-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
مارس الرياضة وعايش إنجازات مهمة للكرة الجزائرية

الشاذلي الأكثر تتويجا رياضيا وغادر الرئاسة تزامنا مع مهزلة زيغنشور

صالح سعودي
  • 2092
  • 5
الشاذلي الأكثر تتويجا رياضيا وغادر الرئاسة تزامنا مع مهزلة زيغنشور
ح.م

مرت 17 سنة على استقالة رئيس الجمهورية السابق الشاذلي بن جديد الذي فضل التخلي عن الحكم يوم 11 جانفي 1992 في أجواء استثنائية مرت بها البلاد، وتزامن ذلك مع مهزلة كروية، خلال طبعة “كان 92” بزيغنشور، حين استهل المنتخب الوطني المنافسة بخسارة على وقع ثلاثية كاملة أمام كوت ديفوار وتعادل أمام الكونغو عجّل بإقصاء أبناء المدرب الراحل كرمالي.

وإذا كان الكثير من المتتبعين يصفون الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد بثلاثية موقر العلماء وصانع الجنرالات وأبو الديمقراطية، فإن الشاذلي يعد أكثر رؤساء الجمهورية حضورا وتتويجا من الناحية الرياضية والكروية على الخصوص.

وقد عرفت فترة وجود الشاذلي بن جديد في الرئاسة إنجازات مهمة في تاريخ الرياضة الجزائرية، بفضل تألق أندية ومنتخبات ورياضيين على الصعيدين الإفريقي والإقليمي والعالمي، فضلا عن تألق بقية الرياضات الفردية والجماعية، في صورة منتخب كرة اليد والكرة الطائرة، وكذا الرياضيين الناشطين في ألعاب القوى والملاكمة وغيرها من الرياضات، ما يعكس الاهتمام الذي أولاه للرياضة الجزائرية بغية مواكبة التحديات وطموحات الجماهير الجزائرية على الصعيدين الإفريقي وحتى العالمي.

بدايتها نهائي في “الكان” ثم مشاركتان متتاليان في المونديال

ومن النواحي الإيجابية التي ميزت بداية حكم الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد هو وصول المنتخب الوطني إلى نهائي كأس أمم إفريقيا في دورة 1980 بلاغوس، حيث خسر زملاء ماجر بثلاثية أمام المنتخب النيجيري، وهو الإنجاز الذي وصفه الكثير بالمميز، خاصة أنه الأول من نوعه في تاريخ الكرة الجزائرية، الأمر الذي فسح مجال التألق لـ”الخضر” الذين سجلوا حضورا في مناسبتين متتاليتين في نهائيات كأس العالم، حيث تألق زملاء القائد فرقاني بشكل ملفت للانتباه في مونديال إسبانيا، حين دشنوا المسيرة بفوز على منشط النهائي، منتخب ألمانيا بثنائية تاريخية، ولولا فضيحة مباراة ألمانيا النمسا، لكان بمقدور المنتخب الوطني الوصول لأول مرة إلى الدور الثاني، كما ضمنت العناصر الوطنية تأهلا ثانيا للمونديال عام 1986 بمكسيكو تحت قيادة المدرب سعدان، حيث تعادل زملاء بلومي في مباراة الافتتاح أمام إيرلندا بهدف لمثله، وأدوا مباراة كبيرة في المباراة الثانية أمام البرازيل قبل أن ينهزموا بهدف وحيد في الدقائق الأخيرة، فيما حدثت اضطرابات داخل المجموعة انعكست سلبا على مردود التشكيلة الوطنية في المواجهة الثالثة أمام إسبانيا التي فازت بثلاثية نظيفة.

