-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
أصلها هندي ويلبسها اليهود

 الفوطة… تبناها البربر وعشقتها العروس

فاروق كداش
  • 6631
  • 8
 الفوطة… تبناها البربر وعشقتها العروس
ح.م

 الفوطة، أو الفوظة، أو الفوتة.. أيّا كان اسمها، هي قصة قماش، جاء من الهند، وترعرع في السند، وتبناه البربر، ليصبح جزءا من تراثه.. لبسته العزباء، فكان لها وجاء، ولبسته المرتبطة، كي توثق وثاق الزواج المقدس… الشروق العربي، تلبس فوطة الفضول، لتكتشف أسرار قطعة عبرت القارات.

الفوطة.. من لا يعرف تلك القطعة من القماش، مربعة الشكل، الطويلة، التي تحمل في ألوانها وزڤزاڤها الثقافة الأمازيغية العريقة، تُلف حول خصر المرأة، لتعطيها الأمان، وتعقد ويتم تثبيتها بواسطة حزام من الصوف بألوان كل الفصول، فللألوان رمزية كبيرة عند البربر والأمازيغ.. فالأصفر يرمز إلى الشمس، والأخضر، هو لون النبات، والأزرق السماوي، يرمز إلى الحرية، والبرتقالي، نار مضرمة.. أما الأحمر، فلون الدم، الذي يجري في العروق.

وتحتل الفوطة في اللباس التقليدي القبائلي مكانة مهمة جدا، فهي بالإضافة إلى كونها إكسسوارا ضروريا لاكتمال طلة أي امرأة قبائلية، فهي تلعب دورا اجتماعيا مهما جدا، يجعل أيا كان يفرق بين المرأة المتزوجة، والعزباء، التي تنتظر عريسها.. فالمرأة المتزوجة، تشد الفوطة على خصرها. أما العزباء، فتشدها في الجانب الأيمن أو الأيسر، فلا لغط ولا جدل.

فوطة ومصطلحات

الفوطة ثلاث في الثقافة الأمازيغية، “تيمحرمت لفوطة”، وهي الأطول، وتكون مصنوعة من خيوط حرير رفيعة جدا، و”تيمحرمت ثاكلاتين”، مصنوعة من الصوف الأسود بقاعدة قطنية، التي كانت رائجة قبل الخمسينيات، واندثرت مع السنين. وأخيرا، “تيمحرمت لحرير”، المصنوعة من الحريرالطبيعي، التي عادة ما يدثر فيها الطفل في الختان، وإن تضرجت بقطرات من الدم، فتحرص الأم على الاحتفاظ بها كذكرى يوم أصبح ولدها رجلا.

والفوطة ليست مجرد غطاء للخصر أو الرأس أو الكتفين، فهي عملية أيضا، فهي تحمي من البرد والحر؛ كما تستعمل كقفة لجمع الخضار والفواكه والزيتون، وقد تستعملها الأم في حمل ابنها الصغير.. الفوطة واحدة واستعمالاتها متعددة.

 أصول الفوطة القبائلية

يعود أصل الفوطة، حسب ابن خلدون، إلى الهند.. فلم يكن الناس في بلاد المهراجا يلبسون السراويل الداخلية، وكانوا يستعيضون عنها بفوطة عريضة تسترهم، يطلقون عليها اسم “فوته”. ويقول ابن خلدون في مذكراته: “سكان الهند كسوتهم فوطة خّز، يشدونها في وسطهم، عوض السروايل، فإنهم لا يعرفونها”. وكانت الفوطة تستعمل في الحمامات العامة في بغداد، عاصمة الدولة العباسية. وتعطى للمستحم ثلاث فوط، إحداها يأتزر بها عند الدخول، والثانية عند الخروج، والثالثة للتجفيف.

