-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الملايير المبعثرة في الشوارع!

الملايير المبعثرة في الشوارع!
ح.م
سامي عاقلي

لم يكشف السيد سامي عاقلي، رئيس الكونفدرالية الجزائرية لأرباب العمل، سرّا، عندما حدّد رقم الكتلة المالية التي يتداولها الناس في السوق الجزائرية الموازية للعملة الصعبة بنحو ستين مليار دولار، وهي ميزانية دولة عظيمة تصدّر الطائرات والبواخر والأسلحة، ولكنه من باب التذكير الذي مازال نفعه مُغيّبا عنا إلى حد هذا الرقم المهول الذي يتجوّل في الشوارع والحارات بين أيدي شباب وكهول يبيعون العملة كما شاؤوا ويهدمون بنيان الدينار الجزائري كما شاؤوا، في محرقة اقتصادية لا مثيل لها في العالم.

ولم يبالغ وزير تجارة سابق هو حاليا في حالة فرار، عندما قدّر رقم السلع المستوردة التي تباع في الشارع من دون سجل تجاري ولا ضريبة، بقرابة الخمسين مليار دولار في السنة، وهي أيضا ميزانية دولة عظيمة تصدّر السيارات والقمح وما لذّ وطاب لدول المعمورة. وكلها أرقام تبيّن مدى البؤس الاقتصادي والمالي الذي تعيشه البلاد والموروث عن أربعة عقود على أقل تقدير من السياسات الخبط عشواء التي رمت “برامجها” في الشارع، فاحتضنها بعض الشعب وتبنّاها وجعلها ثقافة حياة وأمر واقع في غياب السلطة، التي تصحو بين الحين والآخر من غفوتها من دون أن تقوم.

عندما نعلم بأن قيمة تحويلات العمال المصريين في الخارج قد قاربت الثلاثين مليار دولار في السنة بحسب وزير المالية المصري محمد معيط، وبأن قيمة تحويلات العمال التونسيين العاملين في فرنسا وإيطاليا تفوق عائدات السياحة التي تستقبل تسعة ملايين وافد من دول العالم، بحسب محافظ البنك المركزي التونسي السيد مروان العباسي، بينما يستفيد من هذه الثروة القومية، بارونات “سيكورات” البلاد التي ساهمت في سنوات الفساد التي عصفت بالبلاد، ندرك لماذا نسفت المنظونة المالية في الجزائر كل الأرقام التي قرأناها في المدرسة، وتركت الأصفار الدائرية مثل حبل المشنقة، التي حكمت بالإعدام على كل القطاعات في الجزائر.

هناك إجماع على أن الاقتصاد الجزائري مصاب بأورام خبيثة وفي حاجة إلى إنعاش سريع بعد أن صارت أعراضه ملموسة في الشارع قبل الفحص السريري، وبأن المنظومة المالية موبوءة بكل الفيروسات التي انتقلت بطفراتها إلى كل القطاعات الحيوية، ولا يمكن للجزائر أن تتحدث عن عهد جديد في سنة جديدة من دون أن تزيل هذه الأورام وهذه الفيروسات ليس بالعلاج الكيميائي العابر فقط، وإنما باللقاح القانوني الصارم، الذي يمكن عبره أن تنتقل الثروة والقانون من الشارع الفوضوي إلى الدواليب المحركة لاقتصاد صار كثيرون بمن فيهم المسؤولون عن البلاد، يشكّون في وجوده أصلا، وليس تراجعه فقط.

لقد طرق الجزائريون بكثير من الأمل باب سنة 2021، وعينهم على عهد جديد يرون فيه بلادهم تقتلع غابات “الطحالب” التي نبتت في الأرض الطيبة السخية التي كانت مثل الجنة تعطينا ما لا عين رأت، وسحاباتها أينما أمطرت وصلنا خراجها، فهلا تحققت أمانيهم!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!