-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الراغبون في الرئاسة.. والثقافة

حسن خليفة
  • 211
  • 1
الراغبون في الرئاسة.. والثقافة
ح.م

 بعيدا عن مصادرة حق شخص رغب أو يرغب في الترشح لمنصب الرئيس في بلدنا، وبعيدا عن التعقيب عمن رأوا “النأي” بأنفسهم وبكياناتهم عن هذا المعترك الكبير القادم، وبعيدا عن الكلام الفصيح في الشأن السياسي الوطني الذي يحتاج إلى الكثير.. الكثير من الكلام الصادق الصريح، بل الكلام القاسي؛ لأن الساحة السياسية تعكس بشكل أو بآخر حقيقة الواقع وما هو عليه من “ترهّل” وتمزّق وانشطار وبؤس وانتهازية ورداءة..

وإنما هذا الواقع ـ في مجموعه ـ ثمرة من ثمرات التصحير الشامل الذي مورس على البلد منذ عقود طويلة، فأثمر هروبا، وحرقة، وعزوفا ولا مبالاة، وأنانية، وإغراقا في الشكليات والتباسات لا تنتهي في عالم الأشياء وعالم الأفكار وعوالم البشر.

 بعيدا عن كل ذلك نودّ أن نطرح موضوعا له صلة بالثقافة، وهي الأصل في كل طموح سياسي، كما أنها الأصل في البرامج التي يُفترض أن تكون محلّ تنافس في أي استحقاق انتخابي، وبالأخص منه الاستحقاق الأكبر وهو انتخابات الرئيس، لبلد قارة، يعاني من كثير من المشكلات في عديد المجالات، ويبحث أبناؤه الصادقون عن حلولها وأدويتها التي تكمن ابتداء في “الثقافة”.

نعم إنها في الثقافة أساسا وأصلا، لأن الثقافة هي المفتاح والمدخل إلى النهضة؛ ولأن الثقافة هي المعيار الرئيس في القائد؛ ولأن الثقافة هي “سلوك تعلّمي دائم متصل”، أو هي “ذلك الكلُّ المركّبُ الجميل المتكامل: علم، معرفة، سلوك، بصيرة، حكمة، أخلاق، وعي، استشراف، أدب وفن، عادات اجتماعية إيجابية… إلخ”.

تُرى، ما هو موقع “الثقافة” في أجندات وبرامج هؤلاء الراغبين في الترشّح؟ هل سمعنا ذكرا للثقافة في تصريحات أي شخص منهم؟ هل يمكن أن يصدق وصف “المثقف الفائق” في أي من هؤلاء المتزاحمين على كرسيّ الرئاسة، أو حتى غير الراغبين في السياق الحالي، أو الذين هم “نص نص”؟… لماذا يخفت صوت الثقافة إلى هذا الحدّ المخجل في تصريحات وبيانات وفعاليات السياسيين بصفة عامة، والمتقدمين إلى الاستحقاق القادم بصفة خاصة؟

هل إن منسوب الوعي بأهمية الثقافة في حل مشكلات البلد ضعيف ـ حتى لا أقول صفريّ ـ ؟ وما تفسيرنا ـ حينئذ ـ لذلك؟!

 من جهة أخرى، هل يمكن أن نعرف من هؤلاء الراغبين والمترشحين الأعزاء الجواب عن هذه الأسئلة:

ـ ما هو آخر كتاب قرأه، في أي من المجالات الحيوية التي تدخل في دائرة الثقافة بمعناها الحقيقي والمنهجي؟

ـ وهل أعطته قراءاته وتطوافه في عالم الأفكار شيئا يمكن أن يستفيد منه في بناء برامجه، واقتراح ما يجب من حلول فعلية لما هو قائم من المعضلات في كثير من جوانب الحياة الشاقة المعقدة؟

ـ وهل لديه استفادة كافية أو حتى شبه كافية بمعرفة سير وتراجم الحكام والأمراء والصلحاء وكبار الشخصيات التي تركت آثارها وبصماتها في تاريخ الإنسان والإنسانية؟

ـ هل لدى هؤلاء، أو بعضهم على الأقل، استلهام ثقافي وتثاقف حضاري بالاطلاع والرصد والقراءة المتواصلة؛ لأمهات الكتب والوثائق والمراجع… بما يساعد على فهم حقيقة المعضلات الإنسانية في نفوس مواطنيه: كفقدان الأمل، والاكتئاب، والاغتراب، وفقدان الأمان النفسي والعاطفي، والخواء… إلخ. التي هي أسس لمشكلات أكثر تعقيدا تظهر في الواقع بصور شتّى نراها كل يوم: عدوانية وعنفا، واستشراء فساد، وموت ضمير، وغياب وعي، وارتكاسا في حمأة الأنانية والماديات، ونفاقا اجتماعيا ودينيا، ونزقا، وشراهة في الإساءة إلى الآخرين والأخريات؟

ـ وهل… وهل.. وهل؟

دعونا نتصارح: الثقافة أولا.. الثقافة ثانيا.. الثقافة أخيرا. من غير ثقافة حقيقية لن نحقّق ما يجب، في أي ميدان…

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • KF

    هذه هي ببعينها فلسفة البؤس وبؤس الفلسفة يا استاذ خليفة. وفقكم الله لخير البلاد والعباد.