-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
يتحول إلى إشاعة وقودها التهويلات والأكاذيب

المرض في الصغر لعنة تطارد البنت بقية العمر

أماني أريس
  • 2227
  • 5
المرض في الصغر لعنة تطارد البنت بقية العمر

غير قضايا الشّرف التي تعتبر أهم قضية عامّة تقوم عليها سمعة الأنثى منذ صغرها، هناك قضايا أخرى لا تقلّ أهمية عن سلامتها الأخلاقية، وتتعلق بسلامتها الجسدية والعقلية، إذ لا يمكن أن يُهوّن خبر إصابة فتاة بمرض ما، دون اعتباره وصمة ترافقها بقية العمر، وفي الكثير من الأحيان يتفاقم الخبر؛ ليصبح إشاعة وقودها الأكاذيب والتهويلات تزنّ في آذان عدد من الناس، ويصعب تفنيدها أو كبح انتشارها.

ورغم توالي السنون تبقى الشائعات لعنة تطارد العديد من الفتيات بسبب حادث أو مرض وقع لهنّ في الصّغر، متسبّبة لهنّ في الإحراج، وتاركة أثرها السلبي البليغ على نفسياتهن، خصوصا في مرحلة الشباب. ويستدعي الموضوع اهتماما جادّا إذا كانت هذه الشائعات من العيار الثقيل ومن شأنها أن تضرّ بصحتهنّ النفسية، وتقف حجر عثرة في طريقهن نحو حياة طبيعية، سيما إذا تعلّق الأمر بحلم الزواج وتكوين أسرة.

عرقلت حياتي

سارة شابة تبلغ من العمر 29 عاما تعرضت منذ أن كان عمرها أربعة أشهر إلى نوبات التشنج جراء ارتفاع حرارتها، واستمر معها الوضع على شكل نوبات صرع، ومع خضوعها للعلاج الطبّي والرقية الشرعية بدأت تتعافى تدريجيا إلى أن شفيت تماما من المرض في 15 من عمرها، ورغم ذلك لم يشفع لها المجتمع، وظلت الإشاعات تلاحقها وتتبادر إلى أسماعها بقصص مختلفة، وتقول الفتاة: “أحيانا يتبادر إلى مسامعي أنني أعاني من الجنون، وأخرى من تلبس الجن، وطورا أنني أصبح عدوانية كلما أصابتني النوبة، رغم أنني لم أكن يوما عدوانية ثم أنني تعافيت من مرضي منذ أكثر من 14 عاما”.

أما عن موقفها عند سماع الإشاعات التي تلاحقها تقول الفتاة: “كنت أتلقى الإشاعات باستخفاف وهدوء لأنني مؤمنة بان إرادة الله فوق إرادة البشر، غير أنني تأثّرت كثيرا عندما تسببت هذه الإشاعات في عرقلة حياتي وحالت دون إتمام زواجي، فقد سبق وأن تقدّم لخطبتي شاب من مدينتي، وتم تحديد موعد زيارته مع أهله بشكل رسمي، لكنّه بعد أيام اتصل بي وقال لي أنه علم أنّني مصابة بالمسّ والجن و يمكن أن أتعرض له بالقتل، ورغم محاولاتي لإقناعه بأن الخبر كاذب إلا أنّه قرّر تركي، ما عساي أقول سوى حسبي الله ونعم الوكيل فيمن ينشر عنّي الإشاعات الكاذبة”.

لا يصدّقون أنّني شفيت

أميمة ذات 17 ربيعا هي الأخرى لم تستطع تكميم أفواه الناس عن إشاعة المرض عنها، وظلّت وصمة العقدة النفسية لصيقة بها، رغم سلامتها، وتفوقها في الدراسة وتقول الفتاة: “توفيّت جدّتي أمام عيني، وكنت متعلقة بها كثيرا، وأصبت إثر ذلك بصدمة، فأصبحت أعاني من السّرنمة، والخوف المفرط، والبكاء في المدرسة، لكنني تعافيت من ذلك بعد سنوات قليلة، وعادت حياتي طبيعية، والدليل أنني أزاول دراستي بنجاح وتفوّق، مع ذلك مازلت أرى الناس ينظرون إليّ بعين الشفقة، وينشرون عنّي الإشاعات بأنني مريضة ومعقّدة نفسيا” وعن طريقة تعاملها مع الوضع تقول: “والدتي تستاء كثيرا ممّن ينظرون إليّ بعين الشفقة، وأحيانا تدخل في خصومات مع من يستمرون في إشاعة المرض عنّي، ولا يصدّقون أنّني شفيت تماما، لكن أنا أحاول أن أخفي ألمي، وأسعى لأن أخرس ألسنتهم بنجاحي في دراستي وحياتي”.

أصبحت القصّة نكتة

وبروح مرحة، تستعيد أم برهان قصتها الطريفة مع تهمة إشاعة “الصّلع” التي طالتها، وجعلت خطبتها تتمّ على الطريقة العتيقة التي يُجسّ فيها جسد العروس، ويُشدّ بشعرها للتأكد منه إن كان حقيقيا أم باروكة. وعن ذلك تقول السيدة: “أصبت بمرض جلدي في صغري، تسبب في سقوط شعري وعندما شفيت من المرض اضطرت والدتي إلى حلقه لي تماما حتى ينمو كثيفا، انتقلنا بعد فترة إلى بيت آخر، ومرت السنوات، وأعجب بي ابن جيراننا القدامى الذي كان يشغل مكتبة غير بعيدة عن بيتنا الجديد، فأرسل والدته لخطبتي، وكانت متوجّسة لأنها سمعت من جارة أخرى بأنني صلعاء، وما إن وصلت إلى بيتنا وجلست قليلا، طلبت رؤيتي على انفراد، فأتت بها والدتي إلى غرفتي وانصرفت، فوضعت حماتي يدها على شعري وأخذت تتحسّسه، وتمرّر أصابعها بين خصلاته فذعرت منها وابتعدت، حينها ابتسمت وقالت “الحمد لله طلعت فلانة كذّابة” وأخبرتني بما قالته عنّي تلك الجارة متوعّدة بفضحها، ومنذ ذلك اليوم بقيت تلك القصة نكتة نتفكّه بها، وأصبح زوجي يمازحني بلقب “الصّلعاء”.

