-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الصراحة.. راحة

الصراحة.. راحة
ح.م

 اختلف الأطباء على مدار الزمان والمكان، في التعامل مع المصابين بأمراض مستعصية وخطيرة، بين من يختار أن يكشف الحقيقة كاملة للمريض ولأهله، من أجل أن يأخذ كل احتياطاته على حساب معنوياته، ومن يفضل إخفاء الداء عن المريض، ويحاول أن يداويه بعيدا عن ألم المرض المعنوي. وتفضِّل منظمة الصحة العالمية قرع كل أجراس الإنذار، ولو بقليل من “التهويل”، من خلال تقديم أسوأ السيناريوهات الممكنة، حتى لا تتقاعس البلدان عن مواجهة الوباء، واستسهال معركة مقاومة الداء.

وفي حالة فيروس كورونا، قدّم العالم نماذج من الحكومات والرؤساء، ممن ساروا في اتجاهات متوازية لا تلتقي أبدا، بين رئيس وزراء المملكة المتحدة، بوريس جونسون، الذي دقّ مسامير النعوش وأعلن “النواح” قبل وقوع ضحايا، ورئيس البرازيل بولسونارو، الذي منح شعبه الأمان، وطمأنه بأن كورونا مجرد “مزحة عالمية”، قبل أن يصيب المرض ما لا يقل عن مئة وثلاثين ألفا، ويقتل عشرة آلاف برازيلي، في أكبر كارثة تتعرض لها البلاد، وبين من يرقص على حبل التهويل تارة، وعلى حبل التهوين أخرى.

وتكمن صعوبة الالتقاء على خط واحد في التعامل مع وباء كورونا، في كون التركيبة البشرية مختلفة الطباع، والعادات في كل مجتمع، لأجل ذلك يطل الجزائريون بآراء مختلفة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فمنهم من يطالب بالصرامة والضرب بيد من حديد كل من يُكسر الحجر الصحي، ولو بتغريمه أو الزج به في السجن، ومن يمنحه الأعذار ويصفح عنه من دون حتى محاسبة، ويراه بريئا، فلا “سبق إصرار ولا ترصد” في أفعاله التي قد تؤدي إلى هلاك شخص أو عائلة بالعدوى.

الأطبَّاء أو الجنود البيض المتواجدون في الصفوف الأولى، في معركة كورونا في مواجهة فيروس حرمهم من النوم ومن لقاء أهلهم، وحتى من المكيِّفات في عز الحر، صاروا يحبِّذون أسلوب الصراحة الأول، حتى ولو أرعب الناس من أجل تفكيك “القنابل” البشرية المزدحمة في الأسواق وقرب العمارات، وفي مختلف التجمُّعات السكنية، فمن غير المعقول أن يعلن باحثون عجزهم عن معرفة القليل من الفيروس الذي بلغ رقم ضحاياه قرابة 4 ملايين، بين مصاب وقتيل، وانهيار كامل لاقتصادات الأمم، ومازال البعض يضحِّي بكل هذا من أجل لتر من اللبن، أو كيلوغرام من الزلابية، أو فاكهة يشدّ إليها الرِّحال من مدينة إلى أخرى، للتحلية في سهرة رمضانية، وكأنه في أيام فرح وبهجة، ومن غير المقبول أن نفتقد ميزانا للذروة، فكلما لاح بصيصٌ للاستقرار أو الهبوط في منحنى الإصابات بالعدوى، ملأنا الشارع زحاما وكسرا للحجر، ليعاود الصعود، في لعبة كراسي موسيقية متحرِّكة، تعزف تارة سيمفونية “الفرح” لبيتهوفن، وأخرى سيمفونية “العاصفة” لتشايكوفسكي.

والخلاصة أن الناس عليهم أن يعرفوا بأن الوباء قد سكن أجساد أربعة ملايين نسمة، وقتل ثلث مليون من البشر، وقد يكون في بداية رحلته المدمِّرة، ولم تنجُ منه إلا الأمم الملتزمة، وليس المتطورة والغنية، مثل كوريا الجنوبية والأردن.. وبورندي.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • لزهر

    التربص المغلق الذي دخل فيه سكان المعمورة اذا صح القول.
    هل غير من حرياته و متطلباته اليومية.
    اظن ان السياسيين هم اللذين يقررون ويحكمون و المتسببين في هذا الوباء.
    لقد بلغوا هم الذروة في حكمهم و سياستهم تجاه هؤلاء حتى سقوطهم الحر من الأعلى إلى الأسفل.
    لم نفهم الان؟
    من الذي لم يقم بعمله على أكمل وجه
    المدربين أم المتربصين.