الله لا يزيد أكثر!
الآن، عرفنا جميعا، وبدون استثناء، قيمة الحرية والطمأنينة والاستقرار النفسي والهدوء والسكينة وحرية التجوال والتنقل، من أي مكان إلى أي مكان آخر، وفي أيّ وقت، بالنهار والليل.
الآن، في زمن هذا الفيروس الملعون، أدركنا وزن المسجد، وقيمته الروحية، ومعنى أن تغلق أبواب بيوت الله، في وجه المصلين، ويضيف الأئمة إلى الآذان عبارة “صلوا في بيوتكم”!
الآن، يعلم هؤلاء الذين لم يعيشوا ولم يعايشوا فترة المأساة الوطنية وسنوات الجمر والدم والدموع والخوف، معنى حظر التجوال، وإن كانت الأسباب مختلفة والظروف متباينة!
الآن، يُدرك الجميع، طعم الحياة الهادئة والمتزنة والسعيدة، داخل البيوت وخارجها، بعيدا عن “العدو غير المرئي” الذي يهدّد صحتهم وربما والعياذ بالله وجودهم إن لم يحترموا نصائح الأطباء!
الآن، عرفنا جميعا، معاني العلاقات الاجتماعية والزيارات الأسرية، وصلة الرحم، التي قطعها البعض في اليسر والرخاء، فاكتشف بسبب كورونا قيمتها وأهميتها ودورها في استمرار الحياة!
الآن، أدركنا معنى “التحواس والتشماس” في الغابات والساحات العمومية والأسواق الشعبية والفضاءات التجارية والشوارع، بكلّ حرية وطمأنينة، دون أن يلاحقنا الفزع والقلق حيث صلنا وجلنا!
الآن، عرف كلّ العمال والموظفين والمستخدمين، في مختلف القطاعات والمؤسسات، معنى “العمل عن بٌعد”، والعمل من البيوت، وما يخلفه من ارتباك وشك، عكس ما كان يعتقد البعض أنه فرصة للراحة!
الآن، أدرك الجميع دور التعاون والتضامن، ومهمة الهيئات الحساسة والحيوية في أيّ دولة، من جيش وأمن وطبّ وإعلام، إلى جانب ممتهني التجارة والفلاحة وأعوان النظافة والوقاية والحراسة، وغيرهم!
الآن، وقفنا جميعا على جدوى النظام والتنظيم والتسيير المحكم، في مجابهة الأزمات والمحن والطوارئ، وضرورة اتخاذ الإجراءات العاجلة في وقتها دون تأخير حتى نتفادى الأسوأ!
الآن، اكتشف الكثير من الجزائريين، بيوتهم، وأولادهم، بعد ما دخلوها مضطرين غير مخيّرين، في حجر منزلي إجباري أو طوعي تلقائي، ومنهم من كان منقطعا غائبا عنها، لأشهر وسنوات، بسبب العمل أو اللهفة واللهث وراء الحياة!
الآن، تيقّن هؤلاء وأولئك، بأن الحياة ليست “دراهم” فقط، ولا جبروت، ولا نفوذ، ولا وظيفة، ولا بزنسة، ولا سمسرة، ولا أعمال، وإنّما هي كذلك، وهذا هو المهم في الأهم، سكينة وراحة بال وأمن من خوف!
..هي إذن، بعد أن يرفع الله علينا بإذنه ورحمته، هذا الوباء والبلاء، فرصة لنا جميعا، من أجل إعادة حساباتنا، بالطريقة الصحيحة، في البيت والعمل والشارع، في علاقاتنا الفردية والجماعية، وفي تدبير شؤون الحياة، وفي العودة إلى الدين والضمير والأخلاق، حتى نكون من الذين حفظوا الدرس وليس من النادمين!