خوف لدرجة الجهل

وتدفع هذه الظاهرة الاجتماعية وتبعاتها إلى حرص بعض العائلات على إخفاء مرض بناتهم، وحفّ الموضوع بالسّرية التامة، وقد يصل التحفظ والخوف من كلام الناس إلى درجة الجهل، ورفض فكرة علاج الفتاة في مصحّات عقلية، أو الخضوع لمتابعات لدى طبيب نفساني، أو الانطواء وعزل الفتاة المريضة، وإخفائها عن أعين الناس حتى لا يذيع خبر مرضها، مثلما فعلته إحدى السيّدات بعدما تأكّدت من إصابة ابنتها بداء الصّرع وتقول السيدة في تعليقها على مقطع فيديو عن هذا الداء أنّها دخلت في قطيعة مع كلّ أقاربها، وأصبحت لا تخرج من بيتها سوى للضرورة القصوى، وحكمت بالسّجن على طفلتها المريضة ذات 5 سنوات إلى إشعار غير معلوم؛ خوفا من أن تحدث معها نوبة صرع، أمام الناس ويذيع خبر مرضها.

إرادة الله فوق كلّ شائعة

ولأهل الاختصاص في علم النفس الاجتماعي توجيهات هامّة في التعامل الأمثل مع هذه الظاهرة تتلخّص في ضرورة تقبّل مرض الفتاة كأهمّ خطوة في الموضوع، وطرد فكرة تأثير كلام الناس والإشاعات وتوقع السيناريوهات السلبية لمستقبل المريضة، وتشدّد خبيرة النفس الاجتماعي الأستاذة صونيا سدراتي بأهمية التصريح بمرض الفتاة لمن يعنيهم الأمر كمعلميها أو مديرة مدرستها، أو الأقارب و الجيران، إن كان ذلك في مصلحتها، بدل التصرفات العاطفية التي قد تفاقم المشكل أو تخلق مشاكل أخرى، مثل تصرّف السيدة الآنفة الذكر مع ابنتها، فالمرض أيّا كان نوعه ودرجته ليس عيبا وكلام الناس مهما بلغ من التزوير والتهويل لن يضرّ دون مشيئة الله، فإرادة الله فوق كل شائعة.

تبيّنوا أن تصيبوا قوما بجهالة

وبالعودة إلى مرجعية المجتمع الدينية والأخلاقية، نجد أنّ ظاهرة نقل الأخبار والإشاعات بصفة عامة من بين أبرز الظواهر التي حاربها الإسلام، ووضع القواعد والأوامر والنواهي الصارمة للحدّ منها، صيانة للأعراض، وحفظًا للعلاقات الاجتماعية من الوهن والتفكّك، فأمر بترك الغيبة والنّميمة والتجسسّ واللغو، كما حثّ على ستر المسلم لأخيه، وحذّر من مغبّة الفضح وإشاعة الفواحش، حيث يقول الرسول عليه الصلاة والسلام: “مَنْ سَتَرَ عَوْرَةَ أَخِيْهِ الْمُسْلِمِ، سَتَرَ اللهُ عَوْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ كَشَفَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ، كَشَفَ اللهُ عَوْرَتَهُ حتَّى يَفْضَحَهُ بِهَا فِي بَيْتِهِ”. أما أهمّ قاعدة في التعامل مع الشائعات فبينها الله عز وجلّ في قوله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)6 سورة الحجرات.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
5
  • واقعية

    مجتمع مريض نفسيا و يرمي فشله المستمر على المراة بامتياز لا وجود للدين او الايمان بالاقدار و لا شيء بل الجهل ثم الجهل

  • ss

    المرض ليس عيب بل هو ابتلاء أو حب من الله يخص به يشاء وفي أي ومرحلة من حياته و الله سبحانه العادل الكريم الرحيم الرحمان . فان كانت البنت مريضة فهذا قدر الله ما علينا سوى ان نرضى به ونسلم امرنا الى الله ونتخذ الاسباب لعلاجه فهو من الله وبالتالي سيكون سبب باذنه تعالى لدخول البنت واهلها الجنة اذا صبرت واحتسبت امرها لله.
    أما مرضى النفوس واصحاب الألسن الطويلة فهم مرضى في تفكيرهم وعقولهم.
    اختي , ابنتي اعلمى ان مرضك هم حب من الله وكفى وانطلقي في حبك لله واعلمي ان نصيبك ان لم تأخذيه في الدنيا الفانية ستاخذينه في الجنة الخالدة

  • Ll

    بسبب غلاء المهور و الطلبات الكثيرة اصبح الكثير من الناس ينضرون للمرأة كانها سيارة لا زم تكون سليمة و مديراش كيلوميطراج بزاف

  • ام دنيا

    هذو عل الاقل براو..ولي مصابين بمرض مزمن واش يديرو

  • Sai

    بعض الناس مرضى وفضوليون لحد الجنون لدرجة أنهم إذا رأوا شخصا قليل الكلام يقذفونه بالمتزمت والمنطوي ( المعقد) ناهيك عن الشخص الذي يكون به نوع من هذه الأمراض التي ذكرت سيدتي الكريمة فطبعا سيسمع منهم ما يسره.