-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الشعوب الحرة تصنع المعجزات

حسان زهار
  • 1044
  • 12
الشعوب الحرة تصنع المعجزات

وحدها الحرية تصنع المعجزات، وتمنح الشعوب قوة الإبداع والتقدم.

الدليل على هذا الكلام يتكرر في كل مناسبة، ولقد شاهدنا ذلك مجسدا في تونس كما في الجزائر.

راقبوا ماذا يحدث اليوم في تونس في أعقاب إعلان فوز قيس سعيّد، بعد انتخابات حرة ونزيهة، وصعود رجل نظيف من عمق الشعب.. وانظروا الروح التي سكنت التونسيين بعدها، تالله انهم ينتعشون كما لو أنهم كانوا أمواتا، فأحياهم هذا الانتخاب العظيم، وقد أهداهم الله هذا الرجل الأصيل، في عز ثورتهم المجيدة.

التونسيون اليوم، شرعوا بعفوية تامة، من تلقاء الضمير الجمعي والحرية التي شعروا بها، والاعتزاز الذي اكتنفهم بالمنجز الذي حققوه، في عمليات تنظيف واسعة لشوارعهم، وطفقت الجمعيات الخيرية في الإعلان عن حملات لجمع التبرعات للفقراء والمحتاجين، في عملية تضامن عفوية يقوم بها الشعب بنفسه، دون وصاية أو تحريك رسمي، ليعبر بها عن حقيقة أنه بالفعل صار شعبا حرا.

وأنا أتابع هذه الأخبار السعيدة من تونس، شعرت أن شيئا مماثلا مر علينا هنا في الجزائر قبل أشهر قليلة، لكنه للأسف اختفى الآن بشكل محزن، وعلى الخيرين أن يبحثوا في أسباب ذلك..

لقد عشنا في الجزائر الأسابيع الأولى من الحراك المبارك بعد 22 فبراير، نفس هذه الروح التي تعيشها حاليا تونس بعد انتخاب قيس سعيّد، وإني لأزعم أن الروح الجماعية والتضامن الشعبي الهائل، بين الجزائريين حينها كان أكبر بكثير من روح التونسيين حاليا، لأن الشعور بالحرية والانتفاضة من اجل كسر القيود التي طال أمدها، كان أعمق عندنا جراء الكبت الذي عاشه الشعب الجزائري طوال عقدين من حكم بوتفليقة، وجراء سنوات الدم والدموع التي سبقتها.

حين كان الحراك حراكا بالفعل، بملايينه التي تغطي عيون الشمس من أقصى الوطن إلى أقصاه، وقبل أن يتحول الى ما يشبه “التحريك” أو “التحراك” من طرف جهات مدسوسة وأخرى “مكحوسة”، كان الجزائريون يقومون تلقائيا بتنظيف الشوارع التي يتحركون فيها وتنظيف مدنهم، بل وتقديم المياه والأغذية للمتظاهرين، وحماية النساء وسط الحراك من التحرشات، حيث كان الشعور بالحرية يمتزج مع شعور جارف بالأخوة والوطنية التي لطالما عمل النظام المقبور على طمسها.

عندما شعر الجزائريون برائحة الحرية، توقفت قوارب الموت، وتفتتت شعارات التفرقة، وتحولت نظرات الغضب المعروفة عن الجزائريين في علاقاتهم اليومية في الشارع وأماكن العمل، الى نظرات احترام وتقدير، وإلى ابتسامات عريضة في الشفاه، كانت مدعاة لتسمية ثورتهم بثورة الابتسامة.

مجرد ان استنشق الجزائريون رائحة الحرية وحدها، تراجعت الشجارات في الأسواق والساحات العامة، وأصبحت أولوية المرور بين السائقين والمارة مثار لعبة أخلاقية راقية.. حول من يسمح للآخر بالمرور أولا.

لكن تراجعت كثيرا، تلك الحالة الراقية المنتشية بالوطن.. في الآونة الأخيرة، عندما دخلت الأجندات، ورفعت الرايات غير الوطنية، وصار “التخوين” هو العنوان الكبير للشعارات، فضاع الشعور بالحرية، وعاد الغضب يلف الأنفس، وعادت الشتائم لتملأ الآفاق ومعها مواقع التواصل الاجتماعي.

