-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
 دراسة سوسيولوجية محكّمة للباحث عبد السلام فيلالي

“المجتمع والدولة في الجزائر” في عهد بوتفليقة

“المجتمع والدولة في الجزائر” في عهد بوتفليقة
ح.م

صدر حديثا الجزء السادس من دراسة الباحث في علم الاجتماع السياسي، عبد السلام فيلالي حول إشكالية “المجتمع والدولة في الجزائر”، عن دار العقاد للنشر والإعلام.

ويتناول العمل المنهجي الرصين بالتحليل تطور المجتمع الجزائري وهيكلته وأنساق التوجيه لمنظومة الحكم وعلاقات السلطة التي تحكم عمل الفاعلين الأساسيين، في الفترة (1999-2019).

وقد حاول المؤلف من خلال موسوعته العميقة بأجزائها الستة أن يستدرك نقص المراجع في ما يخص الجزائر، خاصة من لدن الباحثين الجزائريين، وأيضا الإجابة عن مختلف التساؤلات والانشغالات التي تعترض المتابعين والقراء حول قضايا تاريخية وثقافية حساسة في تاريخ الجزائر، بشكل علمي وموضوعي، متجاوزا بالتالي الأطروحات الاستعمارية التي قرأته بنظرة استعلائية وموجهة إياه لخدمة مقاربات تتناقض مع جوهر نضال الشعب الجزائري. ثم أيضا تحليل والرد -بشكل غير مباشر- على الذين شككوا في المضمون الوطني والحضاري لهذا النضال، خاصة بعد تبني التعددية الحزبية وظهور تيارات سياسية وإيديولوجية راحت تنتقد المنجزات الوطنية الجزائرية بشكل يؤدي إلى هدمها.

في هذا الجزء الجديد، لم يكن هدف الباحث تقديم تقييم نهائي لفترة (1999-2019)، حيث إن كثيرا من القضايا والإشكالات تظل عالقة ومؤجلة نظرا لعدم توفر رؤية غير متأثرة بأحكام جاهزة، ثم ما تعلق بتغير إدراكها

لقد أسس المؤلف، مثلما صرح في مقدمة عمله، مقاربته للحقبة محل الدراسة تبعا لصلتها بالمشروع الوطني ومضامينه التي تميز البحث العام الذي بودر به، أي مجمل الإنجازات (السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية) ثم قياسها بعد ذلك وفق مؤشرات الحوكمة والتنمية البشرية

وهكذا كان عمل البروفيسور فيلالي يقوم من جهة على تحليلها وجعلها ذات مضمون كمي، وأيضا إقامة ربط مستمر مع تجليات هذه المضامين قبل وبعد الاستقلال

لقد كان يتجه إلى مقاربة هذه الإنجازات وفق قدرتها على معالجة الاختلالات الهيكلية للاقتصاد الجزائري ومخلفات الانهيار الأمني لحقبة التسعينات ببعديها السياسي والثقافي: أي إشكالات الإسلامية وإعادة انضوائها داخل المشروع الوطني، البعد الهوياتي ومأسسة اللغة الأمازيغية

هذا العمل الجديد الذي كتبت فصوله على وقع تطورات الحراك الجزائري، يتيح أيضا، بحسب صاحبه، استشراف ما سوف يكون عليه المجتمع والدولة في الجزائر في أفق الاحتفال بمرور قرن على نيل الحرية والاستقلال: 2062.

وقسّم المؤلف دراسته إلى أربعة فصول: الأول منها معنون بـ “المجال السياسي الوطني.. المخرج من أزمة التسعينات”، سعى من خلاله، عبر أربعة مباحث، إلى إعادة تناول وتوظيف مفهوم فشل السياسة، بما يتوافق وإشكالية إخفاق وإجهاض تجربة الانتقال الديمقراطي في الجزائر (1989-1991)، التي أدت إلى نشوب حالة احتراب مدمرة لمقدرة الوطنية مع الأزمة الأمنية الخطيرة (1992-1999)، أي الفترة الواقعة بين تاريخ وقف المسار الانتخابي في 11 جانفي 1992 و16 سبتمبر 1999، حين تبني قانون الوئام المدني عبر استفتاء شعبي

أما الفصل الثاني، فجاء بعنوان: “عبد العزيز بوتفليقة.. جموح الحكم الفردي، قواعد اللعبة”، وقد تضمن أربعة مباحث، عالج فيها تداعيات هذه الأزمة وجذورها: العلاقة بين الجزائر وفرنسا، الصراع داخل أركان الحكم ومناوئة “الجانفرية” وما آل نحو تعديل نسق السلطة سنة 2004، وما بعدها مع بروز “أوليغاركية” وسلطة المال السياسي.

بينما جاء الفصل الثالث تحت عنوان: “السياسات الاقتصادية والمنجز التنموي (2000-2019)”، تتضمن أربعة مباحث، سعى فيه إلى استقصاء مختلف المشاريع المقترحة لإعادة هيكلة النظام الاقتصادي من خلال خطط الإنعاش الاقتصادي(2000-2019)، ومشاريع النهضة بالفلاحة الجزائرية وحل معضلات الصناعة، ثم انعكاسها على مؤشرات التنمية البشرية خلال هذه الفترة

ثم يأتي الفصل الرابع الموسوم بـ: “الديمقراطية التوافقية. الطريق والحل.. وعد الحراك”، بمباحثه الأربعة، سلط المؤلف من خلاله الضوء على مخرجات المنجز التنموي على ضوء مؤشرات الحوكمة، متناولاً مأزق النظام السياسي وحكم الأوليغاركية والطريق المسدود الذي وصلت إليه، لأسباب تتعلق بطبيعة منظومة الحكم، ثم ناقش دعاوى وأهداف أحداث “الربيع العربي” في رفض الحكم الفردي، مركزا على التجربة التونسية التي نظر إليها كنموذج حين نجحت في رسم معالم نظام سياسي ديمقراطي بواسطة تطبيق ومأسسة مفهوم “الديمقراطية التوافقية”، قبل إدراج مفهوم “فشل السياسة” كسبب أساسي لاندلاع مظاهرات الحراك الجزائري يوم 22 فيفري2019، وما يطمح إليه

ع. ع

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!