-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الفرنسيون لا زالوا يعبثون بنا!

الفرنسيون لا زالوا يعبثون بنا!
ح.م

لا يُوجد عبثٌ أكثر ممّا يفعله الفرنسيون بنا في ملف الذّاكرة، من خلال الاعتراف بجرائمهم في حق آبائنا وأجدادنا ولكن بتقنية التّقطير، فتارة يتم تكريم المناضل الجزائري من أصول فرنسية “موريس أودان” وتارة يتم الاعتراف بتعذيب وقتل واحد.. واحد فقط.. من المناضلين الجزائريين ويتعلق الأمر بالشّهيد علي بومنجل الذي يعرف الجزائريون جميعا أنه تعرض للتعذيب والقتل، ولم يُصدّق أحدٌ الرّواية الاستعمارية التي طالما ادّعت “انتحاره”.

ولا يمكن بحال اعتبار هذا الاعتراف تقدُّما ملموسا في ملف الذاكرة، وهو ما تردّده بعض الأوساط الإعلامية هنا وهناك، لأنه قفزٌ مفضوح وتجاهلٌ واضح للجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها فرنسا منذ دخولها إلى الجزائر. وعلى رأي الدكتور “محمد القورصو” فإنّ الاعتراف باغتيال المحامي والمناضل علي بومنجل يعدُّ تسوية مشكل داخلي في فرنسا أكثر منه اعتراف بالجريمة.

بيان الرّئاسة الفرنسية جاء في سياق التّوجه العام الذي أخذه التّقرير الذي أعده المؤرّخ الفرنسي “بن يامين ستورا” والذي حصر الماضي الاستعماري في الجزائر في عدد من الجوانب الشكلية كالاحتفال بيوم 19 مارس من كل عام، وهو المطلب الذي تقدمت به جمعيات المحاربين القدامى، وصنع تمثال للأمير عبد القادر، وقد اقترح “ستورا” وضع النّصب التّذكاري بمناسبة الذّكرى السّتين لاستقلال الجزائر العام المقبل.

ولم يتوقّف “ستورا” عند هذا الحد من الشكليات، بل اقترح في تقريره المثير للجدل تكريم الجزائريين الخونة الذين كانوا أعوانا للاستعمار وارتكبوا جرائم في حق شعبهم، وذلك بتخصيص يوم 25 سبتمبر من كل عام لتكريمهم مع باقي التشكيلات غير الفرنسية التي ساهمت في الحرب على الجزائر.

إنّ واجبنا أمام هذا العبث الفرنسي أن نتّخذ موقفا صارما، فإمّا يتم فتح ملف الماضي الاستعماري بشكل جدّي يفضي إلى الاعتراف بالجرائم ضد الإنسانية المرتكبة طيلة 132 سنة، وما يتبعه من اعتذار وتعويض، أو يتم إرجاء البتّ في ملف الذاكرة واعتبار الماضي الاستعماري الفرنسي في الجزائر قضية عالقة ستعالجها الأجيال القادمة.

أمّا أن يتم تناول الماضي الاستعماري بهذه الطّريقة الفلكلورية التي تحوّل المآسي التي عاشها الجزائريون إلى مجرّد محطّات للاحتفال فهو العبث بعينه، لأن ذلك يعدّ تنكرا لدماء الملايين من الجزائريين الذين أبادتهم فرنسا منذ مجيئها إلى الجزائر عام 1832.

إنّ أوّل خطوة ينبغي البدء فيها في سياق فتح ملف الماضي الاستعماري الفرنسي في الجزائر هي إنشاء مؤسسة أو مرصد لإحصاء وتوثيق الجرائم المرتكبة ضد الجزائريين، ولا يمكن لهذا العمل الكبير أن يقوم به عددٌ محدود من الأشخاص، كما أن طي ملف الذاكرة مع الفرنسيين قد يأخذ عقودا من الزمن ولا يمكن إنهاؤه في أشهر أو سنوات!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • جزاءري

    بصراحة وباختصار شديد الاستعمار مثل الخمر فيه منافع للناس لكن ضرره اكثر من منافعه ! اما ما فعلناه نحن في أنفسنا فاعتقد أنه اكثر ضررا مما فعله الاستعمار بنا .

  • amremmu

    من يعبث ببلده على مدار 60 سنة لا يجب أن يستغرب أن يعبث به الشرقي والغربي بل كل من هب ودب . فمن فتح نوافذ بيته للرياح لا يجب أن يلومها ان أحدثت له أضرار .