-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

القطيعة مع ثقافة “فاذهب أنت وربك فقاتلا…”

حبيب راشدين
  • 1703
  • 4
القطيعة مع ثقافة “فاذهب أنت وربك فقاتلا…”
ح.م

الحملة القذرة التي يركب اليوم موجتها بقايا فلول العصابة، في محاولة بائسة لخدش صورة المرحوم المجاهد الفريق قايد صالح من جهة، ومحاولة التسويق لما تصفه بعض الأبواق الناعقة حول “انقلاب” الرئيس على قيادات كانت مقرّبة من الفريق الراحل، والترويج الكاذب لعودة رجالات المقبور توفيق، تشهد على أن الجماعة التي فقدت بلا رجعة فرص تعطيل قطار الإصلاحات بتحريك وتنشيط قوى التعطيل من داخل المستنقع الإداري البيروقراطي الآسن، تكون قد صرفت النظر نهائيا عن مسار التعطيل بإعادة الحياة لحَراكٍ نافق، أقبِر في رئاسيات 12 ديسمبر 2019، كما أيقنت من استحالة وصول المدد من وراء البحر.

بعض المحاولات اليائسة لإعادة تنشيط الحَراك بوصفات جديدة، تريد استفزاز قوى الأمن، أو إرهاقها كما زعم أحد العرابين من لندن، باءت بالفشل، كما فشلت محاولات تهييج المواطنين بتخريب جهود الدولة المحمودة لإيصال الخدمات القاعدية في الظروف الصعبة التي عاشتها البلاد، هي وصفات بائسة قد جُرِّبت من قبل، وسوف تفشل أمام إصرار الرئيس المنتخَب على الوفاء بوعوده الانتخابية كاملة، وإغلاقه لأبواب المساومة والابتزاز والمحاصصة، وتشجيعه للقضاء على فتح مزيد من ملفات الفساد الموصدة منذ عقدين، والنزول بها نحو المستويات الدنيا التي سوف تطال المنشآت القاعدية لدولة الفساد في جسد الجهاز الإداري البيروقراطي، وهو أفضل تقدير من الرئيس لذاكرة الراحل قايد صالح الذي كتب الله له تلك الخاتمة الحسنة، أحب من أحب وكره من كره.

المواجهة بين قوى الإصلاح وقوى التعطيل هي في بداياتها، وأمُّ المعارك لم تبدأ بعد، قبل أن تفتح جبهة تعديل الدستور، التي كانت بحاجة إلى التعجيل بقصف مكثف على بؤر الفساد وقد أنجز منها الكثير حتى من غير حاجة إلى دستور بديل وقوانين جديدة، وباستطاعة الرئيس والقوى الوطنية المساندة له مواصلة مسار التطهير والإصلاح بنفس الأدوات إن تعذر ـ لسبب أو آخر ـ تمرير تعديل دستوري متماهٍ مع قناعات الرأي الغالب في المجتمع، وربما نحتاج لاختبار مقدار استعداد الرأي الغالب في المجتمع على مسايرة حركة الإصلاح، بتحميله مسؤولية إسقاط أي نسخة من الدستور تعرض عليه في نوفمبر القادم بالصيغة الملغمة التي صدرت عن لجنة لعرابة، ليكون المواطن، المالك للسلطة التأسيسية، هو من ينقلب على دستور العصابة وليس الرئيس، وإفساح المجال وقتها لنسخة جديدة مبتكرة، تُعرض على برلمان جديد مطهَّر من أعوان الفساد، قبل تثبيتها مجددا باستفتاء شعبي يحرسها من العبث لعقود قادمة.

وكما أن وضع البلد منذ سنة لم يكن يسمح للراحل قايد صالح بالإطاحة بالعصابة خارج أحكام الدستور على طريقة السيسي أو السماح للمغامرين باستنساخ الفخ الذي نُصِّب للحراك السوداني، فإنه لا يُسمح اليوم للرئيس المنتخَب بالخروج عن أحكام الدستور حتى وإن كان يمنحه صلاحيات واسعة، وليس مطلوبا منه أن يحسم لوحده المواجهة الحتمية القادمة حول ملفات الهوية وصيغ توزيع السلطات، ويكفينا منه أن يعيد للمواطن سلطة الفصل والحسم عبر الصندوق المؤمَّن من العبث والتزوير، وفاء منه لما التزم به المرحوم قايد صالح بإشهار المادتين سبعة وثمانية من الدستور كمسار وحيد للتغيير الآمن، وكيفما كانت الصيغة التي سوف تُعرض علينا في استفتاء الفاتح من نوفمبر، فإن قرار الحسم سوف يكون بيد الناخب، بالقبول أو الرفض، وهي الفرصة الثانية التي ستُمنح للمواطن للمشاركة في مسار التغيير والإصلاح كسلطة تأسيسية تفوق سلطة أي مؤسسة دستورية قائمة.

وفي كل الأحوال، فإن مسار بناء الجمهورية الجديدة مسارٌ طويل ومعقد، تتربص به قوى معارضة معطلة في الداخل والخارج، سوف يكون من الغباء الاستخفاف بها، لأنها لن تسلم ولن تستسلم دون قتال وبأساليب خبيثة، تراهن – فيما تراهن عليه – على الاستثمار الناجع في الانقسامات، وفي شقِّ الصف، وتحريض طائفة من المواطنين على طائفة أخرى تحت رايات عرقية، وعقائدية، وثقافية كاذبة، ثم الرهان على حملات التشويش والتشويه، وصناعة صراعات وهمية تُستحلب منها فرص تثبيط عزيمة المواطنين، وصرفهم عن الدخول في معركة التغيير والتحرير عبر سلطتهم التأسيسية والانتكاسة إلى موقع الكنبة المريح يقولون ما قاله بنو إسرائيل للنبي موسى “…فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاٰتِلَا إِنَّا هَٰاهُنَا قَٰاعِدُونَ”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
4
  • المنصدم

    ماذا بقي للتبرير ؟

  • ارض الشهداء

    وعنونة وتوصيف في محله، و اللبيب بالإشارة يفهم. حفظ الله الجزائر واهلها، والمجد والخلود لشهدائنا الأبرار

  • نحن هنا

    من يصدق تغطية الشمس بالغرال الخيانة العظمى تلاحقهم حتى يثبت العكس أمام القضاء وتبرأ ساحتهم

  • SoloDZ

    احسنت مرة اخرى استاذ بارك الله فيك وفي قلمك وفي قراءاتك السديدة للامور والاحداث واسمحلي اضيف لمقالك آية قرآنية كريمة عبارة عن طمأنة من الله تبارك وتعالى لعباده من العابثين وتشويش والآية الكريمة هذه تنطبق بالكامل على الوضع العام في بلادنا بخصوص قطار التغيير ومن يريدون تعطيل مساره ورغم خطورة ما يفعلون كما تفضلت انه من الغباء الاستخفاف بافعالهم لكن الله اكبر واقوى من مكرهم وكيدهم والآية الكريمة هي باسم الله الرحمان الرحيم "يا ايها الذين آمنوا عليكم انفسكم لا يضركم من ضل اذا اهتديتم" صدق الله العظيم هذا الكلام يبعث على الارتياح كل ما على بلادنا فعله هو التركيز على العمل ولا تعير نباحهم اهتمام