ويرتدي اليهود فوطة أيضا من نوع خاص، تدعى الطليت، وهي شال الصلاة، وهو عبارة عن رداء مستطيل الشكل، تتدلى من أركانه أهداب، تدعى تصيتصيت، ويكون الطليت عادةً أبيض اللون، من الصوف أو القطن أو الحرير. وفي كثير من الأحيان، يكون مخططا، إما بخطوط سوداء أو زرقاء. والطليت هذا لا يسمح للعزاب بارتدائه، بل هو للمتزوجين فقط.

خطوط على طريق الحرير

أما القماش المخطط المميز للفوطة القبائلية، فيؤكد بعض المؤرخين أنه استقدم من الشرق، مع مصطلح فوطة في بدايات الألفية الثانية، وتعزز مع التبادلات التجارية مع الحضارة الأندلسية، واستبدل الصوف بالحرير في كثير من القطع. ومن هذا القماش المخطط، القادم من حضارات الهند والشرق الأوسط، جاء استعمال كلمة فوطة عند الأمازيغ.

في القرن الخامس عشر، عندما أصبحت الجزائر عاصمة للبلاد، تجسد دور الفوطة بشكل أفضل، خاصة مع تغير اللباس التقليدي، وكان من المهم ستر خصر المرأة، حين ترتدي القفطان أو الفريملات وغيرها من البدعيات، التي كانت ترتدي معها العاصميات أقمصة طويلة خفيفة، ولم تكن الفوطة العاصمية كثيرة الألوان، بل كانت مصنوعة من أترف الأقمشة ومن أجود أنواع الحرير، ولكنها اختفت مع تطور السروال العاصمي، الذي أخذ مكان الفوطة.. وهذا في بداية القرن العشرين . وانتقلت بفضل النازحات الجزائريات إلى تونس، بعد الاحتلال الفرنسي، وأثرت في اللباس التونسي المعروف بفوطته.

ولا تخلو الشدة التلمسانية من الفوطة، التي يطلق عليها “المتقلة”، التي تعد مع الملحفة الأقدم في تاريخ اللباس الجزائري، ويعود تاريخ صنعها إلى العهد الروماني.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
8
  • كمال

    يارقم 6 ,كن عادلا ,الم تظهر عينات تيزي وزو هابلوغروب عربي بين عائلات تحتسب بربرية الاصل ?? , الم تظهر كذلك عينات اوربية الاصل ??

  • دازنميتر

    إن المطلع على أرشيف الثورة المتوفر مجانا على الأنتريت و المتضمن لقوائم الحركى و الخونة و الصبايحية و الميهاريست و الرماة الذي خدموا الإستعمار و ساعدوه لاحتلال الجزائر ، و رفعوا السلاح في وجه إخوانهم المجاهدين ، سيتأكد بأن القاعدة التالية صحيحة 100% :
    ( كل من يخون سكان منطقة القبائل و يطعن في انتمائهم للجزائر و يشوه تاريخهم و رموزهم ، هو بالضرورة منحدر من عائلة الخونة الذين خدموا الإستعمار الفرنسي و ساعدوه لاحتلال الجزائر )
    طبقوا هذه القاعدة على كل مزور التاريخ يقوم بتخوين منطقة القبائل ، و ينفي إنتماء أهلها الضاربة جذورهم في عمق هذه الأرض للبلد ،فستجدون أنه سليل عائلة الخونة .

  • المجاهدة فاطمة نسومر

    الحمد لله على نعمة العلم و تحاليل الهابلوغروب الوراثية القطعية التي وضعت. حدا لكل الخرافات و الأكاذيب و أساطير النسابة ، حيث بينت الدراسات الجينية لسكان تيزي وزو ومنطقة القبائل عموما بأنهم أمازيغ أبا عن جد ، و بينت كذلك الاكتشافات الاركيولوجية الحديثة أن منطقة تيزي وزو فيها حضارة قديمة تعود الى 1000 سنة قبل الميلاد ، و هذا يعود الى فترة لم يكن فيها اي تواجد لا للفنيقيين و لا للرمان ، و عليه فليكف خدام الأطروحات الإستعمارية عن أكاذيبهم و تزويرهم للتاريخ ، لأن العلم نسف ترهاتهم و عرى نواياهم الخبيثة ، و فضح عمالتهم للأجانب و كشف خيانتهم للوطن و أبناءه المجاهدين الشرفاء في بلاد القبائل .