حضور منتظم في “الكان” والشاذلي المتوج الوحيد باللقب الوحيد

وفي فترة رئاسة الشاذلي بن جديد حصل المنتخب الوطني على أول وآخر كأس إفريقية للأمم بمناسبة احتضانها لأول مرة في تاريخ الجزائر، كان ذلك في شهر مارس 1990، بعد مشوار مميز ودون تعثر، حيث كانت البداية بفوز عريض أمام نيجيريا بخماسية كاملة، وبثلاثية في المواجهة الثانية أمام كوت ديفوار، أمام المباراة الثالثة أمام مصر فانتهت للخضر بهدفين نظيفين، وهو ما سمح بالمرور إلى الدور نصف النهائي أمام السنغال، حيث عادت الكلمة لأبناء كرمالي بهدفين مقابل هدف واحد، وكان الموعد في النهائي أمام نيجيريا الذي فاز به زملاء مناد بفضل الهدف الوحيد للاعب وجاني، وفي السنة الموالية حاز المنتخب الوطني لقب الكأس الآفرو آسيوية أمام منتخب إيران، بعد الفوز في مباراة العودة بهدف لصفر وقعه المدافع بن حليمة، ويبقى الشيء الإيجابي في مسيرة “الخضر” الإفريقية في الثمانينيات، هو الحضور المنتظم في نهائيات كأس أمم إفريقيا، فضلا عن النتائج الإيجابية المحققة، حيث كان المنتخب الوطني في كل مرة المرشح الأول للتتويج، بدليل وصوله في كل مرة إلى الدور نصف النهائي قبل أن يتم إقصاؤه بفارق ضئيل أو بسبب ركلات الترجيح، آخرها ما حدث أمام نيجيريا في “كان 88” بالمغرب. في الوقت الذي كانت أسوأ مشاركة في كان 20، التي اصطلح عليها بمهزلة زيغنشور، حدث ذلك موازاة مع مغادرة الشاذلي للحكم.

الوفاق والشبيبة.. تألق قاري للأندية الجزائرية وبروز لافت لمنتخب كرة اليد

ولم يقتصر بروز الرياضة الجزائرية على المنتخب الوطني لكرة القدم على مدار الثمانينيات، بل عرفت العديد من الأندية الجزائرية تألقا ملفتا على الصعيدين الإفريقي والإقليمي، فشبيبة القبائل توجت مرتين بكأس إفريقيا للأندية عامي 81 و90، فيما فرض وفاق سطيف منطقه على الصعيد الإفريقي عام 1988 أمام إيوانوانيو النييجري برباعية كاملة رغم وجوده في القسم الثاني، وتوج بلقب الكأس الآفرو آسيوية عام 90 أمام نادي السد القطري. ووصلت مولودية وهران إلى نهائي كأس إفريقيا للأندية البطلة عام 1989 وخسرته أمام الرجاء البيضاوي بركلات الترجيح. وفي السياق ذاته، تألقت العديد من الرياضات الجماعية وتحصلت على ألقاب عززت خزانة التتويجات، وفي مقدمة ذلك منتخب كرة اليد تحت إشراف المدرب عزيز درواز الذي بسط نفوذه على الصعيد الإفريقي طيلة فترة التسعينيات، بدليل الحصول على 5 ألقاب إفريقية متتالية، آخرها كانت في الجزائر على حساب مصر في نسخة 1989، وفي الرياضات الفردية بدأ العداء نور الدين مرسلي ومواطنته حسيبة بولمرقة في البروز في فترة وجود الشاذلي بن جديد ليحطما عدة أرقام قياسية، وحصلا بعد ذلك على ميداليات غالية في الألعاب الأولمبية والبطولات العالمية لألعاب القوى.

الشاذلي يهوى السباحة والتنس والكرة وكان قريبا من الرياضيين

والمعروف عن الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد أنه من هواة كرة القدم، بدليل أنه كان قريبا من الرياضيين والنجوم البارزة في فترة الثمانينيات، على غرار بلومي وعصاد وماجر وغيرهم، فإنه معروف بممارسة الرياضة ميدانيا، كما قام بتسوية العديد من القضايا العالقة، على غرار قضية الاحتراف التي طفت إلى السطح مجددا مطلع الثمانينيات، بناء على القانون الذي سنه الرئيس الراحل هواري بومدين، تماشيا مع قوانين الكاف التي كانت تحرص على ضرورة مشاركة اللاعبين المحليين فقط، قبل أن تتراجع عن هذا القرار مطلع الثمانينيات، ما جعل الشاذلي يمنح الضوء الأخضر للاعبين الراغبين في الاحتراف، على غرار ماجر وبن ساولة والبقية، والمعروف عن الشاذلي أنه من هواة السباحة والتنس والرماية وكرة القدم وغيرها من الرياضات، وهو ما يعكس خفة روحه وأناقته رغم تقدمه في السن آنذاك، وكأنه كان حريصا على تطبيق المثل القائل: “العقل السليم في الجسم السليم”. ومعلوم أن الشاذلي بن جديد (من مواليد 14 أفريل 1929 بقرية بوثلجة بالطارف)، ويعد الرئيس الرابع للجزائر من 9 فيفري 1979 حتى 11 جانفي 1992، وفضل بعد ذلك الابتعاد عن الحياة السياسة. توفي يوم السبت 6 أكتوبر 2012 عن عمر ناهز 83 عاما، في مستشفى عين النعجة العسكري بالعاصمة إثر تعرضه لأزمة قلبية حادة.

