-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الرئيس.. هل يكفي؟ 

الرئيس.. هل يكفي؟ 
ح.م

 بعض المواطنين، على براءتهم، يصفون دخول الانتخابات الرئاسية، بـ”الحل الجذري لمشاكل البلاد”؛ فالرئيس بالنسبة إليهم ربّ الأسرة الذي يقابل رؤساء دول العالم، بعد أن حُرموا منذ ست سنوات من “نعمة”، الرئيس الذي يقابل ضيوفه في المطار، ويطوف قارات العالم الخمس، ويحلّ مشاكلهم مع السكن والعمل والنظافة والأخلاق والفقر والمرض والجريمة والتأشيرة وحتى في قضايا الزواج والطلاق… البعض ينتظر رئيسا متشدِّدا يفرض الحجاب على النساء ويمنع الاختلاط، وآخرون يريدون حرية تامة، حيثما حلا للإنسان فعل شيء، فعله، بعضهم نسي بأن الدولة منظومة وقانون، والبلاد شعب ومجتمع، فحمّل الرئيس السابق لوحده كل الموبقات التي تُثقل كاهل البلاد، وينتظر من الرئيس القادم لوحده تجاوز المحن ومنح لكل مواطن خاتما “سليمانيا” يحوّل الفقر إلى غنى والبؤس إلى سعادة.

الناس تتابع بكثيرٍ من الشغف جرّ جمال ولد عباس وخليدة تومي إلى السِّجن، وتنتظر القبض على بوشوارب وسعيداني وشكيب خليل، وتعتبر هذه الأسماء كل العصابة أو رؤوسها، وترى في ضرورة تغيير الأسماء والنظام حلا نهائيا لمشاكل عمرها 57 سنة كاملة، ولا أحد تجرّأ على قول الحقيقة كلها، وتحميل الشعب جزءا من هذه المشكلة العويصة والمتشعِّبة، وجعله أيضا جزءا من الحل القادم من خلال تحمّل مسؤوليته، واليقين بأن السكن والعمل والنظافة والأخلاق والفقر والمرض والجريمة والتأشيرة… ليست مَهمَّة الرئيس وحده، وإنما المجتمع برمّته.

هناك دولٌ كثيرة غيّرت الرئيس وهمّشت طاقمه وزلزلت النظام ونسفت أركانه، ولكن الشعوب عجزت بعد ذلك عن الانطلاق، بل صار بعضُها يتمنى عودة النظام السابق، وهناك دولٌ بمجرد أن أبعدت الربان الفاشل، سار مركبُها بأمان وسلام.

القول إن البلاد وصلت إلى باب مسدود هو استسلامٌ للقنوط، وانتحارٌ معنوي قد لا تكون بعده حياة، لكن القول إن الأمر سيُحلّ بسهولة بعد رحيل النظام، هو أيضا غرورٌ قد لا تكون بعده حياة.

الجزائريون مُجبَرون على محاسبة أنفسهم، والاعتراف بأخطائهم والسَّعي إلى معالجتها، فلا يمكن أن نطلب من الدولة التقشُّف، والجزائري يأكل ويلبس ويتفسَّح ويلهو ويركب، فوق طاقته، ونطلب من الدولة أن توقف مهرجانات البذخ وفي بيوتنا وأفراحنا كرنفالات، ونطلب من الدولة القضاء على المحاباة والمحسوبية وكلنا نريد كل السكنات والأراضي ومناصب الشغل لأنفسنا ولأهلنا.

الذي يزور تركيا أو أندونيسيا أو إثيوبيا، سيلاحظ بأن كل فردٍ من هذه البلاد، صار دولة قائمة بذاتها، آمن بأن “أوكسير” الحياة الوحيد، هو العمل، فالتحم الرئيس والمرؤوس في مشروعٍ قومي، لا ولاءَ فيه سوى للحق وللقانون، ولم تعد هوية القائد ومشربُه واتجاهه وإمكاناته إلا رقما في المعادلة، وليس المعادلة كلها، وإذا كان غالبية الجزائريين غير مقتنعين بالخمسة الذين يتسابقون نحو الرئاسة، وهم على حق، فإنَّ الرئاسة الحقيقية هي التي يصنعها المجتمع، وحينها ستسقط أوراق الخمسة، كما سقطت في المجر وبولونيا والهند والبرازيل.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
9
  • نمام

    طبعا لا دساتير فارغة تكرس الهيمنة و الاستبداد و حكم الفرد الالاهي مع ذلك من يظن ان الدساتير في عالمنا تحل مشكل البطالة والفقر و العجز والسكن واهم والاتكاء على التسويف والامال الفارغة سير في طريق الدولة الفاشلة ومن يتعجل و يرتجل الحلول عليه ان يكون جزء من الارادة الالاهية او الاه الحياة صراع للقدر وتؤخذ غلابا لا فكر رواقي

  • جزائري حر

    الجزائر والجزائريين الأحرار بحاجة إلى دولة القانون والمؤسسات وأما العبيد فقد ألفوا العبودية لدلك تجدهم اليوم متشوقين لرئيس ينادونه : سيدي . حين تكون لك دولة قانون ودولة مؤسسات فأنت لست بحاجة لرئيس حتى وأن كان لك دلك فالرئيس يكون دوره تشريف فقط مثل ما موجود في ألمانيا فأنجيلا ميركل تترأس الحكومة فقط ولا دخل لها فيما تجنيه ألمانيا من مداخيل للخزينة الألمانية مثل ما يرى البعض دلك لأن ألمانيا قوية ناجحة بمؤسساتها وليس بأشخاصها.

  • فاروق

    بالقانون تبنى الدول و ليس فقط بالتغيير الذهني, و القانون يستلزم الشرعية

  • ابن الجبل

    ... وهكذا يواصل الحراك انتفاضته حتى يختار الرجل المثالي الذي يقود جزائر الشهداء الى بر الأمان .. لا يمكن انتظار الفرج من بقايا النظام الفاسد ! .

  • محمد

    كن صريحا إنك تريد أن تقول أن حكامنا ليسوا سبب الفساد القائم في هذا البلد المشؤوم.صحيح أن كل الموبقات ترسخت في نفوس أفراد المجتمع حتى قل أن تجد من يحمد الله على ما رزقه من أنواع الخيرات بل ارتد الكثير عن دينه الذي رفعه إلى العليين وتجرأ السفهاء للطعن في أبطال ثورة التحرير والزعماء الذين رفعوا لواء الوطن في ساحة الأمم المتحدة.صحيح أن مدرستنا تلقن الكسل والجهل وترسخ في أذهان التلاميذ التحايل والغش وتمنح الشهادات لمن يقدم الرشوة للفاسدين.لكن من علم المجتمع كل هذه الموبقات؟ألم توزع الأرباح لمن قضى وقته في المقاهي ولمن له صلة قرابة بالحكام؟ألم تمنح قروض طائلة من أموال الدولة لكل المفسدين؟أين الصدق؟

  • boulacheb nawel

    مولاي الحاكم m'y lord

  • boulacheb nawel

    الرئاسة ستقضي على 50% من الثوران

  • nina boulacheb

    تحيا الحرية

  • ياسين

    المجتمع الجزائري ضحية تجار الوهم و صناع اليأس؟؟؟