-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

القدس ودوار القمة

صالح عوض
  • 516
  • 0
القدس ودوار القمة

لم يكن أطفال غزة وشبابها وشيوخها ونساؤها معنيين كثيرا بتفسيرات النظريات السياسية والاستراتيجية، ولم تشغلهم كثيرا نبوءات المحللين والاستتشرافيين، فقط كان يحركهم دافع فطري عميق وإحساس روحي شفاف أن رحلة عودتهم بدأت وأن رياحها المباركة تلامس أديم الأرض فتحيل الأشياء البسيطة إلى مساعد أساس في معركة يعد لها الأخرون كل ما لديهم من تكنولوجيا وجبروت.
اما اصحاب القمة في صناعة القرار الأمريكي، واصحاب القمة من الحكام العرب والمسلمين المجتمعين في اسطنبول واصحاب القمة في قيادة الكيان الصهيوني وحتى بعض اصحاب القمة في الشأن السياسي العربي والفلسطيني، فهؤلاء جميعا مصابون بدوار القمة كما يصاب احد الناس الذين يقفون على طرف مبنى شاهق وينظرون إلى اسفل وتتسارع في مخيلاتهم الصور فتشدهم الأرض العجيبة بجاذبيتها إلى القاع.. هؤلاء جميعا في القمة.. قمة الجبروت وقمة الطغيان وقمة التخلي والتولي والانهيار..
امريكا بكل قوتها وعلومها وصناعاتها واقتصادها العملاق وجيوشها الفتاكة تجد نفسها في حرب مع شعب هو الأكثر تشردا في العالم والأكثر مظلومية في العالم والأكثر محاصرة في العالم.. تقف امريكا محاولة نزع روحه -القدس- وهي تجهل فلسفة هذا الشعب الذي يضيء قناديل القدس من دمه منذ اكثر من قرن اي منذ انهارت المنطقة وفر العرب والمسلمون من واجب اسراج قناديل القدس.. تقترب امريكا من وضع القدس في قبضتها لتعصرها فيستعصي ذلك عليها لتحول هضاب القدس وأزقتها وصخورها خناجر تنشب في سمعة امريكا وهيبة امريكا وسطوة امريكا.
اما القمم الأخرى جميعا فهي تعرف انها في مهلكة، فقيادات الكيان الصهيوني تفقد صوابها وها هم قادتها يتحولون إلى مهرجين، وفيما حكايات المفاسد تلاحقهم يحاولون صرف النظر بصناعة معارك دنكشوتية مع الفلسطينيين الذين يوجعونهم في صميم قلوبهم.. وقيادات العرب والمسلمين الذين اجتمعوا في اسطنبول او الذين تقطعت بهم السبل برأي امريكي او تقدير لمشاعر الصهاينة، فهؤلاء جميعا يتحسسون مواقع كراسيهم ومواضع الحبال على اعناقهم ويدركون ان “المعلم” الأمريكي لن يسمح بالخروج عن النص المعد.
الأمريكان والصهاينة ومن ارتضى ان يكون معهم ضد فلسطين والقدس انما هو الآن في قمة الظلم والعتو ويكونون قد أكملوا روايتهم ولينتظروا بعد ذلك رواية اخرى تماما لم تخطر على بالهم انها رواية اهل فلسطين.. رواية العودة إلى فلسطين.
ما يجهله أصحاب القمم ان شعب فلسطين لا تحده جغرافيا، فهو ليس فقط ابناء فلسطين انما هم اولئك الذين تسري في عروقهم محبتها وعشقها من طنجة الى جاكرتا.. فكل العواصم تنبض بالقدس وفلسطين، وفي كل البلاد القدس هي عاصمة الروح.
كل ما فعلته القمم انها تزيح الغشاوة والحرج امام ملايين الأمة وملايين احرار العالم لتصبح القدس عاصمة كرامة الانسان وتصبح القدس عاصمة الإيمان والاسلام وتصبح القدس راية كل الشرفاء فتمور الأرض بأهلها ويتساقط من يقف في القمة إلى المنحدر السحيق، ويسألونك متى هو، قل ان وعد الله آت.. وان الله لا يخلف وعده.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!