-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

“العقب الحديدي” الفاشي يسقط “حكومة الغاشي”

حبيب راشدين
  • 1479
  • 3
“العقب الحديدي” الفاشي يسقط “حكومة الغاشي”
ح.م

“لا حقَّ لأعداء الديمقراطية في الانتفاع بالديمقراطية” شعارٌ رفعته الصفوة الليبرالية يمينا ويسارا في تسعينيات القرن الماضي في وجه الاسلام السياسي الذي رضي أن ينضوي تحت أكثر من راية مُخادعة تبرر المشاركة في المسارات الانتخابية، وقد أفتى لنفسه أن “ناقل الكفر ليس بكافر” لنكتشف اليوم أن الديمقراطية لها أعداء جدد أخطر من الإسلاميين تحمل راياتهم الأحزابُ الغربية اليمينية المتهمة بتعاطي شغب الحُكم بالغاشي.
قبل عشرين سنة لم يكن أحدٌ يراهن على زمن تجمع فيه عناوين الصحف الأوروبية على وصف الشعب الايطالي بـ”الشعب البربري” (حسب الفاينانشل تايمز) وقد أرغم المؤسسات المالية الأوروبية وأدواتها على التحرك كرجل واحد لإحباط تسليم السلطة في إيطاليا لحزبين يمينيين منحتهما الصناديق حق تشكيل الحكومة، ليتحرك كل من ميركل وماكرون لتشجيع الرئيس الايطالي على تعطيل تشكيل الحكومة في ما يشبه الانقلاب الأبيض على مسار انتخابي لا يختلف كثيرا عن انقلاب العساكر في دول العالم الثالث.
وقبل انفجار هذه الفضيحة المدوِّية في المعسكر الغربي المتشدق بشعار “حكم الشعب بالشعب لأجل الشعب” كانت الصفوة قد سفَّهت أحلام الشعوب الغربية في أكثر من محطة، فقد ضرب بعرض الحائط تصويت الفرنسيين والهولانديين سنة 2005 ضد معاهدة ماستريتش التي أسقطت الدولة الوطنية، ونقلت صلاحياتها إلى هيئة بيروقراطية غير منتخَبة ببروكسل، وأجبر اليونانيون على التصويت أكثر من مرة، قبل أن تساق حكومة من أقصى اليسار لتمرير سياسة تقشفية انتهت بتسليم أجزاء من الثروة القومية اليونانية لقراصنة البنوك، وما تزال الصفوة المتحكمة في الدولة العميقة في الولايات المتحدة الأمريكية تخوض معارك شرسة ضد إدارة ترامب، وقد وصفت القوى الشعبية التي أوصلته إلى البيت الأبيض بأوصاف من جنس الأوصاف التي قذف بها الإعلام الأوروبي الحكومة الايطالية المنتخبة.
وحتى يعلم “الغاشي” الأوروبي “من يحكم من” فلنستمع إلى السيد غونتر أوتينغر المحافظ الأوروبي للميزانية وهو يتوعَّد الشعب الايطالي بتبعات سوء الاختيار: “سوف تعلِّم الأسواق المالية الايطاليين كيف ينبغي أن يكون التصويت السويّ” قبل أن يصدر عن وكالة مودييز، أحد أذرع التأديب التابعة لقراصنة وول ستريت، بيانٌ توعَّد الدولة الايطالية بتخفيض تصنيفها للوضع المالي، أجبر الرئيس الايطالي على تنفيذ انقلاب أبيض على التصويت الشعبي، في قرار غير مسبوق معادي للديمقراطية، أجمعت كبريات الصحف الأوروبية على تثمينه ووصفه بـ”القرار الشجاع” وبـ”العمل البطولي”.
وحتى يعلم الشعب الايطالي وبقية الشعوب الأوروبية “من هم الأسياد” وكيف تنظر إليه العصابة المتحكمة في مؤسسات الاتحاد الاوروبي، لم تتردد صحيفة “دير شبيغل” الألمانية في تخصيص افتتاحية صيغت بعبارات شامتة جارحة للشعب الايطالي، قد يستحي من استعمالها حتى الرئيس ترامب في تغريداته المحقِّرة للشعوب، فوصفت الشعب الايطالي بـ”الشعب المتسوِّل” بل هو دونهم درجة “فحتى المتسولون يقولون شكرا لمن يتصدق عليهم”!
غير أنه مع بشاعة هذه الحملة من سدنة المعبد على “شعيب لخديم” الايطالي الذي “أخطأ في الاختيار”، فإنه لن يكون بوسع الصفوة الأوروبية الخادمة لـ”العقب الحديدي” الفاشي إجهاضُ التيار الشعبي المتنامي ضد عبث القوى الرِّبوية عبر مؤسسات الاتحاد الأوروبي، إلا باللجوء إلى تزوير صريح للانتخابات القادمة وتنفيذ انقلاب أبيض جديد، أو الخروج إلى العلن بتنفيذ انقلابٍ عسكري أمني يقبر الديمقراطية في إيطاليا وينهي أساطيرها في أوروبا وفي المعمورة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • RG

    الديمقراطية هي فكرة خبيثة تحمل في طياتها نية التلاعب بحقوق الإنسان - يعني النية لهدف خبيث طويل المدى مشواره طويل - ستكون شكاوي كثيرة لبد لها من مصبرات حتى لا تفسد مخطط هدفهم الخبيث ، لهذا في غياب الكرامة - يعني غياب العدل - سلبوا حضورهما بالديمراطية - وإن صورنا الكرامة بشكل إنسان ولباسه العدل ، لما صلحت الديمقراطية لـأن تكون جزمة في قدمه ، لأن الكرامة و العدل يحي سلامة الإنسان و فطنته - و الديمقراطية لا مكان لها في الحكم بالكرامة و العدل - يستحيل أن تجد لها مكان بعد أن تتحقق الكرامة و العدل مع أنها الكرامة وحدها تشمل كل شيئ
    هذا تحليل ع السريع

  • محمد

    نحن نعيش ما وصفه الكاتب جورج أرويل في روايته 1984..
    "السلام هو الحرب ، الحرية هي الإستعباد ، الجهل قوة" . أو مايعرف بخطاب التزييف. DoubleSpeak
    لكن برحمة من الله، لم يكتب لمخطاطاتهم أن تنفذ في عام 1984، أي أن برنامجهم متأخر بأكثر من ثلاثين عاما.
    مازلت على رأيي أن الصفوة الليبرالية تحالفت مع التشدد الإسلامي..لطرد الوطنيين وبقايا نظام بومدين من السلطة ..وعدم التمكين للإشتراكيين. ونرى ذلك في نجاح مخططهم في تحطيم الشركات العمومية سواء بالبيع بثمن بخس، أو عبر عمليات الحرق والتخريب التي قامت بها الجماعات المسلحة. ثم التمكين لأمريكا ومشاريعها وطرد الروس.
    ونرى ذلك في إعترافات محمد بن سلمان.

  • الطيب

    الذي صنع " الديمقراطية " أول مرة صنعها لتخدمه و تخدم مصالحه و هو في منتهى اليقظة لكي لا تتحول إلى سلاح فتاك هنا أو هناك ينهي عظمته و وجوده ....لذلك سماها " لعبة " !