-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
بعضها تباع بـ 14 مليونا والبرنوس الوبري بـ 16 مليونا

القشابية.. القاسم الذي يجمع بين الفقراء والأثرياء في عز الشتاء

صالح سعودي
  • 3766
  • 4
القشابية.. القاسم الذي يجمع بين الفقراء والأثرياء في عز الشتاء
أرشيف

أخذت القشابية انتشارا واسعا من حيث الاستعمال وسط الجزائريين، ما جعلها تعد بمثابة القاسم المشترك بين الأغنياء والفقراء خلال فصل الشتاء، بدليل تفضيلها من طرف أغلب الجزائريين الذين يلجأون إليها من باب الدفء ومواجهة البرد، فيما يفضل آخرون اقتناءها ولبسها لاتخاذها شكل من أشكال الموضة، رغم أن القشابية في ضاربة في تراث الجزائريين على مرّ السنين.

أكدت القشابية على مكانتها مع حلول فصل الشتاء، حيث تعد من الألبسة التي يبقى الجزائريون أوفياء لها، بالنظر إلى امتيازاتها التي تجمع بين الوقاية من برودة الطقس وضمان الدفء، ناهيك عن جانبها الشكلي الذي يجمع بين الهيبة والوقار وجمال الهندام، وهو الأمر الذي جعل القشابية تأخذ أنواعا وأشكالا ومستويات، حسب المادة الأولوية ودرجة الاحترافية في صنعها، حيث تقدر أسعار القشابية ذات النوعية الرفيعة بـ 8 إلى 14 مليون سنتيم، خاصة حين تكون مصنوعة بالصوف أو الوبر، إذ يقدر أهل الاختصاص تكلفة وبر الناقة بنحو 12 ألف دينار للكيلوغرام، فيما يقدر سعر البرنوس الوبري من 16 إلى 25 مليونا، يحدث هذا في الوقت الذي تباع أنواع اخرى من القشابية بنحو 3 آلاف إلى 5 آلاف دينار جزائري، لكن هذه النوعية حسب البعض مصنوعة بمادة أولية مستوردة من خارج الوطن، مثل الصين وسوريا والعراق وغيرها، ما يجعلها تؤثر حسبهم بشكل سلبي في المنتوج المحلي الذي يتسم في نظرهم بالجودة والإتقان، وحسبهم، كثيرا ما يذهب ضحية التقليد، بسبب بيع منتجات شبيهة من خارج الوطن، إلا أنها أقل جودة من حيث النوعية مقارنة بالقشابية المنتجة في الجلفة وغيرها من مناطق الوطن.

جاذبية ووفاء في زمن الصراع بين الأصالة والعصرنة

إذا كانت الكثير من الألبسة التقليدية قد تأثرت بالموضة والعصرنة وطغيان الألبسة الحديثة والمستحدثة، إلا أن القشابية لا تزال محافظة على جاذبيتها، بدليل أنها فرضت وجودها بقوة وسط الجزائريين على مرّ السنين، في مختلف الفئات والمستويات، بدليل أن الكثير يفضل أن يلبسها، ويظهر بها في الأماكن العامة وفي المناسبات العائلية والاحتفالية، ما جعلها بمثابة القاسم المشترك بين الفقراء والأثرياء، بدليل أن الراعي يلبسها في البراري والفلاح في المزارع والمواطن البسيط في الأسواق والأماكن العامة، مثلما يلبسها الأثرياء ورجال الأعمال في مختلف المناسبات، كما يحرص على لبسها الشيوخ والكهول، مثلما يلجأ إليها الشبان من مختلف الأعمار، وهذا وفق ما وقفنا عليه في مختلف ولايات الوطن، سواء في الجبال أو الصحراء وحتى في السواحل والسهول والسهوب، فعلاوة على أنها تسجل حضورها بقوة في المحلات، فإن التجار الناشطين في الأسواق الأسبوعية واليومية يرون أن القشابية أفضل لباس لهم، لأنها تقيهم من البرد والجليد، وتضمن لهم روح المقاومة أمام التقلبات الجوية. وفي السياق ذاته، تسجل القشابية حضورها بقوة في الملاعب الجزائرية، بدليل أن هواة كرة القدم يرونها أفضل سلاح في مواجهة البرد على وقع أهازيج المدرجات وحمى المستطيل الأخضر، مثلما يحدث في منطقتي الهضاب والأوراس، على غرار أنصار وفاق سطيف، أهلي البرج، مولودية العلمة، شباب ومولودية باتنة، اتحاد الشاوية، جمعية عين مليلة وغيرهم من أنصار الفرق الذين كسبوا خبرة في هذا الجانب، خاصة وأن أغلب مدرجات الملاعب الجزائرية إسمنتية وغير مغطاة، ما يجعل محبي الجلد المنفوخ عرضة للبرد القارس وتساقط الأمطار والثلوج.

