-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الطمع يفسّد الطبع!

جمال لعلامي
  • 1103
  • 2
الطمع يفسّد الطبع!
أرشيف

تفاجأت في محل لبيع الدجاج “المحمّر” والمشمّر والمشوي، أن صاحبه، أو أحد شركائه الفعليين والأساسيين هو “طبيب”، حسب ما كان يقوله المعني أو يزعمه في دردشة داخل المحل (..)، وبينما أنا في الانتظار، سمعته يبرّر خياره، بالأجرة الزهيدة التي يتقاضاها في المستشفى العمومي، وأن لجوئه إلى التجارة، هدفه تنويع رزقه بالحلال، وبما يرضي الله، ويساعده أيضا في سدّ نفقات عائلته من تعليم ومعيشة وكراء ونقل!

قبل أن أحصل على دجاجتي، منح “الطبيب” رقم هاتفه للزبون الذي كان يتناقش معه حول الوضع العام للبلاد في جانبه الحياتي والاجتماعي وما تعلق بهما من قدرة شرائية وشبكة أجور وأسعار، وقال “الطبيب” الذي امتهن مهنة “الجوّاج”: هذا هو رقمي الشخصي، عندما تحتاج دجاجة، اتصل بي وقت ما شئت، واطلب ما تريد، وإذا لم أردّ عليك فورا، بسبب اجتماع ما أو انشغال في العمل الأصلي، فلا تخجل، وابعث لي رسالة قصيرة تكتب قيها طلب!

استغربت النقاش، وهذه المقاربة الغريبة، حتى وإن كانت اضطرارية بالنسبة لصاحبنا والكثير من الكوادر أمثاله، وأمسكت دجاجتي عندما حان دوري، وهربت من المحل، خوفا أن يخونني لساني، وأدخل معه في جدال وسجّال، قد ينتهي بحرماني من الدجاجة التي لجأت إليها لمواجهة “بطن ضيف” فاجأني بالبيت في زيارة مفاجئة، ولم يكن بالمطبخ سوى اللوبيا والعدس، أو في أحسن الأحوال الكرنطيطة والسلق!

لكن، بعد مغادرتي محل “الطبيب”، لم أمنع لساني من الجهر بما يُريده، وتركته يغني: هل من المعقول أن يشتغل طبيب جوّاجا؟ هل هي الحاجة أم الاختراع؟ أم أن لا حرج في ذلك فالمثل يقول “خدّام الرجال سيدهم؟”.. من المسؤول عن هذه المزاوجة: المعني أو القطاع الذي يوظفه؟ لماذا عندما منح الطبيب رقم هاتفه الشخصي، لم يقل للزبون بأنه في الخدمة إذا احتاجه بالمستشفى، لكنه أعطاه إياه من أجل طلبية الدجاج؟

نعم، من حق هذا الطبيب إن كان طبيبا فعلا، وليس منتحل صفة، أن يبحث عن تنويع رزقه، لكن هل يُعقل أن يكون الطبيب بائعا للدجاج؟ وهو ما يذكـّرني بأستاذ صادفته في وقت سابق، يشتغل بالنهار في الثانوية، وبالمساء في دكان للمواد الغذائية، وعجب العجّاب أن هذا المعلم الذي كاد أن يكون رسولا، لا يجد حرجا حتى في بيع “الدخّان” للتلاميذ!

أعتقد، وأتمنى أن أكون مخطئا، أن بعض المهن، تفرض على ممتهنها حظر التجوال، وتجبره على الابتعاد عن ممنوعات، وحتى إن تحوّل إلى متسوّل، فإن خياره الأول عندما اختار تخصّصه، يُلزمه باحترامه وعدم تلطيخ سمعته والحفاظ على هيبته، أمّا وأن يزاحم الطبيب الجواج، وينافس الأستاذ التاجر، يجب طرح السؤال التالي: وهل يقبل الطبيب بأن يكون الجوّاج جرّاحا للبشر طبعا وليس للطيور، وهل يرضى المعلم أن يقدّم التاجر دروس دعم للتلاميذ؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • عبد النور

    خليه ، يبيع الدجاج ولايبيع أعضاء الناس كما قرر المسؤولون عن قطاع الصحة في القانون الجديد . وكذلك الإداري ، يفتتح محل ، أو يشتغل بالتجارة ولا يقبل الرشوة والفساد. على أن تكون تلك الأعمال غير مؤثرة على حسن تأدية عمله الأساسي ..والأصل أن يستغنى كلاهما عن ذلك بالأجر العادل الذي يغني عن الفساد وعن التجارة . لكن أين هو ذلك الأجر ؟
    يبدوا أن على الطلاب المتفوقين أن لايختاروا مهنة الطب من اليوم فصاعدا بل مهنة البرلمان والسياسة، وعلم النفس والإجتماع، ربما يستطيعون تغيير السياسات الإقتصادية والسياسية نحو الأفضل ويرفعوا من اجور الموظفين والعمال. بعد ذلك يمكنهم إرسال أولادهم لدراسة الطب.

  • الطيب

    ما عليه والو ..ما يغلطش برك بين المريض و الدجاجة ....يا راجل نصيرة انتاع البويرة راهي سمحت في جفنتها و ماشي محال تربح رئيسة .