندسة ووو...أما فافا فشردت وقتلت وجهلت الشعب الجزائري ... الزواف نكرة لاحضارة لهم ولايذكرهم العالم بشيء لا في العلوم ولا في العلماء...ووو لا هَمَّ لهم سوى ضرب الشيته لمستعبدتهم "فافا " اللقيطة صاحبة الزواج المثلي

  • عبدالقادر الجزائـــري

    ردا على تعليق Nabil
    كلامك هذا نابع من أفكار الزواف الذين يبثون سمومهم بطريقة شيطانية ظاهره حب الخير للجزائر وباطنها الحقد الدفين على الشعب الجزائري المسلم الذي طرد مماكم فافا الخنثى الكافرة ...نعم فرنسا الخبيثة اللقيطة هي من تركت أجدادنا وآباءنا أميين ، وهي من قتلت حوالي 08 مليون شهيد ، وهي من شردت الشعب الجزائري وجوعته واستنزفت خيراته وتفننت في تعذيبه وجربت عليه مختلف الأسلحة الفتاكة ...أنت زوافي مختبيء تحت عباءة حب التحضر...يتبع

  • جزائري - الجزائر

    سؤال بسيط جداً موجه لكل الإخوة المعلقين : نسبة الأجانب و الأفارقة بالتحديد في فريق الديكة تفوق 80 % ...لماذا لا نجد النسبة ذاتها أو نسبة مقاربة لها في كل الميادين العلمية االمتخصصة كالفيزياء النووية والطب والرياضيات والكيمياء والأستروفيزياء .....وجوائز نوبل (الفرنسية) ....وقس على ذلك كل التخصصات الدقيقة ...؟؟؟ ........ أجيبوني من فضلكم !!!

  • أولاد فرنسا والتعليق رقم 1

    يبدو أن هناك عدد كبير من أولاد فرنسا وأذنابها يترددون هنا بالجريدة على التعليقات ولهذا صوتوا على التعليق رقم 1 المضاد لأمهم فرنسا بالسلب مع أن الأخ وضع الأصبع على الجرح وأوضح استغلال فرنسا للأفارقة والمغاربة في الرياضة ولرفع علمها بهم.

  • البشير

    فرنسا الاستعمارية شيء وفريق كرة القدو الفرنسي في روسيا شيء آخر والخلط بينهما غير وارد ومجحف. هؤلاء اللاعبين ذوي البشرة السمراء كما تقول هم فرنسيون وليسوا مغتربين ، ورغبتهم في اللعب في الفريق الوطني الفرنسي شيء طبيعي ولم يرغمهم احد ، فما علاقة الاتعمار بما يحدث اليوم في موسكو وسوتشي وغيرهم من المدن الروسية الحاضنة للمونديال ,ان تكتب عن الاستعمار الفرنسي وتدينه فهذا جميل ولكن أن تخلط بين موضوعين لا علاقة للواحد بالآخر فهذا غير مفهوم

  • عبدو

    لماذا لا نرى للامور بمنظور مختلف ولا نبقى دائما محصورين في الماضي الاستعماري هو زمن ومضى . لماذا لا نقول ان الموهبة ليست مرتبطة بالجينات بل بالعمل .باختصار وما دمنا في المجال الرياضي ان الوصول للتتويج ممكن للعرب والافارقة اذا توفرت الظروف المواتية واحسن مثال هي الرياضة الفرنسية التي تحقق نتائج عالمية بجينات افريقية عربية ولاتينية

  • Mehdi

    Quand on est mauvais, on voit le mal partout, le principe est simple, le meilleur passe, quand on a un talent, on est choisi pour son talent, y a qu'en Algérie ou on regarde l'origine, la couleur de la peau, méme entre nous, on est raciste et on se permet de donner des leçons aux autres. Si la France est mauvaise, pourquoi les gens font la queue pour obtenir un visa, pourquoi les jeunes risquent leurs vies en mer, pourquoi le Président vient se soigner ici ? 60 d'indépendance, l'Algérie n'a pas construit un cinéma.

  • okba

    هدا تحليل من انسان متشبع بالقوميه العربيه ولايري الا ما يري هو فقط العرب اشد احتقارا للشعوب الاخري انظر حاله الاكراد والامازيغ المهمشين في بلادهم انك تنظر الي الاخر بعين واحده فتحاليلكم لايتقبلها انسان عاقل الامن يفكرون مثلكم..ام الاستعمار الاوروبي فاعظي لك كل فرس النجاح وما علي الافارقه الا اظهار قدراتهم وهدا ما حدث فعلا وكره القدم اصبحت الموقع الدي تدوب فيه الجهويه والعنصريه والبقاء لاصلح

  • عبد الحميد عثماني

    مع كامل الإحترام والتقدير لوجهات نظر الإخوة المعلقين، رغم تحفظي على بعض الكتابة العنصرية، فإنّه وجب التنبيه إلى أنّ العمود يعالج القضية من منظور تاريخي لنتائج الحركة الإستعمارية التي استغلت كل شيء ولا تزال تجني حتى اليوم غنائم سرقتها وتهجيرها للإنسان!!
    أما الحديث عما توفرة فرنسا لأبناء المغتربين من فرص فهو قبيل التحصيل الحاصل وليس محل تعليقي.