ارتبطت بالثورة وقشابية أولاد نايل الأغلى ثمنا

يجمع الكثير من العارفين في هذا الجانب، بأن القشابية ارتبطت تاريخيا بالجزائيين على مرّ السنين، وكانت لها قيمتها وسط المجاهدين خلال الثورة التحريرية، لأنها كانت تساعدهم على تحمل قساوة البرد والجليد في الجبال، كما تسهل لهم مهمة التنقل والاختباء والتمويه، من خلال إخفاء السلاح والتنقل بين المواطنين دون إثارة الانتباه، لتصبح فيما بعد علامة للهمة والرجولة، حتى أنها تخطت قيمة البرنوس في بعض الأحيان، ما جعلها تتربع على عرش اللباس التقليدي، متجاوزة بذلك الألبسة الحديثة، فأصبحت مطلب المواطنين العاديين والمسؤولين الكبار في الداخل والخارج. ويرى البعض أن القشابية الوبرية تعد الأغلى ثمنا والأفضل نوعية، بحكم أنها تتصف بعدة أنواع، منها القشابية البيضاء والحمراء والدرعاء (مصنوعة من صوف الغنم الأسود)، ويؤكد الأستاذ نور الدين بومزروق لـ”الشروق” بأن المناطق التي تشتهر بها حاليا هي أولاد نايل بالجلفة، وبلدية مسعد على الخصوص، بعدما كانت القشابية البيضاء لسيدي خالد وأولاد جلال هي الرائدة في خمسينيات القرن الماضي، بحكم توفر المنطقة على المادة الأولية وهي الصوف.

وبعيدا عن حمى الصراع بين الأصالة والعصرنة، فإن القشابية تبقى في نظر الكثير صامدة أمام التطوّر الحاصل في عالم الموضة والألبسة، ما جعلها الملاذ الآمن في فصل الشتاء، والأكثر من هذا فهي تجمع بين مختلف تقاليد وعادات الجزائريين، ليبقى التميز من نصيب القشابية التي يخف وزنها ويرتفع ثمنها بسبب نوعية مادة صنعها وطريقة خياطتها، بدليل أن أسعار بعضها يصل إلى 14 مليون سنتيم، وفي مقدمة ذلك القشابية الوبرية التي لا تزال تصنع الحدث وتلقى إقبال الجزائريين..

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
4
  • حمودة التونسي

    أنا الآن لابس قشابية عادية أشتريتها من السوق الأسبوعية ب50 دينار تونسي. القشابية الأصليةالمصنوعة من صوف الغنم أصبحت نادرة و غالية. مع الأسف ثم إن النساء نتاع زمان اللواتي كن يحذقن فن "المنسج "أصبحن نادرات. المهم إن شاء الله نشوفو قشابية "الجلفة" الوبرية في أسواقنا الأسبوعية التونسية قريبا. أيا بخاطركم توة يا جماعة.

  • سليم

    القاسم بين الفقير و الغني و هي تسوى 14 مليون
    الزوالي يسلك 2 و لا 3 ملاين اذا راهوا مليح
    وين راهوا القاسم

  • الجيلالي بوراس

    لا تغلوا في مدح الجلابية حتى لا يقول المغرب هي تراث مغربي فكل جميل و متجدر في ارث الجزائريين ينسبه اليه

  • B Ziar

    Essalamoualykoum wa rahmatou'llah
    A l'attention de l'auteur de l'article
    Merci d'utiliser la monnaie nationale qui est le Dinar Algérien.
    , tantôt vous écrivez en DA et tantôt en centime
    Merci de collaborer à élever le niveau des algériens en n'utilisant que le Dinar Algérien dans la vie quotidienne.
    Allez voir les commerces comment les prix sont affichés.
    C'est une catastrophe
    Egalement je dédie cette recommandation aux fonctionnaires qui utilisent le centime au lieu du DA dans leurs discours et leurs interventions.
    Wa salamoualykoum wa rahmatou'llah