-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الزّكاة.. ركن الإسلام الذي ضيّعه كثير من المسلمين

سلطان بركاني
  • 621
  • 3
الزّكاة.. ركن الإسلام الذي ضيّعه كثير من المسلمين
ح.م

لا شكّ في أنّ حديث كثير من المنابر هذه الأيام هو حديث عن الزّكاة؛ هذا الرّكن المهمّ من أركان الإسلام، الذي ضيّعه كثير من المسلمين من أصحاب الأموال، فكانت إضاعته سببا من أسباب حلول نقمة الله- جلّ وعلا- على العباد. أموال المسلمين في البنوك العالمية تجاوزت 15 مليون مليار سنتيم، وملايين المسلمين في شرق الأرض وغربها يعانون الفقر والفاقة، بل إنّ مئات الآلاف منهم يموتون سنويا بسبب الجوع والمرض، في وقت كان يفترض أن يستفيد فقراء المسلمين في فلسطين وسوريا والصّومال وإثيوبيا ونيجيريا وإفريقيا الوسطى وبورما وفي كلّ مكان، من مبلغ يتجاوز 37500 مليار سنتيم سنويا، ما يعني أنّه لن يبقى في أمّة محمّد- صلى الله عليه وآله وسلّم- فقير واحد.

مسلمون غارقون في التّرف وآخرون يموتون جوعا

كثير من أصحاب رؤوس الأموال الضّخمة لا يعرفون شيئا اسمه الزّكاة، ولا يهمّهم أن يؤدّوا ما أوجب الله عليهم في أموالهم، وإنّما همّهم الإغداق على الشّهوات والملذّات والكماليات، والتنافس في فتح القنوات التي تسخط الله ربّ الأرض والسّماوات.
أطفالٌ يموتون بسبب الجوع في بعض بلاد المسلمين، وكثير من نساء المسلمين المترَفات تنفق الواحدة منهنّ الملايين سنويا لاقتناء مستحضرات التّجميل وتصفيف الشّعر؛ فضلا عن الملايين التي تنفق في اقتناء هذه الألبسة الضيّقة التي تضخّها دور الأزياء اليهودية كلّ سنة في بلاد المسلمين. فإلى أين نسير؟ يقول الحقّ تبارك وتعالى: ((أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (2) كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3) ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ (4) كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6) ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ (7) ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (8))). نعم سيُسأل كلّ واحد منّا يوم القيامة عن ماله ممّ اكتسبه وفيم أنفقه؟ سنُسأل جميعا عن المسلمين الذين ماتوا ويموتون بسبب الجوع. سيُسأل أصحاب الأموال وأصحاب المحلات وأصحاب المقاولات والتجارات عن الزّكاة وعن الصّدقات. سيُسألون عن الزّكاة أخرجوها أم منعوها؟ سيُسألون إن كانوا أخرجوها عن طيب نفس أم أخرجوها وهم كارهون؟ سيُسألون هل أعطوها الفقراء والمساكين والمستحقّين أم تخلّصوا منها وأعطوها غير المستحقّين؟

الزّكاة.. قضية أمّة بأكملها

أمر الزّكاة ليس بالأمر الهيّن، إنّها قضية أمّة بأكملها. إذا مُنعت أو أعطيت لغير مستحقّيها، أَثِم الأغنياء، وأثِم الحكّام الذين لم يأخذوها منهم ويضعوها في مصارفها، وأثِم عامّة النّاس الذين لم ينهوا الأغنياء عن هذا المنكر العظيم، وحلّت العقوبة بالأمّة جميعا: يقول نبيّ الهدى عليه الصّلاة والسّلام: (ما منع قوم زكاة أموالهم إلا مُنعوا القطر من السّماء، ولولا البهائم لم يمطروا).
إذا ترك المسلم الصّلاة أو الصّوم أو الحجّ، فإنّ ضرر ذلك في غالبه يعود عليه وحده، ولكنّه إذا منع الزّكاة فإنّه يطعن أمّة بأكملها، لأجل ذلك أوجب الله- تبارك وتعالى- على ولاة الأمر والحكّام أن يأخذوا الزّكاة من الأغنياء عنوة وقهرا إن هم منعوها ورفضوا إعطاءها، يقول النبيّ عليه الصّلاة والسّلام: (من أعطاها مؤتجرا بها فله أجرها، ومن منعها فإنّا آخذوها وشطر ماله عزمة من عزمات ربنا عزّ وجل، ليس لآل محمد منها شيء). بل قد شرع– صلوات ربّي وسلامه عليه- قتال مانعي الزّكاة إن هم تواطؤوا على منعها وتحصّنوا في سبيل ذلك، وقد قاتل أبو بكر الصدّيق– رضي الله عنه- مانعيها، وقال: “لأقاتلنّ من فرّق بين الصّلاة والزّكاة”. وكيف لا يفعل الصدّيق ذلك والزّكاة ركن من أركان هذا الدين، ربطت بالصّلاة في القرآن الكريم في 27 موضعا، حتى قال بعض علماء المالكية: “لا تقبل صلاة من لا يزكّي”. من جحد الزّكاة وأنكر وجوبها فقد كفر بالله ربّ العالمين، ومن منعها شحّا وبخلا فقد أتى بابا عظيما من أبواب الكبائر، وهو على خطر عظيم في الدنيا ويوم الدين.

