-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

العدل أساس الحكم

عمار يزلي
  • 816
  • 1
العدل أساس الحكم
أرشيف

عودة رئيس الجمهورية إلى النشاط السياسي بعد تعافيه، بدا متزامنا مع رزنامة كثيفة من الأعباء القديمة والجديدة والمقبلة لربح الوقت الضائع مع كوفيد 19، ومع تثاقل محرك عجلة التنمية والعمل السياسي الذي كان مرتبطا بترتيب البيت الداخلي أمنيا وسياسيا ودستوريا وتشريعيا وقانونيا، ضمن إستراتيجية العمل على تحقيق نقلة الحوكمة باتجاه بر الأمان بتعديل الدستور والشروع في تطبيق الترتيبات والتعهدات الـ54 التي أخذها على عاتقه رئيس الجمهورية قبل سنة من الآن، خلال الحملة الانتخابية الرئاسية وبعدها.

جاء الوباء وأخَّر كثيرا من المنجزات التي كانت مبرمجة ومنها ترتيب البيت الداخلي بعد خراب السنوات الأخيرة. هذا المسعى كان قد بدأه رئيسُ الجمهورية فور تنصيبه، إذ شهدنا تبريد الجو السياسي الذي سخَّنه الحَراك والفاعلون المختلفون فيه، خاصة خلال المرحلة التي أعقبت إسقاط الخماسية وما نجم عنها من تصدُّعات سياسية داخل الجبهة الداخلية والتي آلى الرئيس على نفسه أن يرمِّمها استعدادا لاستحقاقات قادمة تتطلب توحيدا لكل القوى الداخلية تجاه مع يواجهه البلد من أخطار على الحدود وضمن المتغيرات الإقليمية الأخيرة، ومنها حملة التطبيع المشبوهة التي يراد لها أن تمهِّد لتقويض جهود الدول الممانِعة والمتصدية للانبطاح والتطبيع.. ومنها التطبيع الاستفزازي من طرف الرباط وما يُطبخ له من صفقات على حساب أمن وشعوب المنطقة برمتها.

يفسر هذا مساعي رأب الصدع بين الجزائريين على الخط الداخلي بعد شرخٍ حدث إثر السقوط المدوي للعهدة الخامسة ودخول البلد في سجالات حول تسيير الفترة الانتقالية والدعوات المختلفة إلى التصادم داخل قوى الحَراك نفسها، في وقتٍ كان الجزائريون أحوج ما يكونون فيها إلى الانسجام والاتِّحاد لمجابهة التحديات المستقبلية.

هذا ما لم يبدو مفهوما لدى الكثير من المتتبعين، فعامة الناس لم يهضموا في البداية قرار تبرئة الرباعي المحكوم عليهم سابقا في قضية التآمر. لكن توضيح وزارة الدفاع السريع، سرعان ما أعادت للناس بعض الاطمئنان على مسار قطار “جزائر القانون والعدالة”: الجزائر الجديدة، تريد أن تتعامل بحيادية في ملفات العدالة كلها، ولا تريد بأي حال من الأحوال أن تضفي على القضايا أي صبغة سياسية، فكل من يحاكَم أو سيُحاكَم، أو هو داخل السجن الآن، إنما هو نتيجة جرائم أو جنح مادية لا غبار عليها، بوثائق وأدلة لا تقبل الدحض أو التأويل. لهذا، تبرئة حنون وتوفيق والسعيد وطرطاق من تهمة التآمر، يدلُّ على أننا بعد اليوم وبعد أن استقرَّ الوضعُ الدستوري، لا يمكن قبول تهم سياسية لا دليل ماديا مقنعا بشأنها، حتى ولو بدا في بداية التحقيق على أن اجتماع الثلاثي قبيل استقالة الرئيس كان باديا عليها التآمر. لقد خلُص في النهاية إلى أن تطبيق القانون بحرْفيته وروحه، من شأنه أن يبرئ الجميع من تهمة التآمر، لكن ليس من تهم الفساد فيما يتعلق بالحالتين: طرطاق والسعيد، إذ أنهما متابعان في ملفات فساد، خاصة السعيد.

هذا المنحى، يؤكد أنه لن يكون هناك مستقبلا مسجونٌ سياسي، بل فقط مساجين الحق العام ومحكومو الفساد الثابت بوثائق لا تقبل التأويل ولا الاجتهاد.

إذا كان من شأن هذا أن يعطي قوة لمصداقية عدالة الجزائر الجديدة، فإن هذا سيقوي من لحمة القوى الداخلية يؤطرها الدستور المعدَّل ويحمي التماسك الداخلي تحصينا للبلد ودعما لرئيس الجمهورية في تسريع وتيرة التغيير والإصلاح الشامل الذي وضعه على عاتقه في النقاط الـ54 التي تعهَّد بها قبل وبعد تنصيبه رئيسا للبلاد.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • محمد

    حين نعرض موضوع العدالة يجب أن نأخذ في الحسبان قدرتنا على الاستماع إلى من يزعمون أن كل شيء على ما يرام وإلى من يخالفهم الرأي ممن يؤكد أن ما يعيشه ما هو إلا ظلم وإلى من يعتبر أن عدالة الإنسان تحتاج إلى تصويب.فإذا كنا لا نستطيع سماع إلا من يوافقنا الرأي فلا حاجة لنا بتادول ما نعجز عن مناقشته.الحقيقة أننا تربينا منذ خضعنا للاستعمار أو الاستبداد لم نستوعب قواعد التواصل لنحسن من وضعنا مهما كانت مناهل علمنا لأن قواعد التفاعل الاجتماعي تتطلب الإقرار بأن آراء البشر مختلفة بالطبع حول أية قضية.من اختلاف الآراء تنبع الحقيقة المساعدة على حل كل المشاكل التي تطرح في جياتنا.أما عندنا فالعدالة تتلون كل لحظة.