-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

المستغلق في خيارات الخروج من الإغلاق

حبيب راشدين
  • 1545
  • 14
المستغلق في خيارات الخروج من الإغلاق
رويترز
باحثة في شركة RNA للأدوية خلال عمليات البحث للتوصل إلى لقاح مضاد لفيروس كورونا المستجد في مختبر في سان دييغو بولاية كاليفورنيا الأمريكية يوم 17 مارس 2020

قرار رفع حالة الحجر وما وصف بـ “التباعد الاجتماعي” بات اليوم أصعب وأعقد من قرار فرض الحجر الذي تداعت إليه حكومات العالم بحسابات مختلفة، وبأجندات سياسية خفية لا صلة لها بمنسوب انتشار وباء “كوفيد 19” قد يتسبب القرار في نشوب معارك كبرى، بين الحكومات الراغبة  في إعادة فتح اقتصادها، والقوى والمنظمات الدولية المهيمنة التي كانت تراهن على فترة حجر أطول، تكون كافية لتحميل جائحة “كوفيد 19” مسؤولية الكساد الاقتصادي الذي يطبب منذ 2009 بمساحيق التمويل الغير تقليدي.

وإذا كانت حكومة الصين قد أعادت بسرعة فتح اقتصادها، بعد النجاح في تطويق الوباء، وتبعتها إيران حتى مع استمرار تفشي الوباء، فإن الدول الغربية تواجه اليوم تعقيدات كثيرة في حسم الموقف، بين إصرار نخب العولمة فيها على إطالة أمد الحجر وحالة الرعب الذين سمحا لها حتى الآن بابتزاز آلاف المليارات من الدولارات أضيفت لثروات المرابين، وحاجة “القوى الوطنية” للخروج السريع من حالة الإغلاق، التي باتت تهدد مستقبل الدولة القطرية على أكثر من مستوى،

“أم المعارك” تدور رحاها اليوم في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث كان توظيف الجائحة بشكل مفضوح كحلقة من مسلسل صراع مفتوح، بدأ منذ انتخاب ترامب ودخوله في مواجهة مع شخوص “مستنقع واشنطن ونيويورك” من نخب العولمة المهيمنة على مؤسسات الحكم بواشنطن، وأربابهم في وول ستريت، كل طرف يريد حسم المواجهة قبل نوفمبر القادم موعد الرئاسيات الأمريكية، ولو بتفجير عصيان واسع لحكام كثير من الولايات لقرار رفع الحجر الذي يستعد له ترامب رغم تمنع الكونغرس وحكام الولايات.

نفس الصراع  يجري اليوم على مستويات متعددة في كبرى الدول الأوروبية، التي “تقاتل” على أكثر من مستوى لإنقاذ مؤسسات الاتحاد الأوروبي المتهالكة، وعينها على “أم المعارك” بالولايات المتحدة، التي سوف تحدد بلا شك معالم النظام العالمي ما بعد “كوفيد 19” إما بانتصار أرباب العولمة، واستلامهم مجددا قيادة إعادة التعيين (reset) للنظام العالمي بأقل خسارة ممكنة، أو بانتصار محتمل لـ “القوى الوطنية” التي تريد إعادة تعيين النظام الاقتصادي والسياسي العالمي، بتفكيك النظام المالي والنقدي المهيمن منذ ” بروتن وودز”.

ولأن حجم اقتصادياتنا في العالم العربي، لم يكن في مجموعه يعادل الدخل القومي الخام لدول متوسطة مثل إسبانيا أو إيطاليا،  فإن التحديات المطروحة على حكوماتنا حيال قرار رفع الحجر وتوقيته، لها أبعاد اجتماعية وأمنية أكثر منها اقتصادية، هي التي توجب أن يوجه قرار رفع الإغلاق الانتقائي المتدرج، يبدأ بإعادة النشاط للمؤسسات الإنتاجية، ولما هو ضروري من قطاع الخدمات، والبحث بجدية في ترحيل الفصل الثالث من المقرر التعليمي في جميع الأطوار إلى بداية فصل الخريف.

ومع التسليم بمشروعية المخاوف التي دفعت بحكوماتنا إلى تدبير إغلاق شبه تام، لم تكن تبرره حالة الانتشار المتواضع للوباء، وواجب تقدير وتثمين مغانم  ومغارم تجربة الإغلاق، من جهة ما منحته من فرص لتدريب مؤسسات الدولة على إدارة حالة الإغلاق، تحسبا لتهديدات قادمة غير مستشرفة،  وفوضى عالمية مرتقبة، فإن إعادة فتح بلداننا في الداخل، تسهيلا لعودة النشاط، مع مواصلة العزل على حدودنا بصرامة حتى تتضح الصورة، يبقى أفضل خيار ممكن، إلى أن تحسم معركة “إعادة تعيين” النظام العالمي.