عقوبات منع الزّكاة في الدّنيا والآخرة

من منع الزّكاة أذهب الله- تبارك وتعالى- البركة من ماله؛ فلا تجده على ما عنده من الأموال إلا شاكيا باكيا، الفقر بين عينيه، لا يستمتع من ماله بقليل ولا كثير، وربّما يسلّط الله عليه زوجته وأبناءه الذين جحد الزّكاة لأجلهم، وربّما يسلّط عليه وعلى أهله من الهموم والغموم والضّيق والأحزان ما ينغّص حياته، ومن الأمراض والمصائب والآفات ما يَذهب بماله، هذا في الدّنيا، أمّا في الآخرة، فإنّ العقوبة أدهى وأمرّ، يقول الحقّ جلّ وعلا: ((وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ – يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُون)).

فضل الإخلاص والاحتساب في إخراج الزّكاة

لأجل هذا، ينبغي لكلّ مسلم امتنّ الله- تبارك وتعالى- عليه وآتاه من المال ما آتاه، وحباه هذه النّعمة أن يشكر لله الذي جعله ممّن اختصّهم بهذا الفضل، ومن تمام شكره أن يؤدّي حقّ الفقراء والمساكين ممّا آتاه الله، طيّبة بها نفسه، خاشعا متواضعا، يرجو الأجر والثواب من الله؛ فإذا كانت الصّدقة التي هي نافلة من النّوافل تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النّار، وتمنع المصائب عن صاحبها في هذه الحياة، وتجعله يوم القيامة تحت ظلّ العرش، وتدخله جنّة عرضها السّماوات والأرض، إذا كانت الصّدقة تفعل بصاحبها هذا وهي نافلة من النّوافل، فكيف بالزّكاة التي هي فرض من الفرائض، والله تبارك وتعالى يقول في الحديث القدسيّ: (وما تقرّب إليّ عبدي بأحبّ إليّ ممّا افترضته عليه)؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • شخص

    من يتكلم عن فرضية (أنه فرض) في الدول العربية فهو إرهابي. و في أحسن الأحوال متخلف رجعي !

  • قحيب الدين الزبشاني

    قال الإمام محمد بن عبد الوهّاب رحمه الله :
    (( وقال الشيخ ابن تيميه - رحمه الله - في آخر كلامه على كفر مانعي الزكاة : والصحابة لم يقولوا هل أنت مقرٌّ بوجوبها أو جاحدٌ لها ، هذا لم يعهد عن الصحابة بحال بل قال الصدّيق لعمر - رضي الله عنهما - : والله لو منعوني عناقاً كانوا يؤدونها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم على منعها . فجعل المبيح للقتال مجرّد المنع لا جحد وجوبها ، روى أن طوائف منهم كانوا يقرّون بالوجوب لكن بخلوا بها ومع هذا فسيرة الخلفاء فيهم واحدة و هي مقاتلتهم وسبي ذراريهم و غنيمة أموالهم والشهادة على قتلاهم بالنار وسمّوهم جميعاً أهل الردّة ))

  • الزكاة و الميراث

    تأملوا معي سخرية الوضع:
    أئمة وعلماء و شعب ينتفضون حول المساواة في الميراث، لكنهم لا ينتفضون ضد من لا يطبق الزكاة رغم أنها ركن من أركان الاسلام الخمسة التي إن يؤديها صاحبها يخرج من ملة الإسلام ، و بسبب عدم أداء الزكاة قامت حروب الردة في عهد الخليفة أبو بكر الصديق ، فكما هو معلوم سميت بحروب الردة بسبب إعتبار أصحابها مرتدين لأنهم لم يدفعوا الزكاة
    و تم إعلان الحرب عليهم
    العبرة :
    الشعب لا يهمه تطبيق الشرع إن كان سيسحب منه الأموال ، حتى و لو كان هذا الشرع ركنا من أركان الاسلام التي إن لم يعمل بها يعتبر من المرتدين ، لكنه يثور غيرة على الدين إن تعلق الأمر بمصالحه المالية كالمساواة في الميراث