-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الرئاسيات خطوة في طريق الحل

جمال غول
  • 298
  • 1
الرئاسيات خطوة في طريق الحل
ح.م

إن ما يَمرُّ به وطننا الحبيب من أزمة سياسية تكاد تخنق أنفاسه وأنفاس المخلصين الذين كانوا ولازالوا وسيبقون وقود الطاقة التي تحمل الوطن وتحميه في حالتي السلم والحرب وإن احترقوا في صمت أحيانا وتحت وطأة الشيطنة الممنهجة أحيانا أخرى، جعل الانقسام على أشدِّه بين الفاعلين من المجتمع المدني والسياسي في إيجاد أو تبني الطريق الآمن المفضي إلى الحل الصحيح في الوقت الذي ينبغي أن تكون كلمتنا واحدة وأن يكون الانقسام منبوذا مرفرضا أكثر من أي وقت مضى .

بدأت بوادر الاختلاف عندما انقسمت الشعارات التي ترفع في الحراك لتتحول إلى عامل فرقة بعد أن رسمت صورة ولا أروع في التعايش والتكافل والتآخي فكان الشعار: (جيش شعب خاوة خاوة) معبرا عن عمق ذلك بلا منافس.

كما أن تطوّر المطالب التي كانت سياسية جامعة بامتياز عُبِّر عنها بشكل واضح بشعار (كليتو البلاد يا السراقين) إلى مطالب فئوية أقرب الى الاستقطاب الإديولوجي منه إلى مطالب سياسية .

و لما عجزت النخبة عن ترجمة المطالب بنوعيها إلى مشاريع عملية تُقترح للتنفيذ فضلا عن أن تفرضها وتجعلها أمرا واقعا رغم ما بُذل في سبيل ذلك من بعضهم على شكل ندوات وطنية جادة عيبها أنها لم تتلق رسالة السلطة تلقيا تفاعليا، لم يكن أمام تلك السلطة إلا الإعلان عن خطة الطريق المتمثلة في تحديد موعد الانتخابات الرئاسية وما يتبعها من إجراءات وتحضيرات، ليصل الاستقطاب عندئذ إلى أوجِّه !

فمِن مؤيد للانتخابات بالشكل والمضمون المقترحين، ومِن معارض لفكرة الانتخابات أساسا ومهما واكبها من ضمانات.

ومِن متحفظ على الضمانات الحامية لنزاهة الانتخابات على اختلاف في تقدير هذه الضمانات مجتمعة غير منقوصة أو يكفي تحقق جزء منها: كرحيل بن صالح وحكومة بدوي وفتح الإعلام وعدم التضييق على الحراك والحريات عامة وإطلاق سراح المعتقلين في إطار نشاط الحراك السلمي.

وأهل هذه الفئة انقسموا بين مَن هو مع إجراء الانتخابات في موعدها المحدد ما تحققت الضمانات ،و بين مَن يرى ضرورة تأجيلها، وآخرون مع الانتخابات بما تحقق كحد أدنى من الضمانات بشرط أن يكون هناك مرشح توافقي.

وفي ظل كل هذه الانقسامات قد تضيع الفرصة التاريخية التي انتظرها جيل بكامله حلم بوطن آمن أساسه العدل تمارس فيه المواطنة في أعلى صورها الأخلاقية والمدنية والاجتماعية والسياسية، فمن يتحمّل مسؤولية ضياع هذه الفرصة التاريخية؟

عندما يرفض الحراك تمثيله ويُشيطن كل من يحاول ذلك بحجة أن الحراك أكبر من الجميع، فهل يمكن لهذا الحراك أن يتفق على مخرج مناسب؟

عندما يصبح الفاعلون على اختلاف تخصصاتهم عاجزين عن اقتراح المشاريع المكتملة ويكتفون بتكميل مشاريع السلطة فهل ينفع بعد ذلك إيقاع اللوم على من استطاع أن يفرض مشاريعه؟

عندما لا تملك النخبة الفعل الحضاري وتكتفي برد الفعل على اقتراحات السلطة فهل يحق لها انتقاد مشاريعها مهما شابتها الشوائب والمعايب؟

عندما لا تقدر مؤسسات المجتمع المدني والسياسي على فرض موقفها وفق مبدأ ميزان القوة، فهل ستُجدي مناطحة الموقف المفروض من السلطة؟

عندما يُثخِن الانقسام في صفوف المؤيدين للانتخابات ويتشبت كل واحد بموقفه، فهل يمكن الوصول إلى اتفاق على مرشح توافقي يحضى بقبول شعبي ورسمي؟

وأمام هذه التساؤلات المجلية للوضعية المتأزمة التي تكاد أن تكون أجوبتها واضحة فإن المخرج لن يكون كما حلم به الحراك كاملا بل سيعتريه النقص والخلل، فهل يعد ذلك نقصا أو عيبا في هذه الظروف؟ مع ما تقرر من القواعد المعلومة كقاعدة: مالا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وما لا يدرك كله لا يترك (جله). ويبقى النضال مستمرا على جميع الأصعدة وإن طال إلى غاية تحقيق المرغوب بإذن الله تعالى، وتلك هي سنن التغيير التي لا تحابي أحدا منذ أن خلقها الله تعالى إلى أن يرث الأرض ومن عليها .

فبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وشغور المنصب الأول في الدولة ما كان على رجال الدولة إلا المسارعة إلى سقيفة بني ساعدة والتوافق على أبي بكر رضي الله خليفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وما كان من البقية من رجال الدولة وأبناء الدولة إلا المبايعة غلقا لباب الفتنة الملعونة وإن كان هناك من تلكأ في أول الأمر في إمارة أبي بكر ومَن هو أبو بكر رضي الله تعالى عنه. وقد كانت هناك أعمال عظيمة تنتظر التنفيذ كدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنفاذ جيش أسامة رضي الله وما أدراك ما إنفاذ الجيش ولكن أُجِّل كل ذلك إلى ما بعد انتخاب خليفة المسلمين.

فاللهم أبرم للأمة الجزائرية أمر رشد واجعل ولايتها فيمن كان قويا أمينا وحافظا عليما وخافك واتقاك واتبع رضاك.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • أنا

    الشعبي البسيط أصبح حائراً و محصوراً بين مطرقة بقاء بدوي لتنظيم انتخابات (مشكوك فيها) و بين رغبة (الزواف) في الفوضى !