-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

المهنة.. مجرم!

جمال لعلامي
  • 967
  • 1
المهنة.. مجرم!
أرشيف

انتشار الجرائم بين الأفراد داخل المجتمع الجزائري، هو دون أدنى شك، ليس مسؤولية مصالح الأمن وجهاز القضاء والسجون وحدها، وإنما هي مسؤولية مشتركة تمتدّ إلى المساجد والإعلام والمدرسة والجامعة، وقبلها الأسرة، التي أصبحت في كثير من الأحيان حاضنة لمشاريع الإجرام! المصيبة أن المتورطين أو “المهيّأين” لارتداء عباءة المجرم، لم يعودوا مستعدين لسماع مواعظ الإمام، ولا نصائح الجيران، وهم قبل ذلك غير مكترثين بالوصاية الأبوية للعائلة، ولذلك لم يعد الردع بالنسبة إليهم سوى جزئية بسيطة لا يُمكنها أن تغيّر أفكارهم، التي تشبّعوا بها في ظروف مشبوهة، أغلبها مرتبط بظروف اجتماعية استثنائية، وأسباب مهنية، ودوافع لها علاقة بروح الانتقام وبسبب الانتشار الرهيب للمخدرات والمهلوسات!
“الجزائري” الذي يذبح “جحشا” ويسلخه تحضيرا لبيع لحمه إلى المواطنين في شهر التوبة والغفران، هو أيضا مجرم، لا يختلف كثيرا عن قاتل صديقه أو أخيه.. ومن يرفع الأسعار بطريقة بهلوانية بهدف “ذبح” المستهلكين في رمضان، هو كذلك “مجرم” من نوع آخر، يتشابه مع سارق قفة رمضان الموجهة أساسا وتحديدا إلى المعوزين والفقراء في شهر التضامن!
من يتعمّد عدم احترام قانون المرور، ويرتكب مخالفات قاتلة، تتسبب في إرهاب الطرقات ومجازر يسقط فيها ضحايا، أليس هو الآخر “مجرما”؟.. أليس الغشاش الذي يسوّق اللحوم الفاسدة والسلع الغذائية منتهية الصلاحية، في رمضان، هو كذلك “مجرما”؟.. أليس المطفّف في الميزان، “مجرما” كغيره من المجرمين الذين لا يفكرون إلاّ في أنفسهم؟
مخطئ من يعتقد أن الإجرام هو قتل فقط، ومخطئ من اختزل قائمة المجرمين في حامل السلاح الأبيض، ومستبيح دماء الأبرياء والعزل، وإنما من يدخل يديه في جيوب “الزوالية”، ويخادع الآمنين في قوتهم ومسكنهم وسكينتهم وأبنائهم، كذلك من أولئك المدرجين في القائمة السوداء!
من يقتل الناس بـ “القنطة” وسوء التسيير و”الحقرة” عبر المجالس “المخلية”، وبالقرى والمداشر والولايات، هو أيضا تورّط من حيث يدري أو لا يدري في أفعال إجرامية يُعاقب عليها القانون وتذمّها الأخلاق، ومن يُبرم الصفقات المشبوهة ويُمارس التدليس جهارا نهارا، وينصب ويحتال، هو كذلك من مجموعة الإجرام والمجرمين!
هل هناك فرق بين من يسرق الأفكار وبراعة الاختراع، وبين من يسرق الجيوب وجهد الآخرين وعرقهم؟.. هل هناك فرق بين قاطع الأعناق وقاطع الأرزاق؟.. هل هناك فرق بين سارق الأموال وسارق الأحلام؟… الإجرام، إن لم يتبدّد فسيتعدّد أو يتجدّد، وهذا هو الخطير!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • عبد المالك - الجزائر العميقة

    السلام عليكم أستاذ لو عدنا قليلا إلى الوراء حتى كلامنا كان مهذبا كان المجتمع متخلق فمنذ تحييد التربية الإسلامية من برامج التعليم وأصبحت الرسوم المتحركة تدعو للعنف للصغار وأفلام الرعب للكبار عبر كل قنواتنا وحتى القنوات الأخرى ..أصبح إبنك محاصر في الزاوية إما التعنيف أو التوحد وإذا خرج إلى الشارع يمتهن ترويج المخدرات أو معاكسة البنات أمام الثانوبات خاصة إذا كان يملك سيارة .. هذا أقصى ما يمكن فعله .. أما الأبوين فقد إستقالا منذ زمن ومهمتهم تكلف بها التلفزيون والخادمة والفيسبوك والأنترنت بصفة عامة وانطبق علينا البيت الشعري :
    ليس اليتيم من مات أبواه O إنما اليتيم من كان له أم تخلت وأب مشغول