-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الفايس بوك.. المرض والعلاج

الفايس بوك.. المرض والعلاج
أرشيف

في قصة التاجر سفيان الذي جرّوه إلى الفخ، وجرّدوه من أمواله، وحاولوا تصفيته جسديا، قبل أن ينقذ نفسه وحتى أمواله من خلال تصوير جزء من فصل المؤامرة الإجرامية، ابتهج بعض الناس بفوائد الفايس بوك، الذي نشر الحادثة على نطاق واسع بين مستنكر للجريمة ومطالب بتوقيف الجناة، وهو ما تحقق في فترة وجيزة مُثلجا صدور الجزائريين ومانحا للفايس بوك دور “الفتوة” و”طفل” الفيلم الذي ساعد رجال الأمن وأخذ بيد الضحية، لكنهم جميعا نسوا بأن الضحية وقع في الفخ أيضا بسبب الفايس بوك، لأنه أدمن معاقرته، فجرّه إشهارٌ لبيع العملة الصعبة، فوثق في تاجر خيالي، وربما لا يثق في تجار الواقع، وجرى بحثا عن بضاعة خيالية وقد تنفُر نفسه من بضاعة الواقع ويراها مغشوشة أو مزورة، فكان الفايس بوك هو من قدّمه لقمة جاهزة للمجرمين وهو من أنقذه من إجرامهم.

هل كان الضحية مذنبا في حق نفسه؟ وهل كان ضحية ثقته في الفضاء الأزرق؟ وهل كان ناشرو الفيديوهات والصور “فاعلي خير”، أم أن نشر صور “المشتبه فيهم” هو في حد ذاته عمل “مشتبه فيه”؟

في ولاية الطارف تجرّأ بحر هذا الأسبوع شاب على الإعلان على صفحته عن بيع مواد صيدلانية نادرة خاصة بالشباب الذي يريد نسيان نفسه، ولم يجد رجال الأمن صعوبة في القبض على الشاب وحجز مواد مخدرة في بيته كان يبيعها للمُبحرين في الفضاء الأزرق، وفي وهران قامت شبكة بالمتاجرة بالرق الأبيض خلال الصائفة الماضية وجرّت إلى شباكها العديد من شباب الولايات المجاورة، وهي جرأة على الإجرام ظن فيها الفاعلون بأن وسائط التواصل الاجتماعي إنما كانت، ليكونوا أقوى وأكثر وأسرع فعالية، فاستعملوها ونجح بعض، وسقط غالبيتهم في قبضة الأمن وفي قبضة عامة الناس.

مازال إلى غاية زمن كورونا وعلى مشارف سنة 2021 بعض الجزائريين يخلطون بين خيال الفضاء الأزرق والواقع، فيصدقون أخبارا من دون معرفة مصدرها ويشترون سمكا مازال في بحر الخيال، ويبرمون علاقات قد تصل إلى الشراكة أو الزواج من دون معرفة الطرف الثاني، بل يعيشون عمرا طويلا في الخيال ولا يمنحون لواقعهم إلا بضع ساعات، وكما تضامن الجزائريون مع ضحايا “الفايس بوك” وآخرهم السيد سفيان، فعليهم أن يُدركوا بأن للضحية جزءا من المسؤولية، يكاد يشبه ذنب المدمن الذي يرتكب الزلات من أجل تعاطي المخدرات.

عندما يصبح الفايس بوك وسيلة للمشعوذين لنشر خزعبلاتهم وجرّ “المشركين” إلى “عفاريتهم”، ومنفذا لظهور الصعاليك والشواذ، ودربا مفروشا لبائعي الأوهام من ذهب وعملة صعبة ممزوجة بالريح، وطريقة لجرّ الأبرياء والمغفلين إلى وحل الجريمة، فإننا نكون قد أخطأنا مع قطار وسائط التواصل الاجتماعي الذي يسير بسرعة البرق، فبدلا من أن نركبه ونقوده إلى حيث نريد، واجهناه بصدورنا فداس أجسادنا.. وأرواحنا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • جزائر المخروطين في رؤسهم

    لالا ياسيدي فلاولا الفيسبوك لما رأينا عورات الفاشلين والمتواجدين في كل بقاع العالم بسبب فشلهم في حل مشاكلهم البطنية فمابالك بالمشاكل الأخرى