وفي الوقت الذي علت فيه أصوات منكرة، تسوق لتعطيل فريضة الصوم بعد تعطيل فريضة الجمعة، يفترض من ولاة الأمر، قبل فقهاء الأمة، أن يتدبروا مليا تبعات أي قرار سياسي يحمل بالقوة رعاياهم على الدخول في معصية الخالق، هي عند كل مسلم محكومة بمبدأ “لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق” وقد كان بوسعهم أن يجتهدوا في تدبير بدائل وحلول آمنة  تعفي المسلمين من تعطيل فريضة الجمعة، في زمن معرض منذ بداية الألفية الثالثة لجائحات وبائية موسمية، لم نعد نميز فيها بين ما هو من صنع الطبيعة، وما هو من فبركة المخابر.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
14
  • محمد

    اشكرك استاذ على تحليلاتك الجادة واوافقك الراي في ظرورة الانغلاق على الخارج والانفتاح الداخلي هذه فرصتنا للنهوض دون حاجة لاحد يكبلنا بدل ان يساعدنا تهانينا للشعب الجزائري بشهر رمضان

  • أبو نوفل

    السلام عليكم الحجر الصحي هدي نبوي وإجراء وقائي يقدره أهل الإختصاص برفعه أو تخفيفه وما ينطبق على غيرنا ليس بالضرورة ينطبق علينا و على كل متبصر وحكيم أن يوجه نفسه وعائلته لالإبتعاد عن الشعبوية وأن يترك الامر لأهله لأن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها.وشكرا

  • جلال

    الشعائر كالصلاة والصوم تكليف مفروض تتطلب صبرا هى بين العبد وربه يتحمل مسؤوليتها لوحده.ما ينقصنا هو الأخلاق الإجتماعية أو الأعمال الصالحة مثل احترام القانون والإخلاص في العمل، واحترام الملكية العامة والخاصة، ورفض الرشوة والفساد والمحسوبية والواسطة، والتزام الموضوعية والإنصاف والعدل، إلخ وهذا الأهم للاستقرار والتطور والبقاء في عالم اليوم. ربما يكون أكثر الناس تظاهرا بالإيمان هم أكثرهم رياءونفاقا يتقدم الصفوف ( يأتي يومَ القيامةِ بصلاةٍ وصيامٍ، وزكاةٍ، وقد شتَم هذا، وقذَفَ هذا، وأكلَ مالَ هذا، وسفكَ دمَ هذا، وضربَ هذا، فيُعْطَى هذا من حَسناتِه، وهذا من حسناتِه، ..الى آخر الحديث)

  • كن يقظا

    ولكن ياسي راشدين المأمور ليس له خيار أما الفتوى فلا تلزم إلا صاحبها أو المقتنع بها

  • بن مداني عبد الحكيم

    حقيقة كورونا اربكت كل شيئ واختلط فيها الحابل بالنابل فلا صيد اذا اختلطت الأمور ولا يعرف الأنسان له وجهة أين نحن في هذه العاصفة و من يقود " زمن غابت فيه كل المرجعيات ودخلت حجر الضب " وتخبط الناس و تعلقوا وشك الأنسان في كل المفاهيم فرضت كورونا تغييرا في كل شيئ ومور وشعر الأنسان أنه يفقد السيطرة على زمام الأ مور وتعقدت حتى الفوضى ولكن في خضم هذا المحيط الهائج عندا أيمان ويقين عندنا تفاؤل ولكن حذر وهدوء بخطى ثابتة فقط يجب ان تكون لنا أفعال مدروسة بعلم وايمان

  • لزهر

    En 1942 les états Unis transforment leur économie en crise en économie de guerre et se lencent dans le "victory programmes"
    Une guerre totale

  • مواطن

    هناك أمر آخر مهم على علاقة بانتشار الامراض و الأوبئة و هو الاكتضاظ السكاني و العمران المتراكم بعضه فوق بعض. نحن بلد قارة و ما يجب فعله هو سياسة عمرانية جديدة تخفف الاكتظاظ بانشاء مدن متوسطة و صغيرة في الداخل و الصحراء و إحياء الارياف بنقل الخدمات. سياسة معاييرها التوسع الأفقي و توسيع الشوارع و المساحات الخضراء و المرافق الجوارية المتنوعة. الهواء و الشمس و الوساعة و النظافة و الهدوء و الجيرة الطيبة و الجمال و الحركة و اللقمة الطيبة هي أساس الصحة النفسية و الجسدية. لا تتوقعوا أن ننشئ مجتمعا سويا صحيحا بعشوائيات و أحياء مراقد و باطيمات و بلد قارة يعيش جل سكانه في مدن مكتظة في الشريط الساحلي.