  • Moulayali4231@hotmail.com

    لماذا تنصبوا الكبيليين الى البربر
    الكبيليين أتوا بهم من بلغاريا و الفوطة من تلك المنطقة و فعلا اصلها الاول هو الهند
    و البربر جاءوا من كنعان

  • اللباس الاصلي

    لو لم نكن اسرة محافظة و ملتزمة بتعاليم الاسلام حفاظا على حرمة المراة لقدمت صورة جدتي و هي ترتدي الجبة القبائلية في 1930 في جبال ولاية تز ي وزو. وهدا لا يعني ان فعلا الملحفة"ثملحفث" هو اللباس الاصلي لسكان شمال افريقيا اي الامازيغ.

  • Syrus

    يقوم المروجون للطرح الإستعماري الأوروبي في بلادنا بمحاولات يائسة لربط أصل الأمازيغ ببلغاريا ، و ما يقومون به إنكار صارخ لتاريخ الجزائر الذي يعد الأقدم بكثير من تاريخ ظهور القبائل الجرمانية ، و كل الأدلة الجينية و الأثرية و التاريخية و حتى اللغوية تكذب هذا الإفتراض المبني على فرضيات واهية كالمقارنة غير منهجية بين اللغات و بين الأزياء .
    الوندال كان لهم مرور عابر في شمال افريقيا ، و لم يكن لهم الوزن الديموغرافي الكافي لإحداث تأثير ثقافي و لغوي على الأمازيغ الذين يمتد وجودهم في شمال أفريقيا لقرون عديدة و يذكرهم التاريخ قبل أن يظهر للجرمان كلهم أي أثر في الوجود .

  • سعود الدوسري

    انتشر ارتداء "الفوطة" عند الحجازيين في بيوتهم وخلوتهم وعند مخدعهم لنومهم، وقد توارث لبسها الآباء من الأجداد، ولا يزال الأبناء يلبسونها حتى الآن، ويرجع أصل الفوطة من بلاد جنوب شرق أسيا وبلاد الهند وما يتبع لها من "البنقال" و"سريلنكا" و"باكستان" وغيرها من الدول.
    وقد انتقل لبس الفوطة إلى بلاد كثيرة، وأصبح زياً رسمياً كبلاد "اليمن" و"حضر موت"، وقد انتشر ارتداؤها في الخليج العربي قاطبة، وخاصة البحارة، وأصبح مرتبطاً بمن يخرجون للصيد وهم يلبسونها هناك، بعض الدول الخليجية يلبس سكانها الفوطة تحت الثياب إلى اليوم.

  • المؤرخ مصطفى صامت

    فليعلم الشعب الجزائري أن "الجبة القبائلية" لباس حديث إبتدعته نساء بلدية إواضيين (واضية) في تيزي وزو خلال ال 80 فقط ، و بعد أن عرف نجاحا كاسحا تم تعميمه لاحقا في الأعراس والتظاهرات الثقافية ليصبح ماركة مسجلة لنساء المنطقة.
    أتحداكم أن تجدوا صورة واحدة لنساء المنطقة بالجبة القبائلية قبل الاستقلال ، بل من يبحث عن نساء منطقة القبائل في الصور القديمة للأرشيف الفرنسي ، خلال حقبة الإستعمار سيتأكد أنه لا وجود للجبة القبائلية ، بل سيجد أن الزي الأمازيغي القديم لنساء المنطقة ، هو نفسه لباس نساء كل شمال أفريقيا ، حيث الملحفة التي تقبض أطرافها على الكتفين بحلية تسمى (تبزيمت )(Fibule berbère) .