-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

العلم الجاهل

العلم الجاهل

“العلم الجاهل”، هذا التعبير الغريب لعدم منطقيته هو ليس من عندي، وليس إيراده أو نقله دليلا على تصديقه، ولكن بعض ما نراه وما نسمعه تجعل الإنسان من أول المؤمنين به، والتعبير هو للكاتب المصري أحمد حسن الزيات، وهو مسطور في كتابه “وحي الرسالة” (ج4. ص 173) وهذا “الجهل بالجهل من أعظم المعاصي”، كما يقول الدكتور محمد بابا عمي في كتابه “حب في كلام الله” ص 244 إذا كان المعنى الظاهر لـ”الجهل” هو الأمية، فإن من معانيه “الحمق”، ومنه قول الشاعر الجاهلي:

ألا لا يجهلن أحد علينا

فنجهل فوق جهل الجاهلينا.

فـ”العلم الجاهل” هو “آفة” قد يصاب بها أناس يعدون في العلماء، وهذا ما حدثنا به بعض الثقات يوم السبت الماضي (6-2-2021) في بلدة “العبادية” من ولاية عين الدفلى.

قام ثلة من الأئمة والأساتذة بزيارة الشيخ الفاضل جلول بلقاسمي (الحاج أحمد) الذي يقضي يومه، من طلوع الفجر إلى غسق الليل، محفظا لكتاب الله، ناشرا للعلم، كافا يديه ولسانه إلا على فعل الخير…

مرض الشيخ، فعمل بسنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من التماس الدواء، بعد الرجاء في الله – عز وجل – لأنه هو “الشافي”، كما علمنا وأدبنا أبونا إبراهيم – عليه السلام – في قوله الوارد في القرآن الكريم: “وإذا مرضت فهو يشفيني”.

فحصه طبيب “غير حكيم”، ثم ادعى في العلم فلسفة فقال للشيخ – كما قيل لنا -: “ستموت بعد أربعة أيام”… فأكذ أنه يحمل “شهادة” ولكنه لا علم له، لأن “الطب محراب للإيمان” كما هو عنوان كتاب للدكتور خالص جلبي، ورأس الإيمان هو “الإيمان بالغيب”، لأن عالم الشهادة يشترك فيه حتى الحيوانات.

لو كان هذا الطبيب مسلما، ولو من غير التزام بالعبادات، لعلم بمقتضى “إسلامه الوراثي” – كما يقول الإمام ابن باديس – أن الغيب لا يعلمه إلا علام الغيوب، الذي نفى علم الغيب عن رسوله – صلى الله عليه وسلم – في قوله له: “قل لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير، وما مسني السوء”.

ولو كان هذا الطبيب بشرا “عاقلا “، ولو لم يكن مسلما لأخذ بحكمة الشاعر الجاهلي في قوله الحكيم:

واعلم علم اليوم والأمس قبله

ولكنني عن علم ما في غد عم

إن الحكمة البالغة لمن كان له عقل يتدبر، والموعظة الحسنة لمن كان له قلب يتذكر هي أن هذا الطبيب كان أسرع وأسبق إلى الموت، وهو الآن موسد في التراب، بينما الشيخ الحاج أحمد ما يزال يكدح إلى ربه كدحا، ويرجو رحمة الله الواسعة.

ندعو الله – عز وجل – أن يمن بالشفاء على الحاج أحمد، لا ليعيش عيشة “الدواب”، ولكن ليحيى الحياة السوية، و”يجاهد” بالقرآن الكريم، ويعمل الصالحات، وينشر العلم النافع، ويذكر الغافلين، ويحذر المغرورين بيوم اليقين، الذي يرونه بعيدا وهو أقرب إليهم من حبل الوريد. فـ”لا تمت حتى تموت” كما يقول أستاذنا محمد الصالح الصديق.. أيها العبد الصالح، الصابر، الأواب.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • جزائري.

    السلام عليكم أستاذنا الفاضل.
    ببمناسبة هذا الموضوع اللشائك ألا وهو هذا الاختراق االفاضع لعقول الشباب االمتخرج من جامعاتنا بأعلى الشهادات حتى الى درجة اللطبيب الاخصائي (حوالي 10سنوات من الدراسة).. مخترقين من التدين الوهابي االبدوي كما يصفه المفكر محمد عمارة رحمه الله ... للاسف أعرف شباب من هذا المستوى أتعجب من تسلل هذا التدين المتخلف الى عقولهم.. والحقيقة لم أجد طريقة لإنقاذهم من هذا التدين المغشوش الذي لايتناسب مع مستواهم العلمي.....

  • merghenis

    وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ﴿٨٠ الشعراء﴾