  • مواطن

    أؤيد الكاتب فيما ذهب إليه من ضرورة (إعادة فتح بلداننا في الداخل، تسهيلا لعودة النشاط، مع مواصلة العزل على حدودنا بصرامة حتى تتضح الصورة..). ليس ذلك فقط بل يجب المسارعة الى إنشاء "فريق وطني للرصد و التفكير" مؤلف من علماء الدين و الصحة و التربية و التعليم و السياسة و الدفاع و الاجتماع و الاقتصاد تكون مهمته فهم التغيرات العالمية و رسم رؤية و استراتيجية وطنية للمستقبل. لماذا الدين أولا؟ لأنه في هذه الأزمة كما كل الأزمات كان هو ملاذنا روحيا و نفسيا و وقاية جسدية و تضامنا اجتماعيا بل سارعت الدول الرأسمالية الكبرى الى إزالة الفوائد الربوية. هذه الرؤية و الاستراتيجية نحن بحاجتها حتى من دون كورونا.

  • فداء الجزاءىر

    الى الاخ المعلق ALMANZOR اعتقد ان العالم سيكون بالف خير ولو تسقط قوى الامبريالية بقيادة امريكا التي فشلت بكل المقاييس في قيادة العالم و لنا نحن العرب تجارب مرة مع المتشدقين بالديمقراطية والحرية فتعرضنا الى الاستعمار الذي قتل وسلب بكل ماتعنيه الكلمة من معنىوهي اليوم تمارس نفس الاساليب في عدة بقاع من الارض ولك في فلسطين و العراق عبرةان الصين ستبقى افضل لو احتكمنا الى المنطق فهي لا تتعدى حدودها ولا تحتل الدول وبالنسبة لقضية الايغور فهي حديثة العهد وناتجة عن تخوف غير مبرر من الاقلية المسلمة حفظها الله وقد تحل المشكلة عن قريب و لا يمكن ان تقارن بتاريخ امريكاوشاكلتها ذات التاريخ الطويل في الاجرام.

  • فداء الجزاءىر

    شكرا حبيب على التحليل القيم اذا كانت جاءىحة كورونا بفعل فاعل و لا يكون سوى ارباب المال والاعمال و اصحاب النفوذ و المسيطرين على مقاليد الحكم في العالم فان الهدف من اغلاق العالم له هدف مبيت لا يخرج عن اسلوبهم المعتاد و الانتظار في المنعرج للحصول على الغناءىم من بيع السلاح وقت الحروب والادوية وقت انتشار الامراض ان القوى المهيمنة والتي لا ترى بالعين المجردة شانها شان كورونا اصبحت المستفيد الاول في كل الحالات و خاصة وقت الازمات التي تعمل على هندستها لالحاق الضرر بعامة الناس،و الطبقة الكادحة فيما تبقىالطبقة البرجوازية في مامن وبحماية من مالها و مكاسبها و ما يهمها سوى وضع مزيد من الاغلال على الرقاب

  • عبد الله

    ترامب الملياردير يواجه وول ستيريت؟! روح الله يهديك!

  • ALMANZOR

    أسوأ ما يمكن أن يقع هو أن تتمكن القوى الوطنية الراديكالية، مثل الصين ،الداعمة للدكتاتوريات من حكم العالم. الوطنية و الشوفينية ليست بأقل سوءًا من العولمة، لأنها ستقمع الحريات، و تجهز على الديمقراطية، و لكم في ما يجري للمسلمين الأويغور عبرة...

  • لزهر

    شكرا استاذ
    اذا بقينا ننتظر الآخرين فهو تضييع للوقت.
    ووقوفنا كالمتفرج و تتبع الأحداث لا يأتى بشيء. لان الاقتصاد الجديد سيعتمد على السرية وليس العلنية. لقد اعتمدت الولايات المتحدة الأمريكية هذا الأسلوب قبل قبل بداية الحرب العالمية الثانية (باستعمال اليد العاملة النسوية) و التقشف وكانت لا ترمي شيء في القمامة(recyclages) و زرعت حتى الموكولات على رفوف المنازل و الساحات.
    يبدو هذا خيالي لكنها الحقيقة.
    فرض أزمة اقتصادية داخلية و البداية من الصفر هو الأحسن. فإذا كان الموز غير متوفر في رمضان هذا لا يحرمنا من الصوم.

  • رضوان

    هل يتحقق تنبؤ شبنخلر بسقوط الغرب بعدما أثبتت أطروحة نهاية التاريخ فشلها على أكثر من صعيد؟ إلى أن تتجه غاية التاريخ؟ هل إلى دورة حضارية نحو الشرق؟ أم سيظل آل روتشيلد يتحكمون في توجيه حركة التاريخ إلى حيث يخدم استدامة مصالحهم ورؤية الصهونية العالمية مهما اختلفت إيديولوجياتها؟ ، وإذ أريد مشاركتك هموم النضال من أجل التعجيل بنهاية الرأسمالية العالمية من خلال طرح هذه الأسئلة، أود أن أشكرك أستاذنا حبيب على إسهامك في الرقي بمستوى التفكير والكتابة في الجزائر.