هل سيلطف بنا الله، ويعود الشعور بالحرية والفخر ليمتعنا في الـ13من ديسمبر القادم، حين يتم الإعلان عن رئيس الجزائر المنتخب؟ هل سيعود الجزائريون إلى روح التضامن والنظافة والمحبة التي يشعر بها التونسيون اليوم، ومعها يتبادل الناس التهاني والتبريكات بانتخاب ثالث رئيس عربي بصورة ديمقراطية بعد مرسي وقيس سعيّد؟

نتمنى ذلك، فالحرية وحدها كفيلة بأن تخرج أحسن ما في الجزائريين من إبداع ومحبة، بعد أن ضيعنا أوقاتا ثمينة في ظلمة الاستبداد والتخلف والكراهية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
12
  • HABIB

    الرد الكبير على الخونة يكون يوم الااقتراع الدين يشككون شعبهم في لغته و علمه و دينه و تاريخه ووحدته الدين يقيمون طقوس نصرانية في منازلهم و يريدون ان تشيع الفاحشة في بلد الااسلام. و الله ان النفحة الااهية التي مرت على بلدنا تعتبر معجزة ربانية و هؤلاء سينالون عقاب من الله و من الشعب حرمتم الشعب من حلمه بالنسبة لي اقتراع ديسمبر شبيه باقتراع استفتاء دقول هل انت مع الجمهورية الجديدة او مع امتداد الجمهورية الخامسة الفرنسية ...هدا هو لب الموضوع حداري ايها الشعب من المغالطات.

  • فاهم اولاقاري

    عجبا لمن يعرف الحق ويدعو للباطل كإبليس تماما يترك الجنة ويدعوا الى النار

  • ابوعمر

    ...لما يتحرر الشعب أولا.....

  • مقبرة المواهب

    الحرية شيئ جميل غالي نفيس يقدره اولي العقول الحكمة و العزة, لكن السؤال هل الفقير حر?! هل من عملته تافهة حر?! هل من اقتصاده يتقدم الى الوراء حر?! هل الجاهل حر?! بما ان الامور نسبية في هذا العالم البئيس فالكلام في مقالك يصبح جد نسبي الحرية شيئ جميل حقيقي لكن بحاجة الى دعائم و ركائز قوية هي المعرفة بالتعلم النوعي, هي المال باقتصاد قوي متنوع عملة قوية عمل محترم, شعب واعي مؤمن شبعان ...

  • فاروق

    عندما تقول الرايات غير الوطنية، فاذن أنت من يتهم بالخيانة، فالراية الأمازيغية رفعت جنب راية الوطن لا ضدها.

  • alilao

    حراك الجزائر لايزال حيا ويحمل نفس المطالب واذا كانت هناك محاولات لتشويهه او لاختراقه فهي من طرف بقايا السلطة وذبابها. أما عن مقارنة تونس بالجزائر فلنكن ضادقين مع أنفسنا : هل تقارن الرئيس المنتخب في تونس والذي أتى فعلا من رحم الشعب ومن المجتمع المدني بالمرشح تبون أو بنفليس اللذان يعتبران نتاج السلطة الفاسدة والفاشلة. هل نقارن السلطة القائمة على الإنتخابات التونسية وهي حرة وذات سيادة بجماعة شرفي المعينة من طرف الحكومة والمأمورة تتلقى أوامرها بالهاتف. الشعب الذي تتغنون بحكمته وتلقون اليه الورود ليسكت على ممارسات لا يقبل بها أحد قد فهم اللعبة واصبح واعيا الى حد كبير ولا يعير رأيه بمجرد قراءة مقال.

  • الشعب

    كلام جميل و تحليل منطقي للواقع ..و لكن وحدها الحرية تصنع المعجزات، وتمنح الشعوب قوة الإبداع والتقدم.....و نحن مازلنا في كفاح مرير للحصول على هذه الحرية .

  • ابن الجبل

    لقد قلت كلمة "حق " وهو ان الحرية تصنع المعجزات . أما كلمة" باطل "التي قلتها بأن الحراك فقد وهجه وقوته وتراجع بسبب رايات الهوية " غير وطنية" التي صدعت رأسك وفقدت صوابك ، قد اخطأت الطريق .

  • امين أمين

    الحراك ما زال و الحل ليس بوجود رئيس يكون موظف للنظام الفاسد

  • بوكحيلي

    الحرية تولد من رحم الشعوب المقهورة إذا الشعب يوماارادالحياة فلابد ان يستجيب القدر

  • حوسي

    اللهم أصلح أحوال اخواننا الجزائريون واجعل الشعوب تستفيق فإن افاقت ضمائرهم فلن تجد أي قوة سياسية تقف ضد مطالب الشعوب لأن الحرية تولد من رحم الشعوب

  • Ameur

    الباجي قائد السبسي انتخب هو أيضا بطريقة ديمقراطية