-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الفايسبوك.. الفاعل والمفعول!

جمال لعلامي
  • 1380
  • 1
الفايسبوك.. الفاعل والمفعول!
ح.م

السجال والجدال المثار بين السياسيين والفايسبوكيين بشأن “حادثة” أو “حدث” المدعو “ريفكا”، ذكـّرني بنادرة من نوادر وطرائف الزمن الجميل، فقد حدثنا “مير” سابق، رحمة الله عليه، أنه ترشح ضمن صفوف الحزب الواحد خلال الثمانينات، لخوض غمار الانتخابات البلدية، لكنه تفاجأ بالصدفة، مساء يوم الاقتراع، خلال عملية الفرز، أن زوجته وشقيقته وأمه، لم يصوّتوا لصالحه في المنافسة الانتخابية!

قال صاحبنا ضاحكا مستغربا مستنكرا متسائلا ومتعجّبا، إنه توجّه صبيحة تلك الانتخابات المحلية، إلى مكتب التصويت، وهو طبعا متصدّر قائمة انتخابية، في منافسة قوائم أخرى ضمن الحزب الواحد آنذاك، وقد وضع أربعة أصوات لصالحه، في الصندوق، لكنه تفاجأ خلال الفرز ليلا، أنه لم يفز بأيّ صوت، فقال، مازحا إنه خاطب رئيس المكتب والعاملين به: لنفرض أنه لم يخترني أي مواطن، لكن أين الأوراق التي وضعتها بيدي، ورقتي وورقة والدتي وورقة أختي وورقة زوجتي؟

طبعا الرجل لم يتلق إجابة وافية مقنعة، وخرج يجرّ ذيل الهزيمة، فقد هزمه منافسوه من نفس الحزب الذي ترشح فيه وباسمه ومن أجل دخول البلدية بعنوانه.. لكن “الضحية” يقول بلا حقد ولا ضغينة ولا كراهية: رغم ما حصل “الحالة كانت حلوة”، وكان النضال داخل الحزب في إطار الاحترام المتبادل، رغم الكمائن والفخاخ التي كان هؤلاء وأولئك يخاطبون بعضهم البعض بها!

هذه القصة “الجميلة”، رغم أنها حدثت قبل أكثر من 35 سنة، وفي عهد الحزب الواحد، إلاّ أنها قد تقرأ جزءا من رسالة “حزب ريفكا”، الذي جرّ الأحزاب القديمة والجديدة، الكبيرة والصغيرة، الرابحة والخاسرة، الموالية والمعارضة، إلى نقاش يعطي الانطباع أن جميعها يشعر بالفشل والعجز عن حشد وتجنيد الجماهير مثلما يفعلها “ريفكا” وأمثاله!

القضية أكبر من تتحوّل إلى “قضية رأي عام”، أو “قضية حياة أو موت”، أو “قضية مصيرية” يجب التوقف عندها بمنطق المقارنة و”أنا قويّ وأنت ضعيف”، وحتى لا يغرق المتجادلون في فنجان، أو تختلط عليه الأوراق والحسابات كثيرا، يجب على الأحزاب والحزيبات، على الوزراء والنواب، وعلى الأميار والمنتخبين، أن يقيّموا أداءهم وينقـّطوا نشاطهم وتفاعلهم مع مشاكل وشكاوى وانشغالات المواطنين!

الجيل الذي لا يعرف كيف يكتب ايمايلا -ولا لوم عليه- لا يُمكنه أن يهزم جيلا لا يتصل مع بعضه البعض إلا بالفايسبوك و”السنابشات” و”التويتر” وغيرها من ألسن التكنولوجيا والانترنت التي إن ركبتها وصلت، وإن تخلفت تعطلت وبقيت في الموقف إلى أن يسقط الظلام فتجد نفسك وحيدا وسط الشارع، ولا تعثر على من يُوصلك إلى وجهتك ولو كان في جيبك الملايير!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • عبد النور

    تفاجأنا بالأنترنت، ثم تفاجئنا بمواقع التواصل الإجتماعي، ثم تفاجئنا باليوتيوب والمواطن الصحفي، ثم تفاجئنا بالدرونات، ثم تفاجئنا بالعملات المشفرة، ثم سنتفاجئ بالمدن الذكية وسنتفاجئ بسلسلة الكتل وإستعمالاتها المتعددة، وسنتفاجئ بأنترنت الأشياء، وسنتفاجئ بنظارات الواقع الإفتراضي بكل أنواعها VR / MR / AR والسيارات والطائرات والشاحنات الذكية أو المسيرة ذاتيا، وسنتفاجئ بأنترنت البلوكشين الذي يتجاوز سلطات البلد، وسنتفاجئ بالجنود المعدلين جينيا، وسنتفاجئ بالروبوتات الحربية وسنتفاجئ بالتتبع والمالية عبر تقنية التعرف الوجهي..وهكذا، بدون مراكز دراسات إستشرافية فعالة سنبقى دائما ضحية للغرب وفئران تجارب.