-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الشعب.. أقوى ضمانةٍ للانتخابات

الشعب.. أقوى ضمانةٍ للانتخابات
ح.م

بتنصيب “السلطة الوطنية لتنظيم الانتخابات”، تدخل الجزائر مرحلة العد التنازلي نحو الانتخابات الرئاسية المرتقبة قبل نهاية العام الجاري، ما يجعل الجزائريين أمام الأمر الواقع في ضرورة التجنّد الواسع لحماية مكاسب الحَراك السلمي الذي يتواصل منذ سبعة أشهر.

لا شكَّ أن تشكيلة الهيئة، بداية من رئيسها الأول إلى مندوبياتها المحلِية، مرورا بأعضاء مجلسها الوطني، ستكون في كل الأحوال مثار خلاف وسجال بين المؤيدين والمعارضين، ما يعني أنّ الاستغراق العدمي في نقدها ليس سوى مضيعة لوقت ثمين، يُقتطع من معركة مصيرية في تقرير مستقبلنا المشترك.

قد لا تفيد كثيرا من الناحية العمليّة مواقفُنا الفردية والجماعية من تشكيلة تنظيم سلطة الانتخابات وطريقة تعيينها، بقدر ما يهمّ مدى القدرة على التأثير الإيجابي في مسار الأحداث القادمة، وهنا وجب التركيز على تحصين الموعد الانتخابي المرتقب في حدود الأدوات الممكنة ضمن إدارة الصراع مع النظام السياسي، والذي ينزع بطبعه السلطوي إلى الاحتفاظ بمراكز الحكم.

كنّا نأمل أن يتمتّع الفريق القيادي للسلطة الانتخابيّة بحضور وطني أقوى وقبول شعبي أوسع، دفعًا لكل الشكوك المحتملة في التلاعب بنتائج الصندوق، وتثبيتًا لمؤشرات الاطمئنان العام في الاحتكام إلى الإرادة الشعبية الحرّة.

وعليه نتفهم كثيرا تحفظات المتشائمين اليوم من التطورات القائمة في الميدان، ولكنّ ذلك يعمّق دفاعنا عن ضرورة التفكير بواقعيّة في التعاطي مع التحولات الجارية بتسارع كبير، قد يتجاوز الجميع إن لم نُحسن قراءة المشهد العام بكل أبعاده.

يجب أن نتفق على أن القوانين الشفافة شرط رئيس في تطهير منظومة الانتخابات، ومثلها “السلطة المستقلة” كأداة في تنزيل القانون وتطبيقه ميدانيّا، لكن تبقى من الضمانات الكبرى والأساسيّة في تفعيل النصوص والهيئات القائمة عليها هي التعبئة الشعبيّة العامّة التي تحول دون إجهاض التغيير عن طريق الصندوق.

إذا أدركنا أهمية الحضور الشعبي في العملية الانتخابية بكل مراحلها، علينا أن نفكّر انطلاقا من مبدأ الفعل المؤثر، بعيدا عن منطق ردود الأفعال وسياسة الكرسي الشاغر، ليس تماهيًا مع مسارات غير مأمونة النتائج، بل تكيُّفًا مع الواقع باحتمال أخفّ الأضرار.

لذا، فإنّ الرهان اليوم هو الاستعداد القبلي للانتخابات القادمة بكل الوسائل، موازاة مع استمرار الحَراك الشعبي في الشارع، لتوفير مزيدٍ من الضغوط السياسية التي تُعدّ بمثابة ضمانات إضافية وحاسمة في معركة الانتقال الديمقراطي.

على الجزائريين بمختلف توجُّهاتهم، المؤيدون والمعارضون منهم لاستئناف المعترك الانتخابي خوفًا من التزوير، أن ينفروا خفافا وثقالا لرسم معالم الاستحقاق المقبل، حتى لا تضيع الفرصة التاريخيّة بسوء تقدير أو عدم استيعاب لمجرياتها.

لقد عشنا محطاتٍ انتخابية نزيهة مطلع التسعينيات بفضل النفير الشعبي الواسع، حتّى لو أقررْنا بحياد الإدارة العليا وقتها، لكن إعادة التجربة في 2019 ممكنة لو تتوفر عوامل بنائها، وفي مقدِّمتها مشاركة المواطنين بكثافة في كل الأطوار.

إنّ كل عاقل على دراية بقواعد التغيّرات في تاريخ المجتمعات المعاصرة يجزم أنّ الانتخابات الموعودة لن تكون شفافة بالمعايير العالميّة، لأنّ الانتقال من النقيض إلى النقيض لا يحدث بجرعة واحدة قد تكون قاتلة، لأسبابٍ عديدة لا مجال للتفصيل فيها، بل هو تحوُّلٌ مرحلي وفق السنن الكونيّة، كما أنّ أبجديّات اللعبة السياسيّة في التجارب “الثورية” للشعوب تؤكد استحالة تزوير الاقتراع المقبل بشكل يُغيّب تماما إرادة الناخبين، بل الأرجح، حسب المؤشرات والنواميس، أنها ستكون انتخاباتٍ مفتوحة في رواق مغلق، وهي معادلة قد يستعصي على البعض تفكيكها في الوقت الحاضر، لكنها تدفع التشاؤمَ المفرط وتغرس التفاؤل المحفّز، عملا بقاعدة “ما لا يُدرك كلّه لا يُترك جلّه”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • محمد البجاوي

    أماتزال تثقق فيهم يا مولانا ؟؟؟؟؟

  • ياسين

    إن أعداء الديمقراطية من "الأقلية التي تدعي الديمقراطية"؟ تكره الانتخابات الحرة و الشفافة؟ و لا تريد للشعب أن يشارك فيها بقوة كما في التسعينات (90-92)؟ لأنها لا تملك قاعدة شعبية و انتخابية؟ و عليه فهي تسعى إما لتعطيل العملية الانتخابية حتى لا تجرى أبدا؟ أو دفع الناس "المغفلين" لمقاطعة التصويت؟ و من جهة تدفع بمناضليها إلى التصويت؟ و يكونوا هم دوما الفائزون؟ كما حدث في المحطات الانتخابية السابقة؟ فهل يعي الناس لعبتهم القذرة للسطو على حق الشعب في اختيار رئيسه بكل حرية و عن طريق الصندوق وحده؟ و ليس عن طريق الكولسة كما يحاول أنصار المرحلة الانتقالية و تكرار تجربة مجلس الخماسة لسنة 92؟؟؟

  • الخلاط الجلاط

    الشعب يريد تغيير النظام لا الواجهة