  • جزائري حر

    مهما يكن فهذا الفريق من إنتاج فرنسي ومن حق فرنسا أن تستغل إنتاجها(جهدها وعملها) ليس مثل le s aneskhiriens الذين أثبتوا للعالم كله أنهم لا يعرفون ولو إنتاج فريق يعرف يلعب كرة القدم لولا الإنتاج الفرنسي.

  • احمد

    لو تفضلت وطرحت مقالك على هؤلاء اللاعبين الأفارقة وأخذت رأيهم في موضوع انتمائهم لفرنسا طوعا وحبا أو فرنسا خطفتهم من الشوارع الافريقية!! زيدان اختار الجزائر وسخر منه الحاج كرمالي، ولما عاد لفرنسا أصبح نجما عالمي كلاعب ومدرب، فهل كان نجمه سيسطع لو أعطى رشوة للاتحادية الجزائرية ليلعب للأفناك؟ وماذا عن محرز ولاعبي المنتخب الوطني ذي الأصول الفرنسية، أليس عيب نسميه منتخب جزائري وهو فرنسي؟ العالم أصبح قرية صغيرة وهاجرت واختلطت الأجناس والكل يستفيد من أبناء الجالية الأجنبية!
    لا ترمي الناس بالججر وبيتك من زجاج! جل الحضارات قامت على الأجانب والحضارة الاسلامية لم ينشئها العرب وحدهم والفضل كان لله والعجم

  • samir

    ya pas d'abrabes en espagne,en anagleterre,en suisse, en suède....si mais les petits des étrangers dans ces pays ne peuvent jamais être formés.en frante on fait de la formation pour pour tout le monde.tu crois qu'il difficile pour la france de former que les français?ces joueuts ont de la chance de jouer en france car avant tout ils jouent pour gagner leur vie .la france n'est pas raciste elle ouvres ces centre de formation pour tous sans distinction de religion ou de couleur de peau

  • said

    c'est parceque en France les enfants d'émmigrés ont la change d'être formés comme eux comme tout le monde,pas comme dans d'autres pays européens où les arabes et les noirs ne peuvent pas inscrire leurs enfants au centre de formation.voilà la réalité qu'il faut dire

  • Issam

    Commentaire très complet intelligent, bravo pour celui qui a fait le tour du sujet

  • Nabil

    بعض مضيّ ما يزيد عن نصف قرن من الإستقلال ما زلنا نرمي أوزارنا و خيباتنا على الغير.
    إنّ ما عرف بالحضارة العربيّة الإسلاميّة مبنيّة على إبداعات و إنجازات البلاد المستعمرة (إن شئت "المفتوحة" فكلّ شيء نسبي)، فلا لغة دون سيبويه و لا طبّ دون ابن سينا و لا رياضيات دون الخوارزمي و لا تصوّف دون الجلّاني و لا حديث دون البخاري و لا و لا....فلما لا تصف عرب الجزيرة بما تنعت فرنسا. قد أكثرت الكلام و خير الجواب لمثلك سلاما.

  • مجد فرنسا بناه الزنوج والمغاربة

    فرنسا تلعب بفريق "الفرانسافريك" أو باللاتينية françafrique وهذا منذ كانت لها مستعمرات فهي تستغل الأفارقة لجلب الكؤوس والميداليات فنسبة 80% لا علاقة لأصولهم بفرنسا (أفارقة، مغاربيين، زنوج من الهايتي والكرايب و من أوروبا الشرقية) ونرى كل فرقها هي غريبة الأصول عن فرنسا (كرة اليد-كرة السلة-الركبي) بالإضافة إلى العدو والسباقات والرياضات الفردية ... ففرنسا تستعبد الأفارقة للفوز بهم عكس ألمانيا أين نجد بفرقها لكرة القدم لاعبين أو ثلاثة (خذيرة-أوزيل-بواتنغ) أو إيطاليا واحد (بالوطيلي) ففرنسا ترى في الأفارقة أداة لمآربها ومجدها فالسينغالي الذي أنقذ الطفلة من الشرفة تم تجنيسه وآخر منع عملا إرهابيا.