-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

المرضى في إضراب؟!

محمد حمادي
  • 483
  • 3
المرضى في إضراب؟!

الإضرابات التي اجتاحت عديد القطاعات الحساسة في البلاد وعلى رأسها الصحة جعلت الجميع في هذا البلد يلبس ثوب الضحية ويلتحف رداء الظلم وهضم الحقوق وسائر صنوف التجاهل والتهميش، في مشهد يتهم فيه الجميع الجميع؛ فغاب صوت العقل والحكمة، ليؤرّخ أصحاب المآزر البيضاء، هذه المرّة، رفقة وزارتهم لفصل جديد من فصول التعنت، أدخل القطاع برمتّه في نفق مظلم وبات ينذر بانفجار وشيك، سيدفع ثمنه المرضى غاليا بالعملتين السّهلة والصّعبة!
المرضى الذين جاءهم إضراب الأطباء المقيمين بياتا، فعانوا الأمرين في الهياكل الاستشفائية طيلة السبع الأشهر الماضية بسبب اضطراب مواعيد الفحوصات وتأخرها، هاهم الآن يصدمون بخبر آخر لا يقل إيلاما عن سابقه، بعدما انتقلت نقابة الأساتذة الاستشفائيين الجامعيين إلى السرعة القصوى في إضرابها؛ فلم تكتف بمقاطعة المحاضرات والامتحانات بكليات الطب، بل زادت عليها بتقليص الخدمات في مصالح الاستعجالات وعدم ضمان الحد الأدنى من الخدمات بالمستشفيات الجامعية.
لماذا كلّ هذا التعنت بين الأطباء ووزارتهم؟ لماذا لا يأتون إلى كلمة سواء بينهم، لا غالب فيها ولا مغلوب، لا فضل فيها على أحد، يبتعدون فيها عن العنف ويجنحون إلى لغة الحكمة والتعقل؟
للأسف، غابت لغة الحوار وحلّ محلّها التصادم؛ وزارة الصحة تعتبر الإضراب غير شرعي وتتهم الأطباء باتخاذ المرضى كرهينة وورقة ضغط لتحقيق مطالبهم، في حين يواصل أصحاب المآزر البيضاء حركتهم الاحتجاجية ضد ما وصفوه بسياسة الترقيع التي يدفعون ثمنها حاليا.
لكن أين محل المرضى من إعراب هذا الشد والجذب بين الأطباء والوزارة الوصية؟ من يتحمل معاناة أولئك الذين يكابدون آلام المرض ومع ذلك يفضلون الموت بين أهلهم على أن توصد أبواب المستشفيات في وجوههم؟ أيّ طعم للحياة عندما يفضل المرضى في هذا البلد الرحيل عن الدنيا على أن يُمسح بكرامتهم الأرض في استعجالات طبية لا تؤمّن لهم حتى حقنة تسكّن آلامهم؟
الحقيقة المرة هي أنّ منظومتنا الصّحية متهالكة، منذ زمن بالرغم من توفر المستشفيات على أحدث التجهيزات الطبية في مجال الفحص وتشخيص الأمراض، ووجود أطباء وجراحين يجرون عمليات معقدة للمرضى في أفخم وأكبر المستشفيات ببلدان الغرب، إلا أنّ سياسة التسيير العرجاء للهياكل الاستشفائية، هي من وضعتنا في ذيل ترتيب الأمم من ناحية الرعاية الصحية، وقبرت كل الجهود للنهوض بالصّحة التي ما زالت ترقد في غرفة الإنعاش.
إذا كانت كبريات المدن في البلاد التي تتوفر على مراكز استشفائية جامعية لم تقو على تأمين خدمات طبية في المستوى للمرضى، فكيف هو حال المنفيين في المناطق النائية، التي لا تتوفر حتى على قاعة علاج، تقدم فحوصات عادية.
المشكل أعمق وأخطر، وما يعانيه عدد هائل من المرضى في القرى والمداشر في الجزائر العميقة أفظع ممّا نتصوّر، حيث الدواب تعوّض المركبات في نقل المرضى إلى مستشفيات برتبة قاعات علاج تفتقد لأدنى شروط التكفل الطبي.
وأمام هذا الوضع البائس، حان دور المرضى ليدخلوا هم أيضا في إضراب عن التداوي، رافضين العلاج في مستشفيات “السويد” ولسان حالهم يقول:”ارتاحوا لن نأت إلى المستشفيات، لن نطرق أبوابكم ولن نزعجكم، سنموت في صمت بين ذوينا”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • حليم حيران

    بعد مناوبة ماراطونية ليلة امس اغلب الذين رايتهم ممن تم فحصهم صباحا في الاستعجالت او عيادة اخرى و بدون حياء يحملون معهم الدواء الذي وصفه لهم الطبيب الاول.لماذا?يقولك الطبيب او الوصفة ما عجبتنيش او لم اشفى بعد اقل من يوم!!!!!!!هذا تبذير للادوية المجانية و تبذير لوقت الطبيب و انهاكه في عمل شاق و تكريهه في العمل زيادة على كثرة المرضى و طول الانتضار،هذى هي حسنات مجانية العلاج في الجزائر.!!!لو كان المواطن يدفع ثمن الفحص و التامينات ترجع له لكان الامر احسن.
    اقولها لكم صراحة لم اعد اتلذذ بعملى و اصبح يصيبني شعور من الياس و القنطة كلما اذهب للمناوبة و هذا ما يشعر به جميع الاطباء.و لا حول و لا قوة الا

  • حليم حيران

    (لماذا كلّ هذا التعنت بين الأطباء ووزارتهم)
    (ويجنحون إلى لغة الحكمة والتعقل)
    والله نقابات الاطباء من اعقل نقابات و صبرت كثيرا حتى نفذ صبرها و لا خيارا اخر لها.
    بعدما كان اجر الطبيب الاعلى في فترة ما بعد الاستقلال و حتى السبعينيات اصبحت قدرته الشرائية تتهاوى يوما بعد يوم اهكذا نكافئ الدراسة.لما يرى الطبيب المغربي او الفلسطيني احسن حالا و اجرا ماذا تنتضرون من الطبيب الجزائري ? ايعقل ان الطبيب يفحص 50 مريض في اليوم و يطلب منه الابتسامة.البارح كنت في مناوبة منذ س 8 كملت على 3 صباحا منهكا و هذا في عيادة متعددة الخدمات و ليس استعجالات في مستشفى
    يتبع

  • الصيدلي الحكيم

    الدولة هي الطرف الذي تقع عليه المسؤولية.فليس لفرد من الشعب أن يتحمل مسؤولية فرد اخر.الدولة هي المسؤولة على مكافحة البطالة و الجرائم هي المسؤوبلة على توفير مسكن للمواطن و مطالبة بتوفير منصب شغل....الطبيب ما راهش كاتب الشعب معاه فالليفري.الشعب باش يروح يطالب الدولة تخمم عليه قاعد يعس في بعضاه و يحقر بعضاه.روحو اهدرو على بطاقة التعريف راهي داروهالكم بمليون و الا هاديك ما يقدرولهاش بصح التهجم على الطبيب و سبه ساهل؟؟