-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الشعب هو البطل

الشروق أونلاين
  • 416
  • 0
الشعب هو البطل

تقدِّم أمتنا في مواجهة التحديات الكبيرة نماذجَ خاصة لا تتكرر مع سواها من الأمم وهي ظاهرة نحيلها إلى علم النفس الاجتماعي لعله يمدنا بأسرار تشكلها.. وأهم معطيات تلك الظاهرة أن ضمير الأمة ووعيها يقذف بالإجابة دونما استئذان، متجاوزا النخب المثقفة والمتعلمة والمسيّسة..
حصل هذا في الجزائر في الانبعاث بثورة نوفمبر المجيدة، إذ تبقى الانطلاقة بحد ذاتها معجزة لم تستوف البحث والدرس.. وهذا ما يحصل الآن في فلسطين بعد أن تورط المستوى السياسي الفلسطيني في التنازع والتشظي والاستكانة لمعطيات الواقع من تنسيق أمني مع العدو أو هدنة وتهدئة منشودة في المواجهة معه.. وقد أصبح الوضع المعيشي فضلا عن السياسي في غاية السوء وتميز في الشعب طبقة متنفعة من موقعها الوظيفي والسلطوي وبقية الشعب ترسف في الضنك والتضييق والقهر.. في هذه الظروف يتقدم الشعب بخيرة أبنائه بضميره ووجدانه يدفع إلى المعركة أنبل الأبناء وأطهرهم يعطون الدروس العظيمة بعمليات تظهر تماما أن الشعب لم ينكسر ولم يتزحزح عن يقينه.
عملية سلفيت التي كانت مع مطلع هذا الأسبوع إنما هي تحول نوعي في الجرأة وتصميم عميق على التمسك بنهج المقاومة بكل الوسائل في التصدي للمحتلين المستوطنين واثبات الموقف الفلسطيني الحقيقي على الأرض انه لا يقبل بالتنازل ولا بالخضوع لمنطق العدوان وقوته مهما بلغت.. سلسلة العمليات الفردية في الضفة الغربية تتجاوز التنظيمات الفلسطينية في إستراتيجيتها وتكتيكها وتنهج أسلوبا يُربك الأعداء ويُفشل نشاط التنسيق الأمني ويفاجئ الجميع بنوعية العمل الذي يحتاج فتوّة الشباب وعزيمتهم وروحهم ويتحرر من وهن العجائز وتحسّبهم وتردّدهم.. ما يتم الآن في الضفة الغربية من نوع خاص من المقاومة من قبل أفراد من الشباب بشكل منهجي ومتسلسل ومفاجئ يعبِّر بوضوح إننا إزاء عمل استنزافي مستمر ينبري له ثلة من شباب فلسطين المثقفين الأطهار والنبلاء.. أدركوا أن بوصلتهم هي القدس وأن لا عدوَّ لهم إلا من يحتل أرضهم ويدنس مقدساتهم فلم ينشغلوا بمماحكات مع هذا الفصيل أو ذاك ولم ينشغلوا بمناقشة المواقف والسياسيات إنما توجَّهوا بكل اليقين ليفرضوا أمرا حقيقيا في معادلة الصراع يجد نفسه متطورا ومهما للغاية ومحبِطا لمقولات الآخرين جميعا ومعيدا للوعي والرشد إزاء الصراع من جديد بمعادلته الحقيقية التي كادت تخبو في ظل تخبُّط المستوى السياسي الفلسطيني.. وهنا يجد المستوطنون مصيرا يليق بعدوانهم ومكافئا لغطرستهم لم يعِدُّوا له العدة..
هنا لا جيوش ولا أجنحة عسكرية ولا وزارات ولا أجهزة أمنية ولا موازنات ولا وظائف ولا رواتب ولا ناطقين رسميين ولا رداحين.. هنا فعلٌ بلا كلام ولا كلام إلا للرصاص..
انه الشعب البطل الوحيد الولاد لكل المعجزات وسيأتي نبأه بعد حين.. وكل من لا يؤمن بعبقرية الشعب سيجرفه الشعب حيث الأطمار البالية.. تولانا الله برحمته.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!