-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

المائة أورو التي أذلّتنا جميعا!

المائة أورو التي أذلّتنا جميعا!
أرشيف

إذا كانت الدولة الجزائرية بمنحها مائة أورو في السنة، لكل مسافر جزائري يريد السياحة أو العلاج أو حتى التسكع في الخارج، قد قدمت عرضا ماليا ومعنويا في منتهى الذلّ للجزائري، الذي يجد نفسه أحيانا مسافرا إلى آخر الدنيا وفي جيبه ما لا يكفيه حتى لدفع ثمن فنجان قهوة، فإن الطوابير الطويلة التي تشهدها الحدود الشرقية هذه الأيام من أجل صرف هذه “المائة” لمعاودة بيعها في السوق الموازية في مشهد مذل آخر، تقدم للدولة أسباب وحجة مواصلة العمل بهذه الطريقة المسيئة للوطن وللمواطن.

عندما يدسّ جزائري قد يكون طبيبا أو معلما أو تاجرا أو بطّالا، عائلته بكل أفرادها بما في ذلك الرضّع والعجائز، في سيارته، ويشق الأرض شقا، مسافرا إلى المراكز الحدودية الشرقية، ليدخل تونس، لمدة دقائق أو ساعات، ثم يعود أدراجه، مبتهجا بالعملة الصعبة التي صرفها في البنوك الجزائرية، لمعاودة بيعها، فمعنى ذلك أننا للأسف أمام حالة بائسة تشترك فيها القمة مع القاعدة، ولا يبدو أيّ كان منهما مستعد لأن يغيّر من أسلوب حياته الذي قتل في الجزائريين الكثير من القيم التي كانوا مشتهرين بها، فإذا كان المهاجرون الأفارقة قد دخلوا بلادنا بأطفالهم ونسائهم طلبا لبعض المال، فإن الزحف نحو تونس بهذه الأعداد، لا يكاد يختلف عما نشاهده لدى اللاجئين الأفارقة، ما دام الهدف واحد، وهو المال، ومادامت الطريقة واحدة، وهي دخول بلاد أخرى، ومادام الأمل في تغيّر الأمور غير وارد إطلاقا.

المشكلة في الجزائر ليست في “المشكلة” نفسها، وإنما في تحولها إلى حالة مرضية مزمنة، يتوالى المسئولون على كراسي السلطة، ولا يتمكنون من معالجتها، فحكاية المنحة السياحية التي يبدو إلغاءها أحسن من تركها بهذا “الذل”، بقيت على حالها غير مرتبطة بالسياسة ولا بسعر برميل النفط ولا بعدد الجزائريين الذين يسافرون إلى الخارج، ولا أحد يمكنه شرح المعادلة الغريبة، التي تمنح لفرد مسافر إلى تونس مائة أورو ولآخر مسافر إلى كندا نفس المبلغ، وتمنح لسائح مائة أورو ولطالب العلاج في أكبر المستشفيات نفس المبلغ، ومع ذلك يبقى الأمر على حاله، ويطول زمن الذل إلى ما لا نهاية.

وإذا كانت الدولة مصرّة على أن لا ترفع من قيمة المنحة السياحية التي يستفيد منها كل مواطن، بسبب المتاعب المالية التي تعانيها أو بسبب عجز مسئوليها وتواجد غالبيتهم في مكان لا يناسب إمكاناتهم العلمية، فإن المواطن بدوره لو تنازلت الدولة ورفعت من قيمة المنحة، فسيحوّل الذل المزمن إلى وباء، ولتحول التوجه إلى الحدود الشرقية، لصرف العملة مع نهاية كل سنة، إلى ما يشبه الحج الأعظم يسافر إليه جموع الجزائريين من كل فج عميق.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • ايت ساعد العربي

    واساتذة الجامعات يقومون بنفس عمليات الافارقة، فغالبيتهم يحصلون على مبلغ 1000 يورو سنويا، ويدخلون تونس برا ويستاجرون فنادق في غرف جماعية وفي ظروف يندى لها الجبين ثم يعودون برا وقد حصلوا على توقيع مذل من الجامعات التونسية ومنهم من لا يحصل على هذا التوقيع ويعطلون الطلبة لمدة 10 ايام دون دراسة ولا يعوضون الحصص اطلاقا ويتباهون بالتحايل امام طلبتهم و و و و.فلماذا تركزون على من يحصل على 100 اوروا لكل سنة واذا قارنا بيننا وبين الجارتين تونس والمغرب، فلنا ان نتساءل: من بامكانه شراء العملة الصعبة بتلك القيمة؟ جزائر الخير تكالب عليها الكل بقصد كبير، لا فرق بين المثقف والامي الكل انتهازيون بامتياز.

  • كمال بوناقص

    المنحة السياحية السنوية :
    - الجزائر: 100 أورو
    - تونس: 1750 أورو
    - المغرب: 4100 أورو
    العزة و الكرامة.

  • هشيمالهاشمي

    نعم هي الحقيقة المخزية المذلة وغير هذا كثير فكل مآسينا وأمراضنا و... فالسلطة من تسبب فيها ولا زال يتسبب في غيرها الى الآن فكل التناقضات التي نعيشها هي من " سراتنا الذين ليسوا اهلا لقيادتنا لأن " فاقد الشيء لايعطيه" أذلونا أمام الأجنبي صرنا نشحث ونتحايل بحيل حقيرة " فحقرونا وحقروا كل جميل كان فخرا لنا ولبلدنا " وفقرتمونا فأفقرتمونا " وأهنتمونا فأهانونا لما أحسوا معاناتنا و..؟!" فتبا لمن فقد المروءة وما ت ضميره"