-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
من نتائج انهيار الدولة في عهد بوتفليقة

السفير الأمريكي بالجزائر.. سنتان من النشاط خارج الدستور!

محمد مسلم
  • 12439
  • 0
السفير الأمريكي بالجزائر.. سنتان من النشاط خارج الدستور!
الشروق أونلاين

تفاجأ المتابعون للشأن الدبلوماسي، بتأخر تسليم سفير الولايات المتحدة الأمريكية بالجزائر، جون ديروشر، أوراق اعتماده لرئيس الدولة عبد القادر بن صالح، إلى الأربعاء الأخير، وهو الذي ملأ الدنيا نشاطا وحضورا في الساحة الوطنية، من خلال الزيارات التي قام بها للكثير من المسؤولين في الدولة والأحزاب السياسية وإلى الجزائر العميقة..
ومن شدة حضور ديروشر في المشهد، اعتقد المراقبون أن الرجل لم يسلم أوراق اعتماده بل زار بن صالح لتوديعه، لأنه من غير المعقول أن يبقى سفير دولة في دولة ما، نحو سنتين من دون أن يسلم أوراق اعتماده لرئيس الدولة المستضيفة.
ولدى استقباله من طرف رئيس الدولة، قال الدبلوماسي الأمريكي “إنه لشرف استثنائي أن أمثل الولايات المتحدة الأمريكية هنا في الجزائر. لدى بلدينا العديد من المصالح المشتركة وأنا أتطلع للعمل مع الجزائريين لتعزيز العلاقات بين حكومتينا وشعبينا”.
وكان ديروشر قد كلف بمهمته الدبلوماسية في الجزائر في صائفة 2017، وظل منذ ذلك الوقت ينشط بشكل عادي، وربما أكثر حتى من الدبلوماسيين المعتمدين، ويمكن التأكد من ذلك بالعودة إلى حسابه في موقع التدوينات المصغرة “تويتر”.
وفق شريط تغريدات ديروشر، فإن آخر زيارة له إلى الجزائر العميقة، كانت في الثاني من الشهر الجاري، وقادته إلى ولاية عين الدفلى، أين التقى مع والي هذه الولاية عزيز بن يوسف، وتمحور اللقاء “حول الإمكانات الزراعية الهائلة للمنطقة وفرص تطوير القطاعات الأخرى”. وخلال هذه الزيارة أشرف على تدشين مرفق سباير ميتال، شراكة بين باتيمال الجزائرية وفرام ماكس سيستمز الأمريكية، وفق تغريدة له.
وقبل ذلك، زار مدينة الصخر العتيق، قسنطينة، في الرابع والعشرين من الشهر المنصرم، وزار مقام الشهيد في 18 فيفري للترحم على أرواح الشهداء، ونصب لجنة الصداقة البرلمانية الجزائرية الأمريكية في 13 فيفري، واستقبل من طرف وزير الخارجية السابق، عبد القادر مساهل بمناسبة انعقاد الدورة الرابعة للحوار الاستراتيجي الجزائر الأمريكي، في 29 جانفي..
كما استقبل أيضا من طرف الوزير الأول السابق، أحمد أويحيى، بصفته وزيرا أول وكأمين عام لحزب التجمع الوطني الديمقراطي، ورئيس جبهة المستقبل عبد العزيز بلعيد، ورئيس “تاج” عمار غول، ورئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري، وزار العديد من الولايات واستقبل من طرف ولاتها مثل ورقلة وباتنة والقائمة طويلة…
ولم تكن حالة السفير الأمريكي الاستثناء، بل تحولت إلى قاعدة، فالسفير الفرنسي، كسافيي دريانكور، يتقاسم معه هذا الوضع، حيث قدم إلى الجزائر لتعويض سلفه، بيرنار إيميي في صائفة 2017، غير أن تسليم أوراق اعتماده تأخر إلى غاية السادس عشر من الشهر الجاري، والأمر كذلك بالنسبة للسفير التونسي ناصر الصيد الذي قدم للجزائر بصفته سفيرا لبلاده في صائفة 2017، غير أن تسليم أوراق اعتماده لبن صالح تأخر إلى غاية الأربعاء الأخير أيضا.

فكيف يمكن تفسير هذا الاستثناء الذي تحول إلى قاعدة في الجزائر؟

المطلعون على الشأن الدبلوماسي يرجعون هذه الظاهرة، إلى الشلل الذي كانت تعاني منه البلاد في فترة حكم الرئيس السابق، عبد العزيز بوتفليقة، وخاصة في العهدة الرابعة، أين غاب الرجل الأول في الدولة عن المشهد تماما بسبب المرض، ما أدى حتى إلى إلغاء زيارات لرؤساء دول كانت مبرمجة سلفا، مثل زيارات كل من الرئيس الصيني، شي جين بينغ، والرئيس التركي رجب الطيب أردوغان، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في المرة الأولى..

وتنظم هذا الإجراء المادة 92 من الدستور، والتي تنص في فقرتها الأخيرة على “يعيّن رئيس الجمهوريّة سفراء الجمهوريّة والمبعوثين فوق العادة إلى الخارج، وينهي مهامهم، ويتسلم أوراق اعتماد الممثّلين الدّبلوماسيّين الأجانب وأوراق إنهاء مهامهم”. فالمهمة إذن، مقتصرة على الرئيس وهو غائب تماما بسبب المرض، ثم بعد ذلك تأتي “العصابة”، كما سماها الحراك الشعبي، وتفرض ترشحه لعهدة خامسة رغم أنف الجزائريين.

لكن ماذا تقول الأعراف الدبلوماسية في النشاط الذي كان يقوم به الدبلوماسي الأمريكي، وهو لا يزال لم يسلم بعد أوراق اعتماده لرئيس الجمهورية؟

يؤكد أحد إطارات وزارة الخارجية، أن ما كان يقوم به الدبلوماسي الأمريكي من زيارات للولايات ولقاءات مع مسؤولين في الدولة وقادة الأحزاب السياسية، يشكل تجاوزا للدستور، لأن جون ديروشر لم يكن معتمدا، وفق الأعراف الدبلوماسية، من قبل الدولة الجزائرية، وهو ما يحتم عليه تقليص نشاطاته الدبلوماسية إلى أدنى مستوياتها، إلى غاية ترتيب أموره.

حدث كل هذا أمام أنظار جميع مسؤولي نظام الرئيس السابق، دون صدور أي موقف، وهو أمر أصبح عاديا طيلة العشرين سنة الأخيرة، مادام أن الأمر يتعلق بدولة مثل الولايات المتحدة الأمريكية، ومادام أن الرئيس السابق ومحيطه كانا يبحثان عن شراء ذمم القوى العظمى، من أجل السكوت عن العهدة الخامسة، ولولا بركة الحراك الشعبي، الذي أسقط “العصابة”، لاستمر نشاط جون ديروشر وغيره خارج القانون، مادام الهدف هو الاستمرار في السلطة، ولو على حساب سمعة ومصلحة البلاد.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!