-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الطلب عالي والدينار رخيص

عمار يزلي
  • 1106
  • 0
الطلب عالي والدينار رخيص

طبعُ أوراق نقدية جديدة لتعويض الفاسد من المال الحلال الذي فسد والمال الفاسد الذي صار حلالا، الذي يتزامن مع تشغيل الآلة الطابعة للنقود، قد يزيد في الطين بلة، بعد الهبوط الاضطراري كل مرة لسعر الدينار المعطوب من جراء تقلبات سعر النفط.
الدينار الجزائري منذ أن نُزع عنه غطاء سعر النفط، انحدر إلى الحضيض، ما جعل الرهانات كلها، سياسية كانت أم اقتصادية، تذهب في اتجاه إنعاش الاقتصاد المحلي والتوقف عن سياسة “الاستوراد” التي أهلكت خزائن الدول ونشرت كل أشكال أمراض الاستهلاك المرَضي والعرضي في صفوف الشعب المفتوحة أعينه وبطونه على مغريات المنتجات الأجنبية بسعر منخفض لا يصدِّقه العقل. حدث هذا مع الهرولة نحو استيراد المنتجات الأجنبية كلها من الإبرة إلى الطائرة، ومن العلك إلى الكسكس.. منتجات غير مضمونة الرقابة، ما جعل منتجات الصين بشكل خاص، تتحول إلى كابوس يطارد المستهلك الجزائري، ليس هذا لأن منتجات الصين غير صالحة أو مغشوشة، بل لأن مستوردينا “الوطنيين جدا”، الذين أوكلت إليهم مهمة “توكيل وإيكال” الجزائريين، هم من أفسدوا البضاعة الصينية والماركة الصينية والصناع الصينيين، الذين يطلب منهم المستورد ما يريد فيصنعون له من مواصفات المادة الواحدة ما يريد، بشرط واحد يقول المنتجون الصينيون للمستوردين الجزائريين: أنتم تحددون النوعية، نحو نحدد السعر، أنتم تحددون السعر، نحن نحدد النوعية!
أزمة الدينار هي أزمة سياسية قبل أن تولد اقتصاديا، ففي نظامنا السياسي ما زال “الاقتصاد السياسي” هو السائد. ولأن اقتصادنا عاش لعقود على السياسة وعلى دعم السياسة للاقتصاد، فلما ذهب ماء النفط مع سعره المنفوط، وحضر التيمم، لم تجد السلطة أمامها إلا لغة الاقتصاد بلا سياسة، فلم تجد لا اقتصادا ولا سياسة.. الكل ذهب أدراج الرياح، وتهاوى الدينار وارتفعت أسعار العملات الأجنبية في بورصة السكوار كما لم ترتفع من قبل.
نمتُ على هذا الهوس من عملية رفع قيمة العملة الوطنية، لأجد نفسي أحضر منافسة بين الأورو والدولار من جهة، والدينار الجزائري من جهة أخرى.
يدخل الدولار في شكل كاوبوي، على حصان هندي وسط ملعب بعرض ملعب ويمبلي وهو يقول بلكنة إنجليزية أمريكية: أنا هو الويسترن دولار، الذي لا يعادلني أورو ولا دينار، أنا من خضع العالم للونه الأخضر، أنا ابن التكساس وميشيغن.. فمن المبارز؟
عندها يخرج فارسٌ على بغل من بغال الفلاحة الأوربية، يزن نحو طن وهو يقول بلغة فرنسية إيطالية: أنا هو الأورو.. يا أصحاب الدورو وعرب المورو.. الواحد منا يسوى 22 من البورورو.. أنا نشري منكم عشرين.. مشويين ومقشرين.. وين راك يا العربي أكحل الراس؟ يا جزائري بوعرورو!
عندها يدخل الدينار الجزائري في شكل عربي بلسان بربري، على حمار العودات، سبيبه كسبيب نجمات هوليوود نتاع اليهود، على رأسه شاش، ولباسه جلابة صوف وبرنس وبر وصباط “بوانتير 55” وهو يستل هراوة مزوقة بالدينار: شكون فيكم يشرَّك فمه ويجي اليوم يناقرني يا قرون الشياطين، يا وجوه السراقين، يا حقارين العرب، يا محتلين يا وجوه الإنجليز والمعيز؟! أنا ما نسواش أنا؟ أنا هو اللي نشري يمات يماكم بزوج، تطلعوا وإلا تهبطوا.. ويبدأ الحمار بالركل والعض والرفس والعفس، ما أنجى صاحبَ البغل الفرنسي وصاحب الحصان الهندي سوى الركض خارج الملعب وسط الغبرة وتصفيق الجمهور الدولي!
وأفيق وقد ضربني حمار الليل! عوض أن أفتح باب بيت الماء، فتحت الثلاجة.. وكدت أن…

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!