رياضيون ونجوم كروية تشيد بخدمة الشاذلي لشؤون الرياضة

أشاد الكثير من المدربين ونجوم الكرة الجزائرية بخصال الشاذلي بن جديد، وحرصه على خدمة الرياضة من ناحية الإمكانات المادية، وكذا التحفيزات المقدمة خاصة في الرهانات الكبرى، وعلاوة عن الجهود القائمة لخدمة المرافق الرياضية والعناية بها في مختلف ولايات الوطن، خاصة في المدن الكبرى، فقد عمل على تحفيز اللاعبين لتشريف الراية الوطنية، وهو ما ذهب إليه وزير الشباب والرياضة في منتصف الثمانينيات كمال بوشامة الذي أكد أن الشاذلي كان اهتمامه كبيرا في خدمة الرياضة بالشكل الذي ينعكس بالإيجاب على الرياضيين حتى يكونوا في مستوى تطلعات الجماهير الجزائرية، كما أشاد به المدرب الوطني السابق عبد الحميد زوبا الذي أكد أن الشاذلي كان لا يبخل على الرياضيين بالدعم والتشجيع، بدليل مساهمته في تأهل المنتخب الوطني للمونديال مرتين متتاليتين والتتويج بكأس أمم إفريقيا عام 1990، فضلا عن اعترافه بإمكانات الرياضية، فيما يتذكر بلومي باعتزاز مواقف الشاذلي تجاه الرياضة وتجاهه شخصيا، بدليل تخصيصه طائرة على شرفه لنقله إلى فرنسا للعلاج بعد الإصابة الخطيرة التي تعرض لها في ليبيا، في إطار منافسة كأس إفريقيا للأندية مع فريقه غالي معسكر، كما أشاد بلومي بشقيقه خليفة بن جديد حين كان واليا على معسكر، مؤكدا أن هذا الأخير عمل ما بوسعه لخدمة الرياضة في الولاية، وهو نفس الانطباع الذي عرف به في سطيف والعديد من الولايات التي كان واليا عليها. كما يحتفظ اللاعب المحترف السابق شريف وجاني بذكريات جميلة في هذا الجانب، خاصة خلال حفل التتويج بكأس أمم إفريقيا عام 1990، حيث أكد في تصريحات سابقة أنه لن ينسى الهدف الوحيد الذي أمضاه في مرمى نيجيريا، وسط حضور 100 ألف من الجماهير الجزائرية، كما يحتفظ بذكريات جميلة مع الرئيس الشاذلي بن جديد الذي هنأهم حسب قوله وأقام وجبة غداء على شرف المنتخب الوطني نظير هذا التتويج.

فهيمة كرمالي: الشاذلي قال لكرمالي لقد جنّبت الجزائر بركانا حقيقيا

أكدت الأستاذة فهيمة كرمالي لـ”الشروق” أنها ستظل فخورة بوالدها عبد الحميد كرمالي، خصوصا أنه كان في مستوى تطلعات الجماهير الجزائرية، وعند حسن ثقة الرئيس الشاذلي بن جديد، وفي هذا الجانب قالت فهيمة كرمالي إنه بعد التتويج بـ”كان 90″، قال الرئيس الشاذلي بن جديد لشيخ المدربين: “لقد جنبت الجزائر بركانا حقيقيا، معتبرا التتويج المحقق على أنه أفضل هدية للجزائريين في ظل الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية التي مرت بها البلاد، وقالت فهيمة نقلا على كلام والدها شيخ المدربين عبد الحميد كرمالي الذي توفي منذ عدة سنوات بأنه قال للاعبين: “لا تفكروا في الأموال.. فكروا في الحصول على اللقب الإفريقي حتى يكون أفضل هدية للجزائريين، مضيفا أن كرمالي حقق 3 أمنيات في مسيرته الكروية، وهو الاحتراف وتلبية نداء الوطن وإهداء الجزائر لقبا إفريقيا غاليا على كل الجزائريين.

البعض ربط النكسة بالظروف السياسية والتسييرية
استقالة الشاذلي بن جديد وفضيحة “الخضر” في زيغنشور

إذا كانت استقالة الشاذلي بن جديد من رئاسة الجمهورية الجزائرية يوم 11 جانفي 1992 قد كانت مؤشرا لمتاعب سياسية واقتصادية وأمنية، على خلفية انهيار سعر البترول ومظاهرات أكتوبر 1988 وصولا إلى توقيف المسار الانتخابي شهر ديسمبر 1991، إلا أن استقالته أيضا تزامنت مع متاعب كبيرة من الناحية الرياضية والكروية، وتصدرتها فضيحة “الخضر” في زيغنشور السنغالية.

وتعود نكسة زيغنشور إلى نهائيات كأس أمم إفريقيا التي احتضنتها السنغال شهر جانفي 1992، حيث كان المنتخب الوطني بقيادة المدرب الراحل عبد الحميد كرمالي مرشحين للحفاظ على التاج الإفريقي الذي حصلوا عليه شهر مارس 1990 بالجزائر، إلا أن آمال الجماهير وتكهنات المتتبعين سقطت في الماء، حيث تكبد زملاء القائد رابح ماجر خسارة ثقيلة في مباراة الافتتاح أمام المنتخب الإيفواري بثلاثية نظيفة مكنته من الأثر للخسارة بنفس النتيجة في دورة “كان 90″، ورغم أن مجال التدارك كان قائما في اللقاء الموالي أمام المنتخب الكونغولي، إلا أن العناصر الوطنية اكتفت بتعادل هدف في كل شبكة، هدف كان بطعم الخسارة، خصوصا أنه عجل في مغادرة أجواء المنافسة.

وربط الكثير من المتتبعين ما حدث في فضيحة زيغنشور، بالأجواء السياسية الساخنة التي مرت بها الجزائر، خصوصا أن اللقاءين المذكورين لعبا بعد 3 أو 4 أيام على استقالة الشاذلي بن جديد أو إرغامه على الاستقالة من رئاسة الجمهورية، ما جعل البعض يلبس إخفاق “الخضر” ثوبا سياسيا بحتا، فيما لم يتوان العديد من المتتبعين في انتقاد التشكيلة الوطنية التي كانت بعيدة عن التطلعات آنذاك، رغم التركيبة البشرية التي كانت تتوفر عليها سواء من اللاعبين المحليين أم المحترفين، على غرار عصماني وعجاس ومناد وبعافية وفرحاوي وماجر وتاسفاوت ودزيري بقيادة المدرب عبد الحميد كرمالي، كما أرجع البعض الأسباب الجوهرية التي كانت وراء هذه النكسة إلى ما حدث في تربص مراكش بالمغرب الذي سبق دورة “الكان” بأسبوعين، حين حصل شبه تمرد من بعض اللاعبين، وانشقاق بين المحليين والمحترفين، بشكل شبيه بما حدث في مونديال مكسيكو 1986، وهو ما جعل المدرب الراحل كرمالي يعجز عن إضفاء الهدوء والانضباط في التشكيلة، وكانت انعكاساتها السلبية سريعة فوق المستطيل الأخضر، وهذا بعد تدشين دورة زيغنشور بخسارة مذلة أمام فيلة كوت ديفوار بقيادة اللاعب الشهير يوسف فوفانا، ما خلف صدمة كبيرة وسط الجماهير الجزائرية التي كانت تأمل في الحفاظ على اللقب، قبل أن يخرج زملاء ماجر بطريقة مذلة ومخيبة للآمال.

وفي الوقت الذي مهدت استقالة الشاذلي في دخول الجزائر مرحلة متأزمة ودموية على الصعيدين الأمني والسياسي، فإن فضيحة زيغنشور أدخلت الكرة الجزائرية في مرحلة انتقالية صعبة طيلة فترة التسعينيات، فيما اتخذت وزيرة الشباب والرياضة آنذاك ليلى عسلاوي عدة قرارات خلفت الكثير من الجدل، وفي مقدمة ذلك توقيف الطاقم الفني بقيادة عبد الحميد كرمالي مدى الحياة، وهو نفس القرار الذي مس المدرب إيغيل مزيان بسبب فضيحة كعروف عام 1993، قبل أن يتم التراجع عن القرارين المذكورين في ما بعد.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
5
  • billel

    جنى ثمار الراحل هواري بومدين

  • لزهر

    للنزاهة و لمن يجحد على التاريخ، فنتائج 82 ة 86 هي نتيجة بقايا سياسة المرحوم هواري بومدين الذي استعملت جميع الوسائل لتحطيم ما ترك.
    و نتائج 92 آتية من سياسة الثمانينات.

  • كريم كريم

    مر على الإستقالة 27 سنة وليس 17 سنة

  • ايوب

    وحجم الفساد والسرقة والنهب العام للمال العام..كم كانت نسبتـــــــــــه وحجمه في زمن الشاذلي..وكل (الرؤساء) من بن بلة الى بوتفليقة...؟

  • أحمد

    و رغم ما قام به الحاج روراوة من شراء للاعبين المغتربين و تغيير للقوانين ليجعل من المرحلة الحالية من حكم الجزائر أفضل من مرحلة حكم الشاذلي الا أنه خاب و خاب مسعاه .