-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الرصاصة خرجت..!

جمال لعلامي
  • 803
  • 1
الرصاصة خرجت..!

الصحفيون المحترفون والمتمرّسون والمخضرمون، أصبحوا لا يجدون موضوعا يكتبونه، فقد جفّت الأقلام، وانقرضت الشخصيات التي يمكنها أن تصنع الجدال والسجال بحوار مفيد وهادف، وحتى الأخبار لم تعد بذلك الزخم والسيلان والأهمية، في زمن اختطف فيه الفايسبوك واليوتوب والتويتر وغيرها من وسائط الاتصال الاجتماعي المهنة من الإعلاميين الذين درسوا في المدرسة العليا للصحافة أو معهد علوم الإعلام والاتصال!
بعض الشخصيات السياسية والاقتصادية والوطنية والثورية والاقتصادية والدينية، التي تنزل ضيفا في البلاطوهات والاستوديوهات وصفحات الجرائد، سرعان ما تتراجع عن تصريحاتها وشهاداتها واتهاماتها، أو على الأقل جزء منها، بمجرّد، أن تستقبل مكالمة هاتفية من صديق أو من “صاحب الدعوة”، فيلجأ هؤلاء الضيوف إلى “مسح الموس” في الصحافة رغم أن كل شيء مسجل من الألف إلى الياء!
الغريب أن هذه التسجيلات المباشرة والموثقة، سواء بالكاميرا أو وسائل التسجيل التكنولوجية، لم تعد “دليلا ملموسا”، فالمعنيون يكذّبون كلامهم ولا يخشون في ذلك لومة لائم، ومنهم من ينتقل في سياق “خير الدفاع الهجوم”، إلى تلقين معشر الصحفيين أصول وفصول وأخلاقيات مهنة أصبحت شاقة، وانتقلتا من مهنة المتاعب إلى مهنة المصائب!
وزراء وولاة وأميار ونواب ومديرون وشخصيات عمومية، يقولون ثم يتراجعون و”يحنثون”، وبدل أن يصوموا ثلاثة أيام متتابعة، علّها تغفر لهم ما تقدّم وتأخر من ذنوب، فإنهم يتهمون الإعلاميين بتضليل الرأي العام وتغليطه، من خلال تحريف كلامهم وزبره زبرا!
صحيح أن الإعلام، أخلاق ومهنية وصدق ومصداقية وموضوعية واحترام، لكن الصحيح أيضا أن المعني بالتصريح، إذا أراد التراجع، لسبب من الأسباب، وهو حرّ في ذلك، عوض أن يتهم الإعلامي، عليه أن يعتذر، للجهة التي “هاجمها” أو انتقدها أو شكك فيها أو أساء إليها، دون الحاجة إلى البحث عن مشجب لتعليق تصريحات موثقة ومسجّلة بالصوت والصورة!
المصيبة أن الكثير من “الضيوف الجُدد” للإعلام “الجديد”، يريدون للإعلام أن يكون مثلما يفهمونه هم، وليس مثلما تمّ تدريسه في جامعات العالم منذ أن تأسّس هذا الإعلام، وظهرت أول جريدة في الكون، وهذه واحدة من المشاكل العويصة التي بات “بقايا” الصحفيين يواجهونها، بل ويعجزون عن ابتكار الحلول ومخارج النجدة الملائمة لها!
نعم، هناك مشكلة في بعض الإعلاميين، لكن هناك مشكلة أيضا في بعض المسؤولين والشخصيات، التي تقول ما لا يجب قوله، أو تقول ما يجب قوله، ثم تتراجع وتصحّح ما لا يجب تصحيحه بعد ما خرجت الرصاصة من بيت النار!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • صالح بوقدير

    لوكان الاعلام ذامصداقية واحترافية حقا لما وصلت الجزائر إلى وصلت إلية من طغيان الفساد وانحدار الاخلاق _فالصحيح مايريح كما يقول المثل الشعبي_ ولا تغول الناهبون للمال العام ولا تقلد المناصب الهامة في الدولة ومؤسساتها